عباس زينل ||
مراسيم الأربعينية على وشك الانتهاء، ولكن أثناء هذه المراسيم كنت قد ناقشت الكثير، وشاهدت الكثير وسمعت الكثير حول القضية، مرة احدهم أوصل لي فكرة بأنه مجرد ان يزور او يخدم؛ كأن يقطع السير للتوزيع او يمشي لعشرات الكيلومترات فسينجو!
بعنوان لست من الصالحين ولكنني أحب الحسين، وسيخلصني من دخول النار بمجرد حبي له!
ثم أحدهم يظن بأنه كلما تركت السلاسل الحديدية اثرا قوياً على ظهره، او كلما كانت الحفرة الناتجة من الطبرة قوية، او كلما احمرّ صدره من اللطم؛ فكلما كان قريباً من الحسين واهله، وعندما تصفحت التواصل في مشاهد اخرى، شاهدت الكثير يمشون وآخرون يصورونهم!
ثم آخرون ينشرون بأن الفلان الفلاني تشرف بزيارة الحسين، كبار وذو مكانة وفي واجهة المجتمع جل غايتهم يمشون والكاميرات تلتقطهم، هذا في حال لم يكن هناك أتفاق مسبق مع المصور.
هؤلاء كانوا شيعة، واما بعض الشباب من الاحبة الاخوة السنة؛ فبعضهم يعتقد بأن الفكر الشيعي يختصر بما يدعي هؤلاء الذين ناقشتهم أعلاه، او منهم يعتقد بأننا نعبد الحسين او تربته او ضريحه او نقصد الشرك عند القول ب ” يا حسين “، ومنهم من يرى بأن البكاء والشعائر الحقيقية الأخرى ليست بشعائر وإنما مجرد بدعة ابتدعتها الشيعة.
وفي جانت آخر رأيت شيعي متعجب ايضاً من البكاء والمشي، وعندما سألته عن السبب؛ قال ما الفائدة من هذه الأعمال والشعائر والحكومة فاسدة، لو كنتم تعرفون الحسين لماذا خرج؛ لتوجهتم إلى أبواب الخضراء، وفي مناسبة أخرى شاهدت مناقشة فيسبوكية في التعليقات احدهم اعتقد منتسب في احدى العتبات وكان غلافه ” طوفان الأقصى ” على الفيسبوك، وفي نفس الوقت كان مضجرا من القول المجازي لحفيد الامام الخميني ( امل ان تقام الاربعينية القادم في القدس )، ومعلقاً بغضب بأن القضية الحسينية مختصة بكربلاء وفقط، ولا نريد ربطها بأي قضية اخرى، نريد فقط النوح والبكاء.
هؤلاء افراد بسيطة نعم، ولكن في الحقيقة يعكسون انتماءات وأفكار الملايين.
أنا لست في محل الناصح هنا، ولكنني اتسائل من يوحد مفهوم الحسين وقضيته في نظر هؤلاء، من القادر بإيصال معنى قيام الامام ومعنى الشعائر الحقيقية ومعنى الإمامة، لأننا لو ولدنا بنفس البيئة التي هم عليها، لكنا رأينا مثلما يرون، هذا في حال غياب المنطق العلمي والفكري والتزمت بالفكر والتقاليد المحيطة.
نعم الحسين هو النجاة ولكن ليس لمن هب ودبّ، الزيارات والشعائر الحقيقية مهمة ولكن ” لمن زاره عارفاً بحقه “، خرج ضد الظلم نعم ولكن ليس بمفهوم مقيّد وانما أوسع وأكبر، اي من اجل دين جده وليس من اجل “التعيين” الخلافة، التربة والزيارة والهتاف والخدمة بمعرفة وتعمق نعم، وليس بالمشاعر والتقاليد، الخدمة في المواكب ومن غير رياء ومن المال الحلال ثواب كبير ولكن ليست عمق القضية هي، تفاصيل وإشارات أخرى كبيرة لكن باختصار؛ نحتاج فهم عبارة كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء، فهمها بشمولية وتوسع وتعمق اكبر.