الضامرون إلى سيد الشهداء..!

زمزم العمران ||

قال تعالى في كتابه الكريم : {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}

فريضة الحج هي أحد أركان الإسلام، وقد أشار القرآن إلى عددٍ من مقاصد هذه العبادة العظيمة، والتي متى تأملها المتدبّر للقرآن أثمرت في قلبه تعظيمًا وحضورًا ، ومثلما تهفو النفوس لزيارة بيت الله الحرام لتنال شرف هذه الزيارة مرة في العمر لتلبية نداء إبراهيم (عليه السلام) الذي أمره الله سبحانه وتعالى بتبليغه للناس كافّة، فقال تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}.

فكما فريضة الحج وحدت المسلمين خلال ادائهم الأعمال العبادية من وقوف في عرفات، ثم التوجه الى المشعر الحرام، ثم المبيت في منى، وحتى الطواف حول الكعبة المشرفة ،فأن كربلاء موسم حج آخر يتسابق الصغير قبل الكبير لينالوا شرف هذه الزيارة العظيمة ليلبون نداء الحسين (عليه السلام) “هل من ناصراً ينصرني ” جيل بعد جيل يصدح هذا النداء في ضمائرهم الحية ليكون هذا الزحف المليوني الكبير جواباً بلبيك ياحسين من سائر دول العالم ، فهي مراسيم إحياء اربعين الامام الحسين، عليه السلام، وهي من شعائر الله ثمة فرصة اخرى ومن نوع خاص، لتعزيز أواصر الأخوة والتقارب بين المسلمين، وهذه المرة في زمان ومكان واحد؛ وهو الطريق المؤدي الى كربلاء المقدسة، حيث يلتقي الايراني والخليجي والباكستاني والافغاني واللبناني وحتى الافريقي، ومن مختلف انحاء العالم، في منظر ربما لا يتكرر في أي مكان آخر.

تختلف الإجراءات والخدمات من دولة لأخرى ،في مثل هذه المناسبات العظيمة ففي موسم الحج يكون الكرم محدود أو مدفوع الثمن ومحصور عند أشياء معينة وحتى في خدمتهم ترتبط مصالحهم ففي جهدهم الحكومي يستثمرون موسم الحج حتى يحققون أكثر أرباحاً أما في زيارة الأربعين الكرم لاحدود له من حيث المأكل والمشرب والمبيت كل هذه الخدمة في سبيل الله ، حتى الجهد الحكومي يستثمر كل مجهوده في سبيل خدمة الزائر من سيارات حكومية الجيش والشرطة وسيارات الحشد الشعبي وزارة النقل تستنفر جهودها لأجل خدمة الزائرين من كل بقاع العالم ، ففي خدمتهم هذه قدموا العراقيين درسٌ بليغ للشعوب كافة بأن النهضة الحسينية تعطي رسالة دقيقة وواضحة لهم وللعالم بعدم وجود اجنبي وغريب بين ابناء الدين الواحد الذي ضحّى الامام الحسين وأهل بيته من أجل إحيائه وإحياء قيمه ومبادئه.

أن النهضة الحسينية مرتبطة بالرسالة المحمدية أجتماعياً، فأن النبي( محمد صل الله عليه وآله وسلم) أزال حاجزين أساسيين أولهم الجغرافي بأن وحد بين بلاد المسلمين ، والثاني الحاجز النفسي بأنه وحد بين قلوبهم وجعل المعيار التقوى والايمان والعمل الصالح ، وليس العرق او اللغة او القومية او المستوى الاجتماعي، ولعل هذا ما يفسّر المؤاخاة التي بادر اليها رسول الله، صلى الله عليه وآله، في أولى خطواته لتأسيس المجتمع الاسلامي لدى دخوله المدينة، عندما آخى بين المهاجرين والانصار، فلم يبق سيد وعبد، او فقير وغني، او من ينتمي الى هذه المدينة او تلك القبيلة، وبفضل هذا النسيج الاجتماعي المتألق انطلقت الحضارة الاسلامية الى أعالي التقدم العلمي والمعرفي وقدمت ما قدمت من انجازات ما يزال علماء الغرب يشهدون لها بالفضل.

وفي كربلاء الحسين، التحم العبد بالسيّد (مولى أبي ذر)، بل والمسلم بالمسيحي (وهب) ليصنعوا الملحمة التاريخية المدوية والهادفة الى إصلاح ذات الانسان، ومنذ تلك الواقعة، اضحت كربلاء مصدر إلهام للثوار والمصلحين من البلاد الاسلامية وحتى غير الاسلامية.

شاهد أيضاً

وزير خارجية سلطنة عمان: نتطلع لمشاركة ناجحة للجانب العماني في معرض بغداد الدولي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *