رياض الفرطوسي ||
تعرض العراق مثله مثل الكثير من الدول الى محن وحروب وكوارث ‘ حدث نتيجة لذلك الكثير من المتغيرات التي استطاع ان يتجاوزها ويتخطاها بحسم . العراق مذ وجد وهو يمثل نموذج للتحد والصمود ( والعناد الوطني ) . لكننا اليوم نقف على اعتاب مرحلة جديدة وفاصلة من تاريخه المعاصر ‘ حيث ثمة متغيرات جذرية كثيرة .
نأخذ في نظر الاعتبار رؤية المستقبل ‘ لكن بنفس الوقت ثمة تحديات كثيرة في طريق هذا المستقبل خصوصا وان العراق قد تعرض تاريخيا لنوع من المقاومة . ففي كل مرة يحاول فيها ان ينهض تشتد حوله المؤامرات وتتكالب عليه الاحقاد .
لكن ما لا يعرفه البعض ان هذا البلد دائما ما تحيط به العناية الالهية التي تأخذ بيده في ساعات المحن .ومما يؤكد مكانته الدينية هو التعدد المذهبي والديني حيث ترعرعت فيه الكثير من الاديان السماوية وهو ما يشكل عنصر من عناصر التوازن بين جميع الطوائف المختلفة . العراق اليوم في اتجاه بناء برنامج اقتصادي واصلاحي وتنموي الى جانب ذلك هناك يقظة امنية ضد الارهاب والمخدرات ومكافحة الفساد والانحرافات الاخلاقية ‘ لقد هدأت الفورة الاجتماعية والسياسية ولابد للسياسة ان تأخذ دورها في تحقيق امال وحقوق الناس بمعنى العمل بأتجاهين فوقي وتحتي .
العراق قادر ان يفعل ذلك لانه يؤكد هنا مكانته الحقيقية ودوره عبر العصور. لقد دفع الشعب العراق ثمن تحديه حيث عانى وكافح وصبر وما زال يفعل ذلك لانه يتطلع الى البناء والتغيير . لقد ادركت كل فئات المجتمع العراقي ان الخلاص الحقيقي هو بقبول هذا التحدي من اجل بناء عراق قوي ومقتدر .
لابد هنا من طرح بعض النقاط المهمة :
اولا : التركيز على الاهتمام بوسائل التعليم ‘ من مناهج واساتذه ومدارس لان هذه الامور تشكل المكون العلمي والتربوي للعقل العراقي الذي لا يمكن ان يتألق ويبدع من دون ان يكون مستعدا ذهنيا . وهذا يساعد في تفكيك المحتوى العقلي ( التخلص من رواسب والتراكمات والتناقضات الحادة ) .
من هنا تأتي اهمية التركيز على وعي الانسان وصناعته وهو ما يشكل النموذج الامثل الذي يصلح لقيادة المستقبل.
ثانيا : ان التعددية التي يتمتع بها العراق تسمح له ان يمضي في اكثر من اتجاه بمعنى ان لا نقف مكتوفي الايدي ونعيش في اطار حالة واحدة ‘ بل يجب ان نكون في وضع التجدد والحيوية بحكم كثرة الآفاق التي يسبح فيها العراق وهي مهيئة لان يأخذ دوره الريادي من جديد في المنطقة والعالم .
ثالثا : العراق دولة مهمة وشامخة امام المواقف والتحديات الصعبة وقد عرف عن شعبه بأنه شعب منيع يقف ببسالة امام اي تهديد يمس الكرامة والسيادة . لكنه بنفس الوقت ‘ شعب صبور ومتسامح ومرن ويترك للدبلوماسية السياسية والحكمة ان تأخذ دورها. قدم العراق للمجتمع الدولي نماذج باهرة من المفكرين والعلماء والمتخصصين في الكثير من العلوم والفنون فضلا عن ريادته في الادب والثقافة .
كان وما يزال قادرا على امتصاص الازمات التي يتعرض لها ويتغلب عليها . وها نحن اليوم امام تجربة سياسية جديدة وحكومة هادئة ومتوازنة ترسم ملامح العراق القادم ‘ ومن خلالها سيكون بلدنا قويا كما عهدناه في كل التحديات .
كل من عاش في هذا الوطن ونهل من علمه ودرس في مدارسه ‘ ادرك شموخه ومنزلته ورفعته بين الشعوب .
وهذا ما سيكون ان شاء الله تعالى .