الكاتب || د. إسماعيل النجار
واشنطن تسرق الوقت بحجة المفاوضات لصالحها وتعطي نتنياهو فرصة إرتكاب المزيد من الجرائم،
مسؤولون أميركيون وصهاينة يعتقدون بأنه كُلَّما تأخر الرد الإيراني اللبناني على الكيان كُلما إزددوا يقيناً بأن شيئاً كبيراً جداً يتم تحضيره لإسرائيل،
كما يرون (الأعداء) في ثبات إيران وحلفائها على مواقفهم إصراراً على تحقيق مطالب الفلسطينيين أو إنتظار العواقب،
من هنا اعتبرت واشنطن بأن حظوظ الحرب في منطقة الشرق الأوسط ومبررات نشوبها متوفرة أكثر من أي وقت مضىَ وأن حزب الله اللبناني لديه ثوابت سياسية واعتبارات إسلامية وعربية لها خصوصيتها لا يمكن أن يتزحزح عنها،
فقررت المماطلة والمناورة والإحتيال واللَّف والدوران لكي تستحصل على أطوَل مدة ممكنة تمكنها من تمرير ملف الإنتخابات الرئاسية أو الحصول على صفقة مُرضِيَة مع إيران والمقاومتين اللبنانية والفلسطينية تُتيح لمرشح الحزب الديمقراطي “كاميلا هاريس” كسب نقاط سياسية تُقدمها على منافسها الجمهوري القوي الرئيس السابق دونالد ترامب،
إذاً غزة هي الرافعة للحزب الديمقراطي الأميركي وهي الحُفرة العميقة له،
من هنا كانت الإستراتيجية الأميركية بشأن وقف إطلاق النار في غزة ترتكز على عدة نقاط لتجاوز رفض حركة حماس وكسر عناد نتنياهو، وخصوصاً أن خطأ اغتيال إسماعيل هنية كانَ له مردود سياسي سلبي إستراتيجي على المفاوضات وعملية تدوير الزوايا،
فما الذي تغيَّر؟
أولاً: كانَ الشهيد هنية مفاوضاً براغماتياً هادئاً يمكن لأي وسيط عربي أو غير عربي مناقشته بكافة الأمور المعقدة في المفاوضات حتى لو كانَ متصلباً بمواقفه بشأنها،
ثانياً: كانت الدوحة التي تستضيف الشهيد مؤثرة عليه وعن قُرب في بعض قراراته على أغلب الأحيان من باب الصداقة والمَونَة، “ف”بإغتياله وإنتخاب القائد يحي السنوار رئيساً للمكتب السياسي أصبح للدور المصري فُرصة أكبر من الدور القطري لقرب مصر من غزة وإتصالاتها الأسهل مع قادتها ومنهم السنوار،
نقاط التباين والخلاف بين حماس وواشنطن كبيرة جداً والفجوة عميقة يصعُب ردمها، واحدة من العُقَد الصعبة بين الطرفين أن حماس تريد وقفاً شاملاً لإطلاق النار، وإنسحاباً شاملاً للجيش الصهيوني خارج القطاع،
بينما واشنطن تريد وقفاً مؤقتاً وانسحاباً تدريجياً، الأمر الآخر أن حماس تريد عودة النازحين إلى الوسط والشمال دفعه واحدة ومن دون أي قيد أو شرط بينما تُصر إسرائيل على عودة متقطعه وتفتيش وتفييش جميع العائدين،
واشنطن تريد من حماس تقديم تنازلات أكبر في مقابل تنازلات إسرائيلية مضحكة وهي أصلاً من كيس الشعب الفلسطيني،
واشنطن تريد تبادل للأسرى بشروط صهيونية وتطلق على الأسرى لدى المقاومة صفة الرهائن ما يضفي على حركة المقاومة الإسلامية حماس صفة منظمة إرهابية،
أيضاً يوجد نقاط خلافيه أساسية حول معبر نتساريم، وهناك رفض صهيوني ألإنسحاب من معبر فيلادلفيا، بينما أحد أكبر شروط الحركة هو الإنسحاب منه نهائياِ،
إسرائيل بدعم أميركي وفلسطيني رسمي(السُلطَة) يضعان فيتو على بعض الأسماء من الأسرى القادة على رأسهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات وآخرين،
بينما أولى شروط يحي السنوار إطلاق سراحهم قبل تنفيذ أي إتفاق ورفضه وضع فيتو على أي إسم أسير،
حماس تريد تبادل كامل ودفعه واحدة بينما إسرائيل وواشنطن يريدونه على دفعات،
إسرائيل تريد الإحتفاظ بحق إستئناف العمليات العسكرية في القطاع، بينما الحركة تشترط وقف كامل لإطلاق النار،
إذاً واشنطن قطعت كل أمل بالوصول إلى نقاط إلتقاء لذلك هي تخطط إلى إتخاذ موقف شبه متوازن من حركة حماس وأشخاص في الكيان، مثل إلقاء اللوم أساساِ على نتنياهو وبدرجة أقل على حماس لإسترضائها، (يعني يضحكوا عليها) حول وقف إطلاق النار،
وتخطط للذهاب نحو إتفاق يفرض هدنة 12 ساعه لإدخال المساعدات وإعطاء 12 ساعه لإسرائيل لتستكمل مذابحها،
أيضاً واشنطن تسعى للتقرُب من حماس وعقد صفقة تبادل معها تشمل حاملي الجنسية الأميركية فقط والضغط على نتنياهو لقبول طرحها بالقوة وتسليم مَن تريد حماس تحريرهم من الأسر وهذا الأمر سيخدم مصالح الديمقراطيين ويظهرهم بمظهر القادرين بخلق خرق مع الحركة بعيداً عنه ويرفع من مستوى شعبيتهم بعد تحرير مواطنيهم الذين عرقل النتن إطلاق سراحهَم لشهور بتعنتهِ وعناده وهذا يعطي دفعاً لحزبهم مقابل الجمهوريين،
بايدن يحاول الضغط على نتنياهو وحماس للقبول بخفض التصعيد أقلُّها إلى ما بعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية،
كما تسعى واشنطن دعودة السلطة الفلسطينية إلى معبر رفح تمهيداً لتسليمها كامل القطاع وهذا الامر موفوض من حركة حماس وتل أبيب أيضاً كون الأخيرة تخطط لإدخال قوات دولية وعربية بتمويل إماراتي،
في الخلاصة،، إن إنتخاب السنوار حررَ الدوحة من الضغوط الدولية وخصوصاً بعد إنتقال الإشراف على المفاوضات من قطر إلى مصر التي تم تعزيز دورها في المفاوضات مع إسرائيل،
أما حماس تعرف تماماً أن واشنطن والقاهرة لا تمتلكان أي ورقة ضغط عليها سوى الورقة الإنسانية، ولا زالت تحظى بدعمٍ إيرانيٍ دبلوماسي وإعلامي وعسكري ومالي، كما تحظى بدعم عسكري وإسناد من لبنان واليمن والعراق يُشكل رافعه لها في المفاوضات،
إذاً لا أمل بحل سياسي إلَّا بحدوث شيء كبير داخل الكيان يقلب الطاولة ويغير المعادلات،
على أمل حصوله نحن نترقب ونقول،،
إسرائيل سقطت،،