كربلاء وغزة البراءة المذبوحة..!

زمزم العمران ||

قال تعالى في كتابه الكريم 🙁 وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي القتل إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً )

 

لم تقتصر الشجاعة والشهامة والبطولة ، على الرجال فقط في معركة الطف ، بل كان هناك درس عظيم لبطولة أعظم ، جسدتها اطفالا كبار بمواقفهم وليسوا بصغار حيث كانوا مثالاً يحتذى به إلى يومنا هذا فكان شعب غزة الصامدة يصبر على ارتقاء فلذات اكبادهم شهداء أسوةً بأطفال الحسين وأصحابه الميامين .

 

هذه الشجاعة والبطولة تعود الى مدرسة أمير المؤمنين، عليه السلام ، فمنهم من خرج يحمل سيف أبيه الذي استشهد في الحملة الاولى، وقد أرجعه الإمام الحسين مراعاة لمشاعر أمه؛ “أخشى أن تكره أمه خروجه”، ثم تبين أنها هي التي ارسلته ليستشهد بين يدي الإمام، ومنهم الطفل الرضيع الذي كشف بعطشه قساوة ووحشية الاعداء، وطفل آخر من ابناء الامام الحسن المجتبى، يحاول صدّ السيف عن وجه عمه وهو ينادي ذلك اللعين، وبكل شجاعة: “يا ابن الخبيثة، أتريد أن تضرب عمّي الحسين”؟! فنزل السيف على يده فقطعها ، وايضا ، كان ولدا مسلم بن عقيل؛ محمد وابراهيم قد هربا من معركة الطف بعد هجوم جيش ابن سعد على خيام النساء والاطفال، وبحثا على مكان آمن بالقرب من نهر الفرات، وبدلاً من أن يجدوا الأمان، وجدوا الغدر والخيانة من عبّاد المال والدنيا، فأقدم على ذبحهما للحصول على الجائزة من ابن زياد.

 

لم ينتهي المسلسل الدموي من بطولة هؤلاء الأطفال ، بل أستمر في قافلة سبي النساء والاطفال الى الكوفة ثم الى الشام، وفي الشام ارتجّ قصر يزيد بصرخة عالية من رقية، تلك الطفلة الصغيرة للإمام الحسين، عليه السلام، فقد أفاقت من النوم على منام رأت فيه أباها الحسين وهو مقبل عليها، فصاحت تريد أباها، فضجت العائلة في “خربة الشام بالبكاء” وتحيروا في أمرهم، وعندما سمع بالأمر أمر بحمل الطشت الذي فيه رأس الإمام الحسين، وقال بكل قساوة: “لعلها تسكت”!! ولكن؛ كان في ذلك الطشت روحها الطاهرة، فقد انحنت على الرأس الشريف، وهي تقول: “أبتاه! من الذي حزّ الرأس الشريف؟ من الذي خضّب الشيب التريب؟ من أيتمني على صغر سنّي؟” واستمرت تناجي أباها وتكرر أبتاه، أبتاه….. حتى سكتت فقال الإمام السجاد، عليه السلام لعمته العقيلة زينب: “احملوها عن الرأس الشريف فقد فارقت أختي رقية الحياة” ، وبذلك؛ تكشف رقية؛ هذه الطفلة الصغيرة بموقفها البطولي العظيم، حقيقة الأمويين أمام العالم، وفقدانهم لكل اشكال الرحمة والانسانية.

 

يتوقف العقل عن الاستيعاب وتنحبس الانفاس وتتسمر الاعين في حيرة مما ترى وتختنق القلوب بغصتها وحزنها عما قد جرى في غزة ، لقد تأذى أطفال غزة كثيراً بسبب التصعيد العنيف الأخير في أيار / مايو 2021، فقد أزهقت الأرواح وتمزقت الأسر، ولحقت آثار مدمرة بالأطفال ، وبينما نتصفح الاخبار علّنا نكون في قلب الحدث ونعيش الحقائق والوقائع الأليمة التي تمر بها تلك البقعة الهادئة الصاخبة من الارض ، تنهش عظامك صرخات اطفال ذنبهم الوحيد انهم اطفال غزة .

 

اصبح الموت في الطرقات كإشارات السير يعلن قوانينه بالثواني،وبالمعنى الحرفي قد يعجن لحمك ودمك بالركام والخبز وانت في انتظارك لرغيف بطوابير المخابز، واما الماء يجب ان تجتاز ماراثونا بين 2 الى 3 كلم مشيا لتحصل على قارورة ماء صغيرة تكفيك فقط للشرب، يكتبون اسماءهم على اياديهم واجسامهم حتى اذا قصفوا لا يكونوا من المجهولين، فالكل ينتظر دوره واحد تلو الاخر ويتشهد في اليوم مئات المرات لأنه لا يعرف اين سيكون حين سيموت ،بادل اثنين من ابنائه مع اثنين من ابناء اخيه ربما ينجو منهم احدا، يبحث عن ابنائه الاربعة تحت الركام ويناديهم بأسمائهم الواحد تلو الاخر عله يسمع اجابة من احدهم، يبحث في اروقة المستشفى عن ابنه المفقود فيجده مضرجا بدمائه ،ينتشلون البعض منهم اشلاء، ويسجلون البعض الاخر في عداد المفقودين،واذا نجوا ، اما تراهم يبحثون عن العابهم بين الركام واما تراهم يتفقدون من بقي حيا من اهاليهم، وقد تراهم وبكل براءتهم يشكرون المسعفين على انقاذهم ، او يسألون انحن ذاهبين الى المقبرة ظنّاَ منهم انهم قد استشهدوا .

 

لا يعترضون على حكم الله يستقبلون شهدائهم بعزة وإباء ، يخرجون من تحت الركام ويهتفون كلنا فداء للاقصى وللمقاومة ولفلسطين ، يستقبلون شهادة عائلاتهم بعبارة يارب خذ حتى ترضى متأسين بمقولة مولاي الامام الحسين عندما ذبح الطفل الرضيع، فما أشبه اليوم بالأمس ،ان اطفال غزة يستحقون الحياة مثل كل اطفال العالم وأن شعبا يحمل همومه واهاته بمفرده ويستمر بالحياة كيف له ان يهزم وختاماً نقول :

 

قُل للذي قَتلَ البراءةَ عَامدًا

شُلتْ يَداكَ وفي الجَحيمِ سَتُحرق

شاهد أيضاً

حققت أهدافها المرسومة بنجاح . . الحشد الشعبي يعلن انتهاء عملية محمد رسول الله (ص)

أعلن الحشد الشعبي انتهاء عملية “محمد رسول الله (ص)” التي انطلقت قبل ثلاثة أيام في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *