✍🏻 محمد حسن زيد ـ اليمن ||
قال الرئيس عبدربه منصور هادي سنة 2015 “سنرفع علم الجمهورية فوق جبال مَرّان” فما هي قصة مَرّان؟ وما علاقتها بما يجري حاليا في غزة؟
مَرّان هي قرية نائية في جبال اليمن قريبة من الحدود السعودية بعيدة حتى عن مدينة صعدة.. من مَرّان أعلن الشهيدُ القائد حسين بدر الدين الحوثي يوم 17 يناير 2002 عن الصرخة في وجه المستكبرين ورفع شعار “الله أكبر.. الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام” فتحركت عليه أساطينُ البغي من كل حدب وصوب وأعلنوا معاداته بمبررات مختلفة حتى هجم عليه جيشُ عفاش التابع للوصاية السعودية إثر لقاءه المشؤوم بجورج بوش سنة 2004 حين تعهد انه سيستأصل شعار الصرخة من جذوره ويجعله عبرة لمن اعتبر، فتمّ حصارُ مَرّان، ودكّها الجيشُ بالقصف، وجوّعها، ثم استباحها لسنوات متعمدا إذلالَ أهلها حتى سمعنا انه منعهم من إقامة صلاة الجمعة وأجبرهم على أدائها يوم السبت!
كل هذه العربدة حيث لم يُحرّك أحدٌ ساكنا لنُصرة مَرّان التي استبيحت بذرائع متناقضة منها “سب الصحابة” ومنها “الخشية على النظام الجمهوري” ومنها “النفوذ الإيراني” والحقيقة ان تلك الجحافل لم تتحرك إلا بإيعاز أمريكي ضد من أعلنوا البراءة من إسرائيل وعقابا لمن تجرأوا على رفع شعار الصرخة في وجه المستكبرين!
نعم.. لقد نجحوا في قتل الشهيد القائد وعدد من اخوته وأفراد أسرته وخيرة أهل قريته، واضطر والدُهُ الشيخ الجليل للمثول بين يدي عفاش في صنعاء حتى ظنّ الظانُّ انّ صرخةَ الشهيد القائد قد وُئدت في المهد ولم يخطر بباله أبدا انها حينئذ فقط تَخلّدت في صفحة المجد..
سنة 2015 أطلق الرئيس عبدربه هادي مقولته المشار إليها بداية المقال والتي عبّرت عن مدى تطور الأحداث وانقلاب الموازين، فمَرّان المنكوبة المستضعفة عام 2004 مكّنها اللهُ في الأرض بسواعد الغيارى من خولان وهمدان وصعدة وأرجاء اليمن ثم بعد عشر سنوات فقط وصلت إلى صنعاء ليس ذلك فحسب بل يتوسع نطاقُها الاقليمي والدولي يوما بعد يوما حتى صارت في 2023 تُحاصر إسرائيل وتهزُّها ولم تجد الصهيونية حلا للرد عليها إلا بالتواري خلف التحالفات الدولية! أما من كانوا بالأمس رأس حربة لاستضعاف مَرّان فقد أصبحوا اليوم جندا مجندة تحت أمرها وقيادتها، وسبحان الله القائل في محكم كتابه “وَنُرِیدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِینَ ٱسۡتُضۡعِفُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَنَجۡعَلَهُمۡ أَىِٕمَّةࣰ وَنَجۡعَلَهُمُ ٱلۡوَ ٰرِثِینَ”
نعم.. قصة غزة تختلف عن قصة مَرّان والصرخة، لكنها تُشبهها من زاوية مناوئة الصهيونية ثم التعرض للاستضعاف من المجرمين والخذلان من الأمة، مع فارق آخر هو ان غزة تحظى بتغطية إعلامية عالمية وتعاطف دولي ضخم بينما تم ذبح مَرّان بصمت تام حيث لم يسمع أنينها أحد ولم يحزن لمصابها إلا الدمع الأبكم.
كما ان غزة لديها مقاومة مسلحة واستعداد قتالي متراكم وخط إسناد عسكري ومادي وإعلامي ومذهبي محترم بينما لم يكن لدى مَرّان شيء سوى الله الذي لم يخذلها رغم الاستباحة والاستضعاف..
كذلك أهلُ غزة الذين يُستضعفون اليوم ويُخذلون ان ركنوا على الله فهو سبحانه لن يخذلهم وسيُنصفهم بالصبر ممن استضعفهم وممن خذلهم وسيجعلهم آية كما جعل مَرّان والصرخة آية من قبل، لذلك نقول بكل ثقة وإيمان والألم يعتصر قلوبنا على القتلى والأشلاء وعلى الجوع والعطش وعلى التآمر والخذلان:
صبرا أهلَ غزّة فإنّ موعدَكم العِزّة