ناجي أمّهز ـ لبنان ||
بعد التصفيق الحاد الذي شهده العالم إعجابًا بكلمة نتنياهو، الذي تحدث فيها عن تهجير أكثر من 2 مليون إنسان في العراء، ثم قتل الأمهات بأبشع الطرق، ثم بعد يتم الأطفال وإبكائهم، عاد ومزق أجسادهم النحيلة الجائعة العطشى. ومع كل إبداع في الجريمة التي يتحدث عنها نتنياهو، يقف اعضاء الكونغرس الأمريكي الوفيين للوبي الصهيوني ويصفقون مرات ومرات، وهذا التصفيق ما هو إلا دليل على مستوى الغباء الذي وصله الكثير من المعتدين على كار السياسة، وفي مقدمتهم أصحاب البواسير والبروستاتا والزهايمر الذين يجتاحون أمريكا وأوروبا.
أو يبدو أن الجيل الجديد لا يرغب في العمل بالسياسة، فترك هذا الأمر لهؤلاء القادمين من متاحف الشمع ومخلفات الحرب العالمية الثانية.
بعد انتهاء التصفيق وكلمات نتنياهو حول إيران، تم استدعاء نتنياهو إلى مركز القرار للاستعلام منه ماذا يريد. تحدث نتنياهو عن شرق أوسط خالٍ من إيران وحلفائها، وأنه مع انتهاء إيران تنتهي تداعيات القضية الفلسطينية، وأكد أن العرب لا يريدون تحرير ولا حتى دعم فلسطين، هم يريدون التحرر والانتهاء من هذا الملف الذي ينغص عليهم آليات الحكم والسيطرة على شعوبهم. أصلاً لم يطلب مني أي زعيم عربي أعرفه شخصياً حتى وقف إطلاق النار، جميعهم يطالبونني بالقضاء على حماس وحزب الله.
ومع إضعاف الدور الإيراني تضعف روسيا أمام الحلف الأطلسي وربما تسقط روسيا الاتحادية في أوكرانيا كما سقط الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، فالروس بطيئون جداً بالسياسة وهم لم يتعلموا من تجاربهم السابقة، وما يستخدم اليوم في أوكرانيا استخدم الروس أضعاف أضعافه من أسلحة في أفغانستان وقتل مليون ونصف إنسان وجرح الملايين وبالختام هزم الاتحاد السوفياتي.
يمكن لأمريكا هزيمة الصين دون خسائر تُذكر. اليوم إيران متواجدة في المعسكر الشرقي المعادي للمعسكر الغربي، وهي جزء أساسي بل رأس حربة في المعسكر الشرقي، حيث تسيطر على أكثر من عاصمة عربية، والخطورة أن لدى إيران نخب فكرية وإعلامية تواكب الحراك العسكري الأيديولوجي للثورة الإسلامية وتنشره بين العرب عبر نخب إعلامية وسياسية.
وتحدث نتنياهو أن منطقة الشرق الأوسط لا تتسع لإيران وإسرائيل، وأن إيران مصرة على إنهاء الدور الإسرائيلي واستعادة الأقصى، وفي حال انتصرت إيران في الشرق الأوسط فإنها سترفع من قيمة العرب والمسلمين وربما توحدهم، مما يعني أن خروج أمريكا وأوروبا من المنطقة سيكون حقيقة.
وتحدث نتنياهو كثيراً عن تأثير حزب الله وأمينه العام السيد نصرالله الذي أصبح المؤثر الأول في الكيان الإسرائيلي، نصرالله قادر بخطاباته أن يسقط حكومة في إسرائيل، وأن يمنع مستثمر من الاستثمار في إسرائيل، فالمستثمرين الكبار لا ينظرون إلى مؤشرات البورصة في تل أبيب، بل إلى ما يقوله نصرالله في حال حصلت الحرب.
وشرح وتحدث نتنياهو بالتفصيل لماذا يشكل حزب الله قلق وخطر على إسرائيل أكبر مما تشكله إيران، فقد نجح التعاون الإسرائيلي العربي في منع وصول الطائرات المسيرة الإيرانية وأيضاً ساهم في إسقاط بعض الصواريخ الباليستية، ولكن حزب الله على الحدود مباشرة، ولا يوجد شيء يمنعه إلا أبناء إسرائيل، لذلك نحن بمواجهة مباشرة مع الحزب، وحتى ما يقوم به حلفاء إسرائيل العرب هو فقط بالكلام، ويبدو أن للحزب قدرة على رد الهجمات الإعلامية رغم إمكانياته الضئيلة مقارنة بحجم الإعلام الإسرائيلي العبري والعربي.
وبعد انتهاء نتنياهو من تقديم مرافعته التي حرض فيها على إيران جاء الرد على الشكل التالي:
سيد نتنياهو، ربما بسبب ضغوط الحرب في غزة، وما تتعرض له من انتقادات على المستوى الشخصي، والملاحقات القانونية بحقك، لم تعد قادراً على التركيز وفهم ما يجري في العالم. نحن نعرف أنه يوجد بينك وبين اللوبي اليهودي الليبرالي مشكلة كبيرة وعميقة، فأنت تنتمي إلى المدرسة الدينية اليهودية اليمنية المتطرفة، لذلك تشعر أنك قادر على التقارب مع الإسلام المتطرف ومن اليمين المسيحي المتطرف.
سيد نتنياهو، أنت تريد أن تبني مع الأقطاب المتشددين في الشرق الأوسط حلف يهودي إسلامي مسيحي متطرف لمواجهة إيران وحلفائها المعتدلين.
سيد نتنياهو، تخيل أن إيران غير موجودة، وتخيل أيضاً أن التطرف الإسلامي ممتد من باكستان إلى أفغانستان وصولاً إلى فلسطين، هل تتخيل سيبقى يهود؟ هل تتخيل سيبقى مسيحيون؟ هل تتخيل سيبقى شيعة وعلويون ودروز؟ كم من الوقت تعتقد بأن تركيا وما تبقى من علمانيتها سيصمد؟ وكم من الوقت تعتقد بأن أوروبا قادرة على مواجهة التطرف الإرهابي؟ وبحال سيطر الإرهاب على أوروبا، هل تعرف كيف ستستخدم الأسلحة وضد من؟
سيد نتنياهو، إيران ضرورة للاستقرار العالمي، إيران ضرورة للسلام العالمي، إيران ضرورة لبقاء هذا التنوع في قارة آسيا. بدون إيران لن يبقى شيء.
حقيقة نحن وإيران نتقاتل، إنما بسبب وجود إسرائيل. إيران تقول إن العالم لن يستقر طالما القدس تحت الاحتلال، ونحن نريد أن نحمي الإسرائيليين، لذلك نتواجه مع إيران، لذلك نطرح حل الدولتين بمكان ما نرضي إيران ولا نعلم إن كانت إيران ستقبل بحل الدولتين، وبمكان ما نحافظ على الكيان الإسرائيلي.
نحن أخبرنا ترامب بهذه الأفكار، وترامب سيسمعك هذا الكلام. ترامب هو اليوم الرئيس بلا منازع، ولكن العالم بحاجة إلى الحكمة. الرؤساء والمرشحون كثر، لكن الحكمة هي القليلة والنادرة.
سيد نتنياهو، قبل أن تطالب بتدمير إيران، شاهد التلفاز وانظر كيف حكومة طالبان تمنع الهاتف الذكي، هل تتخيل التطرف كيف سيحكم؟
سيد نتنياهو، أنت يجب أن تعتزل السياسة، اذهب إلى إسرائيل وأعلن وقف إطلاق النار، ثم اذهب إلى محاكمتك.