قانون الاحوال الشخصية والاحتلال الثقافي..!

الشيخ جمعة العطواني ||

مشكلتنا في العراق، اننا انشغلنا في جبهتين لا ثالث لهما منذ الاحتلال الامريكي والى يومنا هذا، وهاتان الجبهتان هما السياسية والعسكرية.

بينما نرى ان هناك جبهة اهم من الاثنين رغم اهميتهما وهي الجبهة الثقافية، ونقصد بالجبهة الثقافية هي جبهة الوعي لدى المجتمع العراقي، فضلا عن وعي اعضاء مجلس النواب.

ولاننا انشغلنا بالجبهة السياسية والعسكرية نجد ان نسبة الوعي الثقافي والفكري متدنية لدى نسبة كبيرة في مجلس النواب، لان الاولويات هي سياسية عسكرية، ونقصد بالسياسية بالمعنى الضيق لها( تشكيل حكومة، حصة كل حزب في الحكومة، رئيس الوزراء لونه وطعمة ورائحته وميوله الحزبية، التنافس السياسي بين الحزاب) دون النظر الى قضايا بناء الدولة وفي مقدمتها هوية الدولة والمجتمع.

بناء هوية الدولة تحتاج الى ثقافة مجتمع، ومن يعكس ثقافة المجتمع هم ممثلوا المجتمع، وعندها ستتحول هذه الثقافة الى هوية، والهوية الى تشريعات وقوانين.

فكيف يمكن للهوية ان تتحول الى قوانين وممثلوا الشعب يفتقرون الى ابجديات الثقافة السياسية وابجديات بناء الدولة في هرمها الثقافي، وذلك واضح من خلال ما نسمعه كلام (اغلب) النواب وطبيعة خطابهم وسطحية ثقافاتهم واهتماماتهم.

عندما تتحول الهوية الاجتماعية الى تشريعات وقوانين، بمرور الزمن تصبح راسخة في حركة المجتمع، وعندما تكون القوانين معبرة عن ثقافة المجتمع وتوجهاته يفهم العالم ان العراق مجتمع غالبيته (مسلمة )وقوانيه وتشريعات بلده اسلامية اذا كانت التشريعات ملامسة للاسلام، او انه بلد (لا اسلامي- او علماني-) لان تشريعاته وقوانينه التي شرعها ممثلوا الشعب هي علمانية .

قانون الاحوال الشخصية على سبيل المثال في التعديل المطروح امام مجلس النواب احد من اهم القوانين التي تعبر عن طبيعة هوية المجتمع وثقافته وتوجهاته، وهذا القانون يلامس ولو بشكل بسيط ثوابت الشريعة الاسلامية والتي اكدت عليها لمادة الثانية من الدستورية( لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام).

المشكلة التي نعااني منها ان( ممثلي المجتمع الاسلامي – سنة وشيعة- ) ليس لديهم اهتمام بهذه القوانين بقدر اهتمامهم بالقضايا السائدة مثل (تنصيب الرئاسات وحصص الاحزاب)، بينما نجد النواب العلمانيين اهتمامهم منصبا على القضايا الثقافية والحريات الشخصية . لهذه نجد تاثيرهم واضج وكبير في الاوساط الاعلامية وداخل مجلس النواب، على الرغم من انهم ( لا يُرَون في العين المجردة من حيث العدد) .

هؤلاء ينتصرون للاباحية تحت شعار الحرية الشخصية، ولم يحضروا للتصويت على قانون تجريم المثلية الجنسية والتحول الجنسي لانه يتعارض مع هويتهم الثقافية ( فصل الدين عن السياسة والمجتمع والحياة )، وشعارهم ( حرية الانسان في التعبير والاختيار والدين وكل شي).

المشلكة اننا عندما نتحاكم معهم بنفس الشعار الذي يحملونه ( الحرية ) ونطرح قانون الاحوال الشخصية الذي يتيح لكل مواطن ان يتعامل بقوانين الاحوال الشخصية وفق الدين والمذهب والطريقة التي يريدها، نجد اصواتهم تعلو، ويرفضون هذا المبدا الذي هم شرعوه لانفسهم، ويتبدل الشعار الى ان هذا القانون ( الاحوال الشخصية) يعني اسلمة الدولة، وقمع للحريات ومخالف للقوانين المدنية ).

بمعنى انهم لم يرفضوا اختيار الانسان لطريقته في الزواج والحياة الاجتماعية حسب حريته الشخصية فحسب، بل انهم باتوا يفرضون ثقافتهم وايدلوجياتهم على مجتمع بكامله، رغم ما نص عليه الدستور، فتحولت الحرية التي ينادون بها الى ( قمع وفرض وديكتاتورية ثقافية).

 

بمعنى اخر انهم يبيحون لانفسهم الاباحية الجنسية لانه (حق شخصي)، والمثلية (حق شخصي)، وتبادل الزوجات (حرية شخصية)، وفتح الملاهي وبيوتات الدعارة مباح لانها تعبر عن (علمانية الدولة)، وعندما يشرع البرلمان قانونا يتماشىى مع 99/. من دين المجتمع وثقافته نجد( شواذ) البرلمانيين وناشطاتهم خارج المجلس يرفضون ذلك، والمصيبة ان ممثلي ال 99/. يستجيبون لذلك، او يشرعون باستحياء

هذا الرضوخ والاستحياء نابع عن جهل لدى غالبية ممثلي المجتمع، ونابع ايضا ان جهل بالثقافة السياسية لدى البرلماني، ولايفقه ان احد اهم اهداف وجوده هو بناء هوية المجتمع وهوية الدولة من خلال التشريعات التي تعبر عن تلك الهوية .

 

 

شاهد أيضاً

قائد الجيش الإيراني: المقاومة الفلسطينية كشفت عن الوجه الكريه والحقيقي لنظام الكيان الصهيوني

أكد القائد العام للجيش الإيراني اللواء “السيد عبدالرحيم موسوي” ان المقاومة الفلسطينية ومجاهدي غزة كشفوا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *