نعيم الهاشمي الخفاجي ||
منذ بداية الحياة البشرية على الأرض قبل مئات الاف السنين، والبشرية تخوض معارك وصراعات، جربت بها كل أنواع القتل، وتخصص الكثير من العلماء والفلاسفة في وضع خطط للحروب.
وردت اقدم وثائق ذكرت اسم فيلسوف صيني اسمه اسمه سون وو، ولقبه تشانغ تشينغ، وهو من مواليد محافظة هوي مين بمقاطعة شاندونغ بالصين اليوم، عاش في فترة مملكة تشي في عصر الممالك المتحاربة (551 – 479 ق.م) وكان يعمل آنذاك كقائد عسكري في خدمة المملكة، وذاع صيته بعد تأليفه لكتاب فن الحرب، والذي لازال يدرس في مراكز الدراسات الأوروبية وكليات الحرب والأمن والمخابرات، الرجل ولد قبل ٥٥١ قبل الميلاد،
اشتهر اسمه، بسبب عبقريته وذكائه في قيادة الجيش، كان جنرال وكان والده وجده أيضا قادة عسكريين، العسكرية الاستراتيجية، حملت اسم كتاب فن الحرب. عاصر سون وو نهايات عصر الربيع والخريف الصيني القدم، وعاصر تحول المجتمع الصيني من مجتمع العبيد إلى المجتمع الإقطاعي، حيث كانت الحروب مستعرة وكثيرة، صراع مابين 130 مملكة صغيرة، في أراضي الصين الحالية، وبالاخير تم سحق كل هذه الممالك وصفت في خمس مملكات قوية، بقيت تتصارع فيما بينها على السلطة والحكم والنفوذ والاستحواذ على الاراضي.
الجنرال سون كان قائد عسكري، منحته الحروب التي شارك بها، خبرة فائقة، مكنته من كتابة ١٣ مقال في كيفية مواجهة العدو، هذه المقالات نالت إعجاب الملك، فسلمه قيادة جيش مملكته، من أقوال سون، إن كنت تعرف قدراتك وقدرات خصمك، فما عليك أن تخشى من نتائج مئة معركة. وإن كنت تعرف قدرات نفسك، وتجهل قدرات خصمك، فلسوف تعاني من هزيمة ما بعد كل نصر مُكتسب. أما إن كنت تجهل قدرات نفسك، وتجهل قدرات خصمك.. فالهزيمة المؤكدة هي حليفك في كل معركة.
قول آخر، إن الأعظم بين القادة ليس المنتصر في مئة معركة ، بل ذلك الذي لا يحتاج إطلاقًا إلى القتال لينتصر.
قول آخر، التظاهر بالإضطراب يتطلب قدرًا عاليًا من النظام.
قول آخر، إذا عرفت عدوك وعرفت نفسك فالنصر لن يصبح محل شك.
قول آخر، علمك بعدوك يعرّفك كيف تدافع، وعلمك بنفسك يعرّفك كيف تهاجم، الهجوم هو سر الدفاع، والدفاع هو التخطيط للهجوم.
ولديه قول آخر، زرع الجواسيس في بيئة الخصم تمكنك من كسب المعركة.
هذه الأمور جربتها البشرية قبل الميلاد في أكثر من خمسة قرون، فما بالنا اليوم، بظل تطور الاتصالات التي تجاوزت الحدود، وقربت البعيد، وجعلت العالم كله أشبه في قرية صغيرة، تعرف كل مايجري بالعالم بالصورة والصوت.
بالتأكيد الحروب الجارية وصفحة استخدام العصابات التكفيرية والصراعات المذهبية والقومية والقبلية بالدول العربية مثل العراق وسوريا ولبنان والجزائر وليبيا، وكذلك وجود دول أخرى وإن كانت مستقرة بسبب دعم الغرب لهم مثل السعودية والبحرين والتي تعاني من انقسامات مذهبية واضحة، مضاف إلى وجود مواطنين خليجيين في الكويت وقطر والإمارات من الهند والفليبيين وتايلند وباكستان بحيث اصبحوا أكثر من المواطنين العرب بتلك الدول الخليجية، هذه الأوضاع والصراعات لم تكن بعيدة عن مخابرات الدول العظمى التي رسمت حدود الدول العربية، ودعمت عملائها ليكونوا ملوك ورؤساء وحكام وامراء.
كل الأحداث التي جريت بالعراق وسوريا والصراع الدائر بغزة وارتداداته في لبنان واليمن والعراق لم تكن تلك الدول بعيدة عن تجنيد الجواسيس والعملاء للعمل مع القوى الاستعمارية أو مع الجيش جهاز الموساد الإسرائيلي في اغتيال قيادات أو مقاتلين بغزة أو في لبنان أو في سوريا والعراق.
لذلك حديث الفيالق الإعلامية المرتبطة بدول البداوة، أن إسرائيل مخترقة في لبنان، واستطاعت اغتيال جنود وقادة من المقاومة الشيعية اللبنانية التي دخلت الحرب لأجل إيقاف حرب غزة ووقف قتل المواطنين من الأطفال والنساء الفلسطينيين العرب السُنة، بوقت وقفت الحكومات العربية السنية مع نتنياهو لتصفية منظمة حماس وانصارها حتى لو تطلب الأمر قتل نصف شعب غزة العربي السُني.
وجود قادة من ميليشيات حزب الكتائب أمثال جعجع الذي قاتل إلى جانب القوات الإسرائيلية بعام ١٩٨٢ وسلم بيروت الشرقية إلى القوات الإسرائيلية بقيادة الجنرال الإسرائيلي شارون، والذي طارد عرفات وهجره إلى تونس، وبعد توقيع اتفاق أوسلو وعاد السيد الرئيس ياسر عرفات مزهوا بالنصر، وقف ضده شارون وحتى الرئيس الأمريكي بيل كلينتون حاول أن يجمع عرفات مع شارون ورغم حضور شارون للمؤتمر لكن كان ينظر إلى عرفات بعين الدونية والاحتقار، وتوعد عرفات في إنهاء حلم إقامة دولة فلسطينية مستقلة، أو حتى منزوعة السلاح.
وحال وصول شارون إلى رئاسة الوزراء الإسرائيلية قام في إذلال عرفات وهدم قصر الرئاسة على راسه، وقطع عنه المياه، بحيث عرفات عاد الى عصى السلف في استخدام الأحجار للاستنجاء، وبالاخير دس إلى عرفات سم فىران وأرسل إلى مستشفى في باريس ومات عرفات.
رجال شارون أمثال سمير جعجع موجودون في لبنان وهم بالتأكيد مع الجيش الإسرائيلي في القتال الجاري بين المقاومة الشيعية اللبنانية والجيش الإسرائيلي، يزودون إسرائيل بالمعلومات المهمة، لتمكن الطيران الإسرائيلي في قصف أهداف محددة ومهمة.
أغلبية عمليات الاغتيالات التي نفذتها أمريكا ضد قيادات بالقاعدة في السودان وباكستان وافغانستان والصومال نفّذتها طائرات مسيّرة أمريكية، مستخدمة صواريخ دقيقة جداً، مضاف إلى ذلك قيام القوات الجوية الأمريكية وقوات الناتو في قصف أهداف معادية وبضربات دقيقة بظل التطور الكبير في تصنيع الصواريخ الموجهة التي باتت تصيب أهداف نقطوية أدق من إصابة رصاصة كلاشنكوف لهدفها، لم يكن استخدام الجواسيس والعملاء والمندسين في بيئة الخصم حالة جديدة استخدمت بعصرنا هذا، بل أن الفيلسوف الصيني سون تطرق إليها قبل مايقارب ٢٦٠٠ سنة، ولذلك تسريب المعلومات للإعداء ليس وليد اليوم وخاصة عند العرب، المعروف عنهم يتعاونون مع المحتلين
هناك حقيقة، التطبيع مابين السعودية وإسرائيل يستلزم القضاء على المقاومة الفلسطينية و دعم تيار فلسطيني يحكم غزة تابع إلى سلطة عباس بمباركة الدول العربية.
لذلك مانراه من قتال بغزة الهدف تصفية كل القوى الفلسطينية المقاومة، ورغم ذلك الكنيست الإسرائيلي صوت على قرار رفض إقامة دولة فلسطينين بغزة والضفة الغربية، قرار الكنيست كان واضح وصريح ينهي كل التكهنات في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ربما توسل دول الخليج في نتنياهو تجعل من نتنياهو يعطي قضاء من الضفة الغربية للفلسطينيين ويلحقه بالاردن، ويعطي جزء من غزة يتم ضمه إلى محافظة شمال سيناء المصرية، مقابل تعهد الدول العربية بتقديم مساعدات إلى الأردن ومصر، ورأينا كيف تم مد انبوب نفط من البصرة التي تقع على الخليج، إلى ميناء العقبة الاردني يكلف العراق أكثر من خمسين مليار دولار، أو إلزام العراق يستورد كهرباء من الأردن رغم العراق دولة غنية لكن لا يسمح لهم في إقامة محطات توليد كهربائية بحسب قول رئيس وزراء العراق السابق السيد الدكتور عادل عبد المهدي.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب عراقي وصحفي مستقل.
24/7/2024