د. علاء هادي الحطاب ||
كان واضحاً منذ بداية الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة الأميركية، أن الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن غير قادر على منافسة خصمه الرئيس السابق دونالد ترامب، بسبب تقدمه في السن وتراجع قدراته الجسدية وحتى العقلية وضعف تركيزه أثناء حديثه وحركاته.
المناظرة الرئاسية التلفزيونية الأخيرة بين المرشحين قبل ثلاثة أسابيع أظهرت تفوق ترامب خطابياً وسلوكياً على بايدن الذي ظهر مشتَّت الذهن قليل التركيز ضعيف القدرة والحجة، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً داخل أوساط الحزب الديمقراطي بشأن إمكانية بايدن في الاستمرار بخوض الانتخابات ورجاحة خسارته إن استمر في هذا الأداء المتراجع انتخابياً، بينما ظهر خصمه صاحب المال والثروة والجرأة التي تصل حد الحماقة في أحيان كثيرة، أكثر تركيزاً وقدرة على خوض الانتخابات.
الحادث الأخير المتمثل بمحاولة اغتيال ترامب وخدش إحدى أُذنيه صبَّ في صالحه، سيما مع ردة فعله بعد قيامه، حتى تصور وحلل وقرأ بعض المختصين أن العملية تمثيل محض، ومع ما يملك ترامب من أدوات تأثير في الرأي العام مدعوماً من حزبه حوَّل هذا “الخدش الأذني” إلى عملية انتصار كبرى ذكرتنا بعملية الاغتيال التي فداها بنفسه الفنان عادل إمام في فيلم ” الواد محروس بتاع الوزير ” وكيف خرج منها منتصراً وملوِّحاً للجماهير بفدائيته للقضية التي يدافع من أجلها.
هنا أدرك الديمقراطيون أن استمرار بايدن في السباق الرئاسي سيحملهم أكلافاً كثيرة ليس فقط في خسارة رئاسة الولايات المتحدة، بل حتى خسارة الكونغرس وتناقص شعبيهم وتراجع مؤيديهم، لذا لجؤوا إلى خيارات أحلاها مرٌّ، بإجبار بايدن على الانسحاب وترشيح نائبته كامالا هاريس، وهم بذلك يحاولون ” ضرب عصفورين بحجر” الأول التخلص من مرشح أقرب إلى الهزيمة من الانتصار، والثاني ضرب ثيمة دعاية ترامب ضد الديمقراطيين المتمثلة بعدم قدرة بايدن على إدارة البلاد لوهنه وضعفه وتقدمه في السن.
كلنا يعلم حماقة ترامب وسلوكه العنفي في التعامل مع الأحداث، وأمره باغتيال شهداء قادة النصر دليل كاف على سلوك الرجل في السياسة، لذا من المتوقع حدوث هزة في منطقتنا إبان وصول ترامب إلى السلطة، فهو الباحث عن الشهرة والمال، وحتماً لن نرى ترامب حملاً وديعاً إزاء قضايانا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بل المتوقع أنه سيكون أكثر راديكالية من بايدن في هذه القضية ومستلزماتها من مقاومة المقاومين للكيان الصهيوني.
فهذه الأُذن التي خُدشت ربما تصل قريباً إلى البيت الأبيض.