أكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الثلاثاء، أن الإمام الحسين (عليه السلام) وضع منهجا واضحا لمحاربة الفساد ورفضه والتحصن تجاهه، فيما أشار إلى تمسك الحكومة بطريق بناء دولة المؤسسات.
وقال رئيس الوزراء في كلمة له بذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام)، وآل بيته الأطهار إن “العراقيين والمسلمين جميعا، وكل الأحرار والشرفاء، يعودون عاما بعد آخر، لإحياء ذكرى فاجعة الطف، وشهادة خير الناس أما وأبا، في صورة مستعادة عن مشهد تاريخي قلما تكرر، استوطن النفوس والعقول حتى صار جزء من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل، وعن معاني الرجولة، والشرف، والرفعة، والإيمان الراسخ، وجذوة الرسالة المحمدية”، مبينا أن “المعركة استلزمت بضع ساعات، وبضعة أيام لحصار الحسين وصحبه وأهله، لكن الدهر والتاريخ بأكمله لا يكفي لإخفاء صورة خندق العدالة والاستقامة الذي تحصن به الشهداء، فيما تلبس أعداؤهم عار الجريمة والحقد والظلم، ولعنة الله ورسوله والمؤمنين إلى يوم الدين”.
وأضاف، أن “ميراث هذه المنازلة العظيمة يمثل اليوم مسارا واضح المعالم في حياتنا، وفي مراقبتنا لأنفسنا، وفي ما نحمله من نوايا، أو ما نقدمه من خدمة للناس، بل هو الدليل الذي نقيس به صالح العمل مثلما تحول موقف الإمام عليه السلام، وقراراته الشجاعة المبنية على المبادئ الراسخة، غير المعنية بالمزايدة أو المراوغة، الى مثل عليا تشكل صلب البناء الأخلاقي والإنساني لمجتمعنا، وبوصلة حين تضعنا الدنيا أمام قرارات واختيارات صعبة”.
وتابع “لقد نهض الحسين بكلمته وثورته، حين تفاقم الظلم والفساد، وتعرض تراث جده المصطفى ورسالته الى محاولة تشويه خطيرة، وسعى خندق الظلم الى تحطيم جوهر مفاهيم المساواة، وحقوق البشر في الاختيار، وتحويل الدولة من ناظم للمجتمع، الى استعباد الناس بالمال أو بالسيف”، لافتا الى أنه “بإمعان النظر في تلك الظروف والأحوال، سندرك معنى صيحة الحسين (هيهات منا الذلة)”.
وبين “لقد رفض الإمام، مستهديا بكتاب الله، وتعاليم جده وأبيه، أنْ يكون من صف الساكتين، ووضع لنا، نحن الذين نقرأ بعد ألف وأربعمئة عام هذه الملحمة، منهجا واضحا لمحاربة الفساد ورفضه والتحصن تجاهه، وبين لنا عواقب القبول بالفاسدين والصمت عنهم”.
وأكد رئيس الوزراء أن “من أفضال الباري جل وعلا، أنْ جعل العراق موطنا أبديا للحسين، بفكره وجسده الشريف، وسيرته الباقية ما بقي الزمان”، لافتا الى انه “اليوم يمثل بيننا ينبوعا لا ينضب، ومسارا نلجأ إليه كلما اشتدت المحن. وملاذا في الملمات، ومثابة يشخص البصر إليها، حين يتكالب العدوان، وتتجمع فلول المنحرفين والإرهاب والمعتدين، مهما اختلفت أشكالهم ومنطلقاتهم”.
وذكر “مازلنا نستلهم الصبر، وقدرة الثبات على الطريق الحق، مهما كان صعبا ومقفرا، ومازالت ذكراه تعمل فينا كلما تعسرت مهامنا أو واجهنا عقبة يضعها مفسد، يريد بأهلنا وعراقنا السوء، خاب فألهم جميعا”، لافتا اﻟﻰ أن “معاني هذه المناسبة واستذكارها، لهي أكبر وأعظم من كل الكلمات، إنها ثورة داخل الصدور، وعبرة في العيون، ويقين يتجذر في صواب اختيار طريق الحسين، مثلما هي سلاح ضد كل انحراف أو تحد أخلاقي تواجهه مجتمعاتنا وتقاليدنا وفضائلها الممتدة الى خيمة الإسلام وإرثنا الحضاري”.
وبين أن “دماء أبنائنا سالت دفاعا عن وجود العراق وطريق بناء الدولة، ونزفت جروحهم وهم يتأسون بالحسين، مثلما أن دماء أهل غزة تسيل اليوم بفعل الحقد والظلم، فكل مظلوم نهش الاستبداد والطغيان من جسده، يرى أن الحسين يقف في ظهره مواسيا وساندا”.
وذكر رئيس الوزراء أنه “ولأن المبادئ واحدة، ولأن الحق بين والباطل بين؛ فإننا نتمسك بطريق بناء دولة المؤسسات، وحق الناس في دولة كريمة، يعيشون فيها بعز ورفعة وكرامة، تحمي المجتمع، وتقوي من تماسكه، كما أراد الحسين للأمة جمعاء من بعده”.