مع العامري في الدعوة والرؤية..!

سعيد البدري ||

لم يعد الصمت الذي يحيط بقضية خروج القوات الاميركية من الاراضي العراقية مجديا ،فقد اثبتت التجربة ان وجود هذه القوات لم يعد مبررا ، وان استمرار تواجدها سيكون له اثر سلبي بلا شك ، اجمالا هي لا تقوم بأي دور حاليا ، عدا ذلك الدور المفترض ،الذي يصب بأتجاهات فرض أمن الكيان الصهيوني ،وهو دور لا تنكره اميركا بل تتجاهر به مفتخرة بعلاقة وطيدة ابوية النزعة مع الكيان الغاصب مبنية على ديمومته وحمايته تحت كل الظروف، مشجعة بذلك عدوانيته ودمويته وعملياته الاجرامية الممنهجة التي يعرفها العالم من اقصاه الى اقصاه ، نعم ان هذا الوجود مما لا يجب ان يقبله اي وطني حر شريف يؤمن بعدالة قضيته وحقه في السيادة على ارض بلاده .

بات من الواضح جدا وطوال سنوات من التعاطي مع الادارات المتعاقبة للولايات المتحدة الامريكية ان نهجها في التعامل مع الملف العراقي مبني على الاملاءات وفرض الامر الواقع، فهي تبيح لنفسها كل شيء ،بما في ذلك شرعنة عمليات القتل والسرقة وحماية اللصوص والمفسدين ، الادهى من ذلك تهديدها الدائم بمعاقبة المقاومين ، المنحازين لقضايا شعبهم وامتهم تحت مختلف العناوين والذرائع ، ولعل ذلك لمن يفهمه ويعيه ،يندرج ضمن معادلات الغلبة والقهر بقوة السلاح، وسطوة ما يسمى بالقانون الذي يطبق فقط على من يناهضون النهج الاميركي ويرفضون لهجة الاملاء والغطرسة ، فالقانون الدولي المزعوم مفصل على المقاسات الامريكية ،وهذه القوانين بطبيعتها فارغة تكرس التواجد وتشرعن العدوان ،والتي تنفذها ارادة منقادة للرغبات الصهيونية ،وهذا اصل الحكاية ،ولعل ما يعنينا منها هو ان من يعتقدون بشراكة واقعية مع الامريكيين تحت ضغط التواجد العسكري الامريكي ، انما يخادعون انفسهم وشعبهم ،وكل ذلك الجمهور الذي يسعون لاستمالته من خلال اقناعه بامكانية قيام هذه العلاقة القائمة على المصلحة وتوفير الحماية ، الثابت في هذا النوع من العلاقات هو خلوها من الاحترام او الرغبة في اظهاره على اقل التقادير ،وهو ما لايرتضيه الاحرار بأي حال من الاحوال .

ان تجديد الدعوة لمغادرة هذه القوات على لسان امين عام منظمة بدر السيد هادي العامري تأتي في سياقها المنطقي ، و بدلالات واضحة تستند لرؤية عميقة ،تذهب الى ان على الطرف الاميركي تغيير النهج واثبات النوايا بالتحول في العلاقات العراقية- الاميركية الى الثنائية ،ما يعني ان على هذا الاميركي اثبات المصداقية ،فالعراق ليس ارضا اميركية ولن يكون كذلك ، ان عزمت القوى العراقية على فرض مسار اخر ،يفهم منه الاميركي ان بلادنا لن تكون ساحة لتصفية الحسابات ،كما ان دستورنا الوطني يمنع ان تكون الاراضي العراقية منطلقا لاي عمليات عدائية تجاه اي بلد جار مرورا وتواجدا ،ما يشير بوضوح لدقة هذه الرؤية ومنطلقاتها الوطنية ،وعليه فدعم هذه الدعوة ووضع جدول زمني بسقف لا يتعدى نهاية العام الحالي يجعل الامور في نصابها ،ويؤسس لعلاقة صحيحة تحفظ حقوق شعبنا واستحقاقاته الوطنية، في سيادته على ارضه بعيدا عن حالة التبعية والتلويح بالقوة الغاشمة وما ينطوي على ذلك من اجراءات عقابية تستهدف مستقبله ووحدة اراضيه .

من هنا فأن ما اشار اليه السيد العامري يعد رسالة للحكومة وممثلي الشعب العراقي، يمكن قراءاتها بشكل ايجابي وصريح ،مفادها اننا لا يمكن ان نبني نظاما سياسيا قوياً وبلدا متعافياً دون خروج مفهوم الاسس لقوات التحالف الدولية ،وان الحاجة قائمة لان تمارس كل القوى الوطنية دورها في الضغط على القوات الاجنبية والامريكيين، لتأدية التزاماتها و الانسحاب من الاراضي العراقية .

اما اذا ما كان الامريكيين يراهنون على توظيف ملفات المنطقة للاستثمار فيها انتخابيا ،فالمطلوب هو ترك هذا الاسلوب المفضوح والشروع بالتأسيس لعلاقات صحيحة، تحترم فيها خيارات الشعوب وتحكم ارادتها ،عبر بناء علاقات دبلوماسية واستراتيجية، تقوم على على الثنائية والمصالح المشتركة ، والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الاخرى، التي تصفها اميركا بالشريكة والحليفة لا التابعة الضعيفة ، المحكومة برغبات ونزوات صناع القرار في الداخل الاميركي ..

شاهد أيضاً

وفد عراقي يبحث في أنقرة سبل حسم قضايا المياه لضمان حصص مائية عادلة للعراق

وصل إلى أنقرة قادماً من بغداد وفد وزارة الموارد المائية من أجل المشاركة في الاجتماع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *