نعيم الهاشمي الخفاجي ||
الصراعات المذهبية ليست وليدة اليوم، معادات علي بن أبي طالب ع وشعيته كانت موجودة بعهد رسول الله محمد ص، بحيث نزلت آيات قرآنية وعززت بأحاديث نبوية تبين مكانة الإمام علي بن أبي طالب ع، ورد حديث عن رسول الله ص حب علي ايمان وبغضه نفاق، روى البخاري ومسلم حديث عمار بن ياسر، يقول كنا نميز المؤمنين من المنافقين بعهد رسول الله ص بقدر حبهم وبغضهم إلى علي بن أبي طالب.
مؤامرة السقيفة لم تكن حادث عرضي، وإنما بالحقيقة لوجود صراع مستدام، وبغض وكره إلى بني هاشم، بسبب ان الله عز وجل جعل النبوة فيهم، بل عمر بن الخطاب أكثر الصحابة جرأة بقول حقيقة ما كان يعتقده، برزية الخميس وقف عمر حائلا دون كتابة وصية كتابية من رسول الله محمد ص تنهي اي إمكانية لسرقة منصب الخلافة من الإمام علي بن أبي طالب ع وبقية الأئمة الاثنى عشر الذين تحدث عنهم رسول الله ص.
بعد تولي عمر الخلافة، جرى حديث مابين عبدالله بن عباس وعمر بن الخطاب، وكان الكلام بقمة الصراحة، عمر قال إلى ابن عباس أتعلم يا ابن عباس لماذا قريش ابعدت بني هاشم من الخلافة، لأنها كرهت أن تكون النبوة والامامة لدى بني هاشم، انا شخصيا احترم عمر بن الخطاب لصراحته، الرجل صريح، حتى بهجومه على دار فاطمة الزهراء ع، وعندما هدد بحرق الدار وساكنيها بالنار، قالوا له بالدار فاطمة بنت محمد، فكان جواب عمر بن الخطاب وإن كانت فاطمة؟؟؟.
تحدث الكثير من العلماء الشيعة والسنة حول انقلاب السقيفة، لكن خلال تجربتي وجدت تفسير لحادثة السقيفة ويفترض يعتبر تفسير ثالث، هذا الرأي تحدث به الكثير من المثقفين الشيوعيين بمجالسهم، وانا سمعت تفسيرهم، بسبب قربي منهم، ذات مرة دار حديث بيني وبين مجموعة من رفاقي الشيوعيين، قالوا لي سبب وقوف عمر بن الخطاب ورفضه السير في جيش اسامة، بل وعاد ودخل بيت رسول الله ص برزية يوم الخميس ووقف حائلا دون أن يكتب محمد وصية كتابية تنهي الخلاف، لأن عمربن الخطاب حسب رأي مفسرين من المثقفين الشيوعيين يقولون كان عمر بن الخطاب غير مقتنع برسالة محمد لذلك أخذ الخلافة ونازع ابن عم محمد وأخذ الخلافة منه، وقالوا لو كان عمر بن الخطاب مقتنع بمحمد ورسالته لما خالفه ودبر انقلاب السقيفة، هذا التفسير الثالث، بعد تفسير علماء السنة والشيعة لرزية يوم الخميس.
نحن الآن نعيش ذكرى استشهاد الإمام الحسين ع، بالتأكيد نتطرق لبعض الأحداث التي دارت في يوم العاشر من مجرم بين الإمام الحسين ع وجيش الخلافة الأموية، ذكرت كتب التاريخ عندما بقي الإمام الحسين ع وحيدا فريدا بساحة المعركة، واستشهد أصحابه واخوته وابناء عمومته وغالبية أبناءه ولم يبقى سوى علي بن الحسين زين العابدين لكونه مريض، فكان جواب جيش عمر بن سعد بن أبي وقاص قائد الجيش الذي قاتل الإمام الحسين، للإمام الحسين، نحن نقاتلك بغضاً منّا لأبيك وما فعل بأشياخنا يوم بدر وحنين، وذكرت كتب التاريخ أن الإمام الحسين لما سمع كلامهم بكى عليهم، وجعل يحمل عليهم وجعلوا ينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر، ثم رجع إلى مركزه وهو يقول، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قبل أيام السلطات الكويتية اتخذت قرار في منع الشيعة من إحياء عاشوراء بحجج واهية، قرار المنع فتح باب واسع للحديث عن هذا الإجراء الكويتي بحق جزء مهم من أبناء الشعب الكويتي وهم الشيعة الكويتيين، لانريد أن نجلد ذاتنا ونحمل المواطنين الشيعة بتبعات القرار الحكومي الكويتي، لنعيد الذاكرة قليلا إلى الوراء، في احتلال صدام الجرذ لدولة الكويت، هرب كل حكام الكويت والمسؤولين من الكويت إلى السعودية ودول الخليج، وبقي الشيعة في الكويت وحملوا السلاح ضد قوات صدام الجرذ الغازية ورأينا ذلك في ام عيوننا، ولم يحدثني احد، عاصرت تلك الفترة، ورأيت ذلك في أم عيوني.
بل حتى زعيم الشيعة السيد الإمام أبو القاسم الخوئي،أصدر فتوى وبزمن حكم صدام المجرم حرم الصلاة في الكويت لانها أرض مغتصبة محتلة، بل حتى الضابط والجندي الشيعي العراقي يضطر يعيد صلاته لدى عودته إلى العراق.
من قاد المقاومة في دولة الكويت هم الشيعة الكويتيين، السيد عبدالكريم القلاب احد رموز الشيعة الكويتيين حمل السلاح وقاتل قوات الغزو الصدامي لدولة الكويت.
شيعة الكويت هم من أبناء الشعب الكويتي ولم يكونوا ضيوف على دولة الكويت، الشيعي الكويتي حمل السلاح للدفاع عن أرض الكويت، مضاف لذلك لاتوجد رغبة لدى الشيعة بالكويت ودول الخليج والعراق في إقامة دول شيعية قبل دولة الإمام المهدي، مرجعيات الشيعة تتبنى رأي إقامة دول مدنية، نعم مرجعية ولاية الفقيه تتبنى أن يكون المرجع زعيم ديني وسياسي في آن واحد، ومرجعيات النجف وكربلاء والشام ليسوا مع نظرية ولاية الفقيه، هذا الكلام على أمير الكويت وحكام الخليج وال سعود عليهم معرفته، وأن يتركوا مواطنيهم الشيعة يحيون مناسباتهم الدينية بحرية كاملة.
الخطر الذي هدد حاكم الكويت هم أحباؤه أهل السنة والجماعة من الحركات الاخوانية الوهابية، لولا سقوط نظام مرسي لتم إسقاط أنظمة الخليج وأصبح الخليفة طيب أردوغان، يوميا أمير الكويت يصدر أمر ديوني في حل مجلس الأمة ويدعو إلى انتخابات مبكرة بسبب صراعات نواب الوهابية مع رئيس ووزراء الحكومة الكويتية، لم يسجل تاريخ الكويت أن نواب شيعة طالبوا استجواب رئيس الوزراء أو وزير بالحكومة الكويتية، اذن لماذا كل هذا التضييق على حقوق الشيعة والعمل على معاداتهم واضطهادهم بدون سبب مقنع.
يفترض في النظام بدولة الكويت يستفيدون من نظام صدام الجرذ الذي اضطهد الشيعة منذ اول يوم لوصول البعثيين، أيضا في البداية البعثيين منعوا عمليات التشابيه، ومنعوا توزيع الطعام بالشوارع، وتطور الأمر إلى إعدام الشيعة الذين يزورون الإمام الحسين ع في يوم عاشوراء أو في اربعينية الإمام الحسين ع، نظام البعث أوجد حجج، لكن بالنهاية سقط نظام البعث وذهب إلى مزبلة التاريخ.
شاهدت وزير الداخلية الكويتي يتكلم عن سيادة القانون، ورفع علم الكويت فقط …..الخ، وتحدث عن دعم الوحدة الوطنية، يفترض بالسيد وزير الداخلية الكويتي أن لايتكلم عن وطنية الشيعة الكويتيين، يكفي ان شيعة الكويت حملوا السلاح للدفاع عن سيادة واستقلال دولة الكويت أثناء غزو صدام الجرذ لدولة الكويت، الشيعة هم يمثلون الوطنية الحقيقية للدفاع عن الدولة والشعب الكويتي.
حتى الخطاب الديني في المحاضرات الحسينية التي يلقيها الخطباء الشيعة في دولة الكويت تطلب من المواطن الكويتي الشيعي بالدفاع عن أمير الكويت والدولة الكويتية، خطباء الشيعة يركزون على الخطاب المعتدل ويرفضون اي خطاب يحريض على الكراهية، نحن بزمن اختلفت به أنماط العيش والحياة وحتى في حق اختيار التعبير عن الرأي والمعتقد، الكثير من شعوب العالم باتت لاتتحرج في الإعلان عن ثقافتهم وممارستهم شعائرهم الروحية والدينية بحرية تامة، دون إكراه أو تهديد، بل دساتير دول العالم باتت تضمن حقوق جميع المواطنين، في غالبية الدول المدنية الديمقراطية بغالبية دول أوروبا وجزء كبير من دول افريقيا وغيرها من الدول التي تحكمها دساتير، أنظمة قائمة على تعزيز المواطنة، العدالة، المساواة، وحرية المعتقد.
من حق دولة الكويت ودول الخليج مثل السعودية والبحرين توفير الحماية للمواطنين ووضع قوانين لكن يجب أن تكون القوانين غير مجحفة وغير طائفية لتنظيم عمليات إحياء ذكرى عاشوراء، وإعطاء المواطنين حق ممارسة شعائرهم الخاصة في موسم محرم، والكف وترك أساليب التضييق الممنهج مثل ماكان يفعله صدام الجرذ الهالك والبعثيين من أساليب وطرق تستهدف منع إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي ع، المعروف أن أمير الكويت السابق الشيخ صباح رحمه الله كان يتعامل مع مواطنيه الشيعة برفق وانسانية، وشاهدنا موقفه في جريمة تفجير مركز الإمام الصادق ع في عملية انتحارية نفذها وهابي سعودي ذهب ضحيتها عدد من الشهداء الشيعة الكويتيين.
في الختام اتباع أساليب القسوة والبطش بحق الشيعة في الكويت والسعودية والبحرين لم ولن يجلب لتلك الشعوب السعادة والأمن بل يعمل هذا الاضطهاد والظلم على تقسيم المجتمعات، وتهيئة ارضيات خصبة لتدخلات خارجية دولية بشؤون تلك الدول الداخلية، وبالاخير الجميع خسران.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
13/7/2024