المنافقون يتاجرون بجميع القيم والأديان..!

نعيم الهاشمي الخفاجي

النفاق والمتاجرة بالقيم وفي النصوص الدينية سواء كانت ديانات إلهية أو وضعية ليست جديدة على البشرية بشكل عام، وعلى أحفاد عدنان وقحطان بشكل خاص، فقد تألق العرب عبر تاريخهم التليد، بالعيش بمجتمعات يغلب على غالبيتهم الكذب والنفاق، ومن المستحيل يصل المواطن العربي إلى حقيقة الأمور وخاصة الخلافية سواء كانت خلافات دينية او مذهبية او قومية، أو خلافات داخل العشيرة والقبيلة الواحدة.
كل الأديان السماوية والوضعية التي وضعها الإنسان تحرم الكذب والنفاق،  والتحذير من الكذابين والمتاجرين بالدين، قال الله تعالى في سورة النحل  {إِنَّما يَفتَرِي الكَذِبَ الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِآياتِ اللَّـهِ وَأُولـئِكَ هُمُ الكاذِبونَ}.
وردت أحاديث عن النبي محمد ص بكثرة الكذابة، في حجّة الوداع [قد كثرت عليّ الكذابة و ستكثر بعدي فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النّار فإذا أتاكم الحديث عني فاعرضوه على كتاب اللّه عزّ و جلّ و سنتي، فما وافق كتاب اللّه و سنتي فخذوا به، و ما خالف كتاب اللّه و سنتي فلا تأخذوا به].
الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام والذي وصفه رسول الله محمد ص كما هو ثابت بالصحيحين بالقرآن الناطق، يعني أفعال واعمال وتصرفات علي بن أبي طالب ع مطابقة لما اراده الله من البشر، الإمام علي ع وصف المنافقين بوصف دقيق يقول الإمام علي عليه السّلام بخطبة في نهج البلاغة  في ذكر المنافقين جاء بجزء منها[ قد أعدّوا لكلّ حقّ باطلا و لكلّ قائم مائلا و لكلّ حيّ قاتلا و لكلّ باب مفتاحا و لكلّ ليل صباحا].
في الديانات الاخرى، يوجد قول إلى السيد المسيح ع في إنجيل مرقس،  عن معلمى وكتبة الشريعة: (إياكم ومعلمى الشريعة، يحبون المشى بالثياب الطويلة، والتحيات فى الساحات، ومكان الصدارة فى المجامع ومقاعد الشرف والولائم، يأكلون بيوت الأرامل، وهم يظهرون أنهم يطيلون الصلاة، هؤلاء ينالهم أشد العقاب).
وورد قول آخر للسيد المسيح ع، في إنجيل متي،   وفى أيامه الأخيرة يدخل المسيح أورشليم ويدخل إلى الهيكل (ودخل يسوع الهيكل وطرد جميع الذين يبيعون ويشترون فيه، وقال لهم: جاء فى الكتاب بيتى بيت الصلاة وأنتم جعلتموه مغارة لصوص).

يقول النبي محمد ص[ إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك].
أيضا وردت آيات كثيرة بالقرآن الكريم منها{إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا أولئك لا خلاق لهم فى الآخرة، ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم}.
يقول المفكر والفيلسوف الأمريكي المعاصر نعوم تشومسكي تم استبدال الايديولوجيات الدينية في أيديولوجيات حزبية وأصبحت لا تختلف عن الايدولوجيا الدينية إلا في الاسم و متشابهة في المضمون، نقرأ سيل من مقالات كتاب وصحفيين يدعون أنهم غير مؤدلجين، ويهاجمون القوى المتدينة الإسلامية بطرق استئصالية، هؤلاء لايختلفون عن القوى المتدينة المتطرفة، بل هم وجهان لعملة واحدة، يقول مثل شعبي تركي، ‏إذا تعلمت الدين من الثعلب فسوف تعتقد تدريجياً أن سرقة الدجاج فضيلة.
لذلك التجارة  بالقيم والمبادئ  والأديان السماوية والايدولوجيات الوضعية، سوق رائج، لكل أصحاب النفوس المريضة،  رأيت بنفسي بالسعودية، بعض الدجالين يصنعون عطر محلي يدعون أن رسول الله محمد ص كان يستعمله، لذلك تجد طوابير من الناس تشتري هذا العطر ويتركون أفضل العطور المصنعة حديثا، رأيت الإعلام الحكومي ومناهج التدريس في كل المدارس والجامعات توجه أبناء المجتمع السعودي على تكفير مواطنيهم السعوديين الشيعة، بدون أي ذنب وجريرة سوى كونهم شيعة، وهذا الاسلوب القذر بات عقيدة لدى البعثيين الأراذل وقطعان الجهل والتخلف من أتباع الفكر الديني الإسلامي السعودي الوهابي.
خطابات الكراهية والتكفير والاقصاء باتت طاغية على شاشات القنوات الفضائية وخطب منابر الجمعة  ووسائل التواصل الاجتماعي، تجد مشايخ وكتاب واعلاميين عربان يباركون إقامة احتفالات الشواذ في اسم الترفيه، ويشاركون الأمم الآخرى في احتفالات عيد الميلاد وراس السنة الميلادية، ويعتبرون إقامة الشيعة مآتم ذكرى استشهاد الإمام الحسين ع والذي بكاه رسول الله ص في البدعة والضلال وياليتهم يكتفون بذلك، بل لديهم فتاوى بجواز قتل كل شيعي بحجة الكفر والخروج من الإسلام……الخ من الأكاذيب التي ليس لها وجود.
مواقع التواصل الاجتماعي كشفت عن المستور والمخفي، حسابات بمتصة إكس سعودية تعلنها صراحة بغض وكره الإمام علي بن أبي طالب ع، حسابات وهابية تشتم في أئمة ال البيت عليهم السلام في الاسم، أما والدة الإمام المهدي السيدة نرجس والتي هي في إجماع المؤرخين السنة والشيعة زوجة الإمام الحسن العسكري ع  تشتم بها ليل نهار، هذه الثقافة المنتشرة التي تشتم أئمة ال البيت ع هي نتاج طبيعي لتحريض مشايخ الوهابية واسائتهم المتعمدة إلى الإمام علي بن أبي طالب ع وسائر أئمة ال البيت ع، هذه الثقافة المعادية إلى آل البيت ع نتج عنها انحراف آلاف الشباب والمغفلين في انتهاج أسلوب معادات ال البيت ع بدون أن يدركوا أنهم في طريق خاطىء، وغير صحيح.
الوهابية يكفرون السحرة وهم يعملون بالسحر ويعالجون الامراض المستعصية في بول البعير والحمير، ولديهم مشايخ متخصصين في قراءة الرقية ضد الحسد و اخراج الجن من أجساد الفتيات…..الخ من الخزعبلات التي لا تجد لها مكان  إلا فى المجتمعات الجاهلة.
يقول الفيلسوف الامازيغي  ابن رشد يقول: «إن التجارة بالأديان هى التجارة الرابحة فى المجتمعات التى ينتشر فيها الجهل، وإذا أردت ان تتحكم فى جاهل فعليك أن تغلف كل باطل بغلاف دينى»، ويقول ابن خلدون: «الفتن التى تتخفى وراء قناع الدين تجارة رائجة جدًا فى عصور التراجع الفكري.
نختم مقالنا في كلمات هي  وصف دقيق لأديب الثوار مكسيم غوركي من كتابه مسرحية الحضيض حيث يقول ، هناك نوعان من الرجال يحتاجان إلى الكذب، ضعاف الروح، و أولئك الذين يعيشون من كد الآخرين، فالضعاف يستمدون من الكذب القوة، أما المستغلون فهم يتخذون الكذب ستاراً لخداع غيرهم. ولكن الرجل المستقل، سيد نفسه، الذي ليس عالة على أحد.. هذا الرجل يستطيع أن يستغني عن الكذب.. لأن الكذب عقيدة العبيد و الأسياد, أما الصدق فهو إله الرجل الحر.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
12/7/2024

شاهد أيضاً

المجلس الوزاري للاقتصاد العراقي يوصي باجتماع مشترك مع الإقليم في بغداد

عقد المجلس الوزاري للاقتصاد العراقي جلسة اعتيادية ناقش خلالها عدداً من الملفات ، موصياً ببعض …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *