محمد الحسن ||
الكويت، واحة حرية الرأي والتعبير والفكر في صحراء قاحلة لم تألف للكلمة معنى ولا للحرية مضمون.. الدولة الصغيرة، كبرت من خلال الحرية التي تميّزت بها، حتى على مستوى السينما، عندما كانت مصر المتطورة تحظر بعض التفاصيل، يلجأ منتجوها وفنّانوها الى الكويت ليعبّروا عن فنونهم من دون رقيب.
الحرية هي مصدر القوّة الوحيد الذي تملكه الكويت، وحريتها ناتجة عن تنوّع انتماءات شعبها، فلم يكن امامها خيار سوى تبنّى هذا المنهج.
كان الكويتيون، من النخب الثقافية، يناقشون مفهوم الحرية وهل هي ذاتية ام مفروضة عليهم، اجوبتهم كانت تظهر في “مجلة العربي” انّ حريتهم مفروضة، صدقوا في الاجابة ولكن مقدماتها ليست صحيحة!
افترض المثقف الكويتي انّ الحرية فُرضت على بلاده من الغرب، والحقيقة انّها مفروضة بحكم التنوّع الذي تتصف به البلاد، فالسنة والشيعة يتقاربون في النسب العددية، اذ تذهب بعض الاحصاءات الى كون الشيعة يمثّلون 35٪ من نسبة السكان في البلاد وقد تصل الى ما يقارب النصف من الشعب.
وعلى مرّ العصور بقيت هذه الطائفة تمارس عقائدها على اعتبارها مكوّنٌ اصيلٌ وأساسيٌ من مكونات الشعب الكويتي، وحتى في الزمن الذي مُنع فيه شيعة العراق الذين يمثّلون غالبية الشعب العراقي من ممارسة شعائرهم، ظلّت الكويت محتفظة في هذه الميزة التي لم تؤثر على غالبيتها السُنية.
بعد العام 2020 استلم الامارة نوّاف الاحمد الصباح ومن بعده مشعل الاحمد الصباح، وفي هذه العهد بدأت تظهر المشاكل الكويتية الى العلن، وآخرها ما قام به الامير الحالي من تجميد الدستور وحلّ مجلس الامة، الامر الذي يصنّف على انّه تراجع سياسي خطير.
الخطورة تكمن في الانتماء او الافكار التي يؤمن بها آخر حكّام الامارة ، اذ يتبنى كليهما المنهج السلفي الوهابي، الامر الذي جعلهما يتقاطعان مع الحرية الدستورية وبالتالي السطو عليها، ومن ثم الذهاب ابعد الى طمس حرية العقيدة.
يقال أنّ تهميش الشيعة في الكويت ومنعهم من ممارسة عقائدهم، جاء نتيجة للتأثيرات والضغوط السعودية، إن كان القول صحيحا فالكويت تهدم دولتها واستقرارها القائم على حرية التعبير، وفي الوقت الذي تتجه به السعودية الى اتاحة بعض الحريات، تتراجع الكويت في هذا الملف الحسّاس.