إنتصار الماهود ||
طوابير الأطفال والكبار تقف أمام المطابخ الجماعية، والمنظمات التطوعية التابعة للأمم المتحدة في مخيمات النزوح لسكان غزة، وجبات فقيرة تكاد لا تشبع تلك الأفواه الجائعة.
لقد دمرت الحرب كل شيء وأرجعت القطاع سنوات للخلف.
إستعمال الطرق البدائية في توفير وطبخ الطعام وممارسة الحياة اليومية، أصبح طابعا للحياة الغزاوية، أن تجد طفلا يفرح بطبق من الرز وقطعة لحم أكثر من فرحته بألعابه أصبح منظرا مألوفا لكنه يؤذي القلب، فهذا يعتبر ترفا ودلالا في هذا الظرف.
الحرب الآن في شهرها الثامن، وهنالك أكثر من 75% يعيشون في مخيمات النزوح، وهنالك أكثر من 2.1 مليون مواطن، والذي تبلغ نسبتهم96% يهددهم خطر المجاعة، منذ بداية شهر آيار بعد التناقص الحاد في توفر المواد الغدائية وصعوبة إدخالها بسبب إحكام السيطرة على منافذ القطاع من قبل الكيان الغاصب، عشرات الأطفال ماتوا بسبب النقص في الغذاء والدواء، أمام صمت الدول العظمى الحامية والمدافعة عن الكيان .
بات إستبدال الطعام بالملابس أو جمع النفايات، من الطرق المألوفة لتوفير الطعام لدى سكان غزة، بل إن هنالك أكثر من 20% من الأهالي، تمر عليهم أياما دون تناول وجبات طعام، كما أكدت منظمات دولية أن هنالك 495 ألف مواطن تشكل نسبتهم 22% من سكان القطاع يواجهون المرحلة الخامسة، والتي تعتبر أقوى مراحل النقص الشديد في الأمن الغذائي.
مناطق تدمرت بالكامل في غزة لا تصلح للحياة، بوجود بنى تحتية مهدمة وخطر الأسلحة التي ألقيت على القطاع، حيث بلغت نسبة المنازل المدمرة أكثر من 70%، أما المنشآت الصحية فتم تدمير 84% منها ولا تستطيع توفير الخدمات الطبية اللازمة وسط إزدياد الهجمات والقصف على المواطنين الآمنين، تحتاج غزة لإعادة بنائها وإزالة أنقاض الحرب لسنوات عدة كي تعود لمدينة صالحة للسكن.
لا تقتصر الخسائر الفلسطينية على بنى تحتية مدمرة بلغت قيمتها 18.5 مليار دولار، أونقص حاد في توفير الغذاء الذي يهدد 96% من السكان، أو عدد الشهداء الذي بلغ 36050 شهيد معظمهم من النساء والأطفال، بل الخاسر الأكبر هم أمة المليار ونصف المليار مسلم (العرب اليهود ) الصامتون، إن صح التعبير وهي تقف متفرجة دون أن تقدم الدعم لسكان غزة وتساندهم، بل إكتفت بمواقف شجب خجولة لا تسمن ولا تغني من جوع، (بالطبع عدا دول محور المقاومة الشيعي )، والتي ساندت القضية الفلسطينية منذ البدء، رغم الأختلافات الأيديولوجية والمذهبية.
رغم أن هنالك دعوات حول العالم وتظاهرات مؤيدة لغزة، مطالبة بوقف الحرب الجائرة على عليها وحملة الإبادة الجماعية التي يمارسها الكيان بحق السكان، بدعم أمريكي صريح وقبيح.
فإن المراقبين الدوليين يرجحون توقف الحرب في حال توقف للكيان، (التسليح والدعم الدولي الإعلامي)، والذي سيبعد شبح الحرب كما أكدوا أن الإنفاق العسكري الإسرائيلي، على هذه الحرب سيأتي على إقتصاد إسرائيل الذي تراجع بعد الحرب بصورة كبيرة، حيث بلغ العجز بالموازنة العامة لديها 6.2%، وتوقع محللون إقتصاديون أن الحرب ستكلف إسرائيل حتى نهاية عام 2024 حوالي 81 مليار دولار، فنسبة الانفاق العسكري فاقت ال 24%، وهذه نسبة كبيرة جدا، مقابل تراجع النمو الإقتصادي والمالي لديه، حسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، عدا الأضرار التي لحقت في البنى التحتية التي تضررت بقيمة 5.2 مليار دولار.
لقد حاولت دول المحور الشيعي لعب دور ورقة الضغط على الكيان، وتهديد مصالحها سواء في البحر الاحمر أو على أراضيه بل وحتى تهديد المصالح الأمريكية، من أجل أن يوافق الكيان المؤقت على أيقاف إطلاق النار، وعقد هدنة حتى تستعيد غزة أنفاسها من جديد، وسط سكوت القوى العظمى والدول العربية المطبعة مع الكيان.
يا ترى هل ستتحرك نخوة العرب المزعومة لمساندة سكان غزة مساندة فعلية أم سنكتفي منهم بالشجب والإستنكار وطمر رؤوسهم في الرمال كالنعام؟!.