🖋📜الشيخ الدكتور عبد الرضا البهادلي ||
الغوص في معرفة النفس الانسانية والبشرية توصلك الى حقيقة ان (الانسان مملكة)، وفعلا فهو اكبر مملكة موجودة في الكون ، كما ورد في شعر فلسفي ينسب الى الامام امير المؤمنين عليه السلام ….
اتحسب انك جرم صغير …. وفيك انطوى العالم الاكبر
دواؤك فيك وما تشعر …. وداؤك منك فلا تبصر
وأنت الكتاب المبين الذي…. بأحرفه يظهر المضمر .
📍فكل شيء في هذا العالم خلق وسخر للانسان ، ولكن الله تعالى اراد ان يكون الانسان له ،كما في الحديث القدسي :((خلقت الاشياء لاجلك، وخلقتك لاجلي)) … .
ولكن امام هذا الانسان عقبات كثيرة جدا من اجل الوصول الى الله تعالى ليكون عبدا له وليس لشيء آخر ..
العقبة الاولى : الشيطان ،فالشيطان هدفه الانسان ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16)﴾ سورة الأعراف ….ومعنى ذلك ان الشيطان يقول يارب انني سوف استخدم كل الوسائل من اجل اسقاط الانسان ((﴿ ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)﴾ [ سورة الأعراف ].
العقبة الثانية: النفس ، انا النفس ، وهوى النفس، فالنفس امارة بالسوء الا ما رحم وقد شرح زين العابدين عليه السلام حقيقة النفس في مناجاة الشاكين (( إِلهِي إِلَيْكَ أَشْكُو نَفْساً بِالسُّوءِ أَمَّارَةً وَإِلى الخَطِيئَةِ مُبادِرَةً وَبِمَعاصِيكَ مُولَعَةً وَلِسَخَطِكَ مُتَعَرِّضَةً، تَسْلُكُ بِي مَسالِكِ المَهالِكِ وَتَجْعَلُنِي عِنْدَكَ أَهْوَنَ هالِكٍ كَثِيرَةَ العِلَلِ طَوِيلَةَ الاَملِ إنْ مَسَّها الشَرُّ تَجْزَعُ وَإنْ مَسَّها الخَيْرُ تَمْنَعُ مَيَّالَةً إِلى اللَّعِبِ وَاللَّهْوِ مَمْلُوَّة بِالْغَفْلَةِ وَالسَّهْوِ تُسْرِعُ بِي إِلى الحَوْبَةِ وَتُسَوِّفُنِي بِالتَّوْبَةِ)) .
العقبة الثالثة : حب الدنيا والتعلق بها :فالدنيا وما فيها من مغريات كثيرة من الشهوات والنساء والاولاد والملذات والمناصب والكراسي والاموال والذهب والقصور ، هي اعظم فتنة الانسان في الحياة الدنيا ،..كما قال تعالى :(أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ،.وقال ونبلوكم بالخير والشر فتنة ).
ابليس ونفسي والدنيا والهوى …. اين الفرار وكلهم اعدائي .
📍وفي قبال ذلك زود الله تعالى الانسان(( بالعقل)) الذي هو الجوهرة والذي به يستطيع ان يطرد الاعداء من مملكته فيصبح مستقلا وحرا من تاثير هذه لارادات التي تريد هلاكه واستعماره وفنائه والقضاء عليه ، وكذلك بالعقل يستطيع ان يوازن بين حاجات الدنيا واعمارها ، والتزود للاخرة بالتقوى ( وتزودوا فان خير الزاد التقوى) .
ولكن العقل الذي هو اعظم جهاز في مملكة الانسان يحتاج الى احياء ، فبدون ذلك يبقى العقل عاطلا عن العمل ولا ياخذ دوره في التقدم والحرية والاستقلال والابداع والتوازن ، ولاجل ذلك يبقى الانسان مستعمرا من قبل الاعداء التي هي النفس والشيطان والدنيا ما لم يحيي عقله .
📍وهذه القاعدة يمكن تطبيقها على واقع المجتمع الاسلامي الذي يريد ويطمح الى التغيير نحو الافضل والاحسن والاكمل ، فهو ما لم يغير نفسه ( لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم) ويقوم بعملية التخلية ثم التحلية ، ويقوده عالم رباني يبقى تحت الفوضى والاستعمار والاحتلال من قبل الاخرين سواء كانوا هؤلاء من الداخل ام الخارج ، وهذا حكم عقلي لا نحتاج فيه الى دليل كي يثبت حاكمية الاسلام في الحياة وانها النظام الامثل لقيادة الحياة .
🤲اللهم انا نرغب اليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة الى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة.