د. أمل الأسدي ||
نحن شيعة العراق لم نعتد علی التفاعل مع السلطة، نتيجة الظلم الذي تعرضنا إليه علی مر العصور، لهذا نحن ثائرون في أغلب أوقاتنا، نبحث عن أنموذج الحاكم العادل الذي حكم العراق ذات مرة، نبحث عن الإمام علي! ولأن الإمام المعصوم إنسان الملكوت الرحماني، فلم ولن نجده!
ولكن بقينا نبحث عن بعض صفاته كالزهد والتواضع وخدمة الناس والمحبة وإغاثة الملهوف والشجاعة والإنصاف والإنسانية المطلقة، بقينا نفتش عنها علی أمل العثور عليها في حاكم ما!
وبعد فرار الحاكم البعثي الظالم الی جوف الحفرة؛ فرحنا واستبشرنا خيرا ورحنا نبحث من جديد عن صفات الإمام علي!
وكانت نتائج البحث خيبة بعد خيبة، حيث بريق السلطة والقصور والخدم وجموع المطبلين، والسيارات الحديثة والأموال والسلاح ورفع المغمورين وتجاهل الأخيار، وتقريب البعثية الملطخة ألسنتهم وأقلامهم بدماء الأبرياء.. هنا ضاع حلم العثور علی صفات الإمام علي!
قبل أسبوع كان هناك استذكار لإحدی الشخصيات القيادية الإسلامية الراحلة، شخصية بذلت حياتها ومهجتها في سبيل المبادئ؛ فإذا بالسياسيين يحضرون بحماياتهم وسياراتهم وجمهورهم المتنقل، المتأهب للتطبيل!
فقام الفريق الدعائي لأحدهم بمقاطعة قراءة القرآن الكريم في الافتتاح لمرتين قائلا: حييوا القائد فلان بالصلاة علی محمد وآل محمد!
فصمت صوت القرآن، ثم عاد ليكمل..
فصاح فريق الدعاية: استقبلوا المجاهد… بالصلاة علی محمد ..
فصمت القرآن من جديد!!
حتی يُخيّل لك أن الراحل المُستذكَر صار ينادي:
اتركوا تاريخي، هذا ليس للربح والمتاجرة!
يجرنا هذا الموقف الی بيت والدة الرئيس الإيراني الراحل وبساطته وتواضعه!
لماذا لم يكن قصرا؟ لماذا اثاثه بهذه البساطة؟أين السيارات؟ لماذا ليس لها خدم ؟ يفتحون لها باب السيارة ويمسكون لها الجوال؟
لماذا لاتعلب الغزلان بين يديها؟
لماذا لم يعش ابنها في ترف؟ لماذا مضی بعباءته وجبته ؟
نعم، لقد ذهب الرئيس رئيسي فقيرا لكنه أغنی الناس!
غنيٌّ بمحبتهم، بالقلوب التي دعت له، وسهرت الليل تنتظر سلامته! غنيٌّ بالصفات العلوية التي حرص عليها!
تلك الصفات التي ما زلنا نبحث عنها!
نعم، رئيسي ما زال يبهرنا حتی بعد رحيله!!