الحيطان لها آذان..!

د. عطور الموسوي ||

عبارة رددها الناس بهلع طيلة حقبة البعث المظلمة، وكانت الوصية الاولى للاباء يكررونها على الابناء، بل الجميع للجميع ..
حين باع شراذم الناس انفسهم رخيصة ليكونوا عيونا وجواسيس تترصد ابناء وطنهم وتحصي عليهم انفاسهم حتى في بيوتهم وترفع تقاريرها الصفراء للمنظمة الحزبية ويذهب ضحيتها الاف الابرياء تصل عقوبتهم الى الاعدام شنقا او التغييب في مقابر جماعية ..
وهذه من مصائب ( الزمن الجميل )..والتي لم تقتصر على الجيران والاقارب وزملاء الدراسة والعمل وانما وصلت للاسرة الواحدة!
نعم كم من زوجة وشت بزوجها واخ وشى بأخيه، ولعل الأب المجرم من فضاء الصويرة الذي سلم ابنه الفتى اليافع للمنظمة الحزبية ليعدم امام عينيه كونه فارّا بروحه العزيزة وشبابه الغض من محرقة نار قادسية صدام المشؤومة، لهي صورة قاتمة لهذا الاب المتجرد من حنان الابوة ومن كل صفة انسانية ..
والأمّر والأنكى أن مجلس قيادة الثورة المنحل والذي ترأسه الطاغية صدام كانت له صلاحيات تشريعية، وقراراته لها قوة القانون كما نص على ذلك دستور 1970 المؤقت والمعدل لمرات امعانا في اعطاء صبغة دستورية على همجية حكم البعثيين الاسود، حيث ادخلت بالتعديل مادة في قانون العقوبات العراقي تحدد العقوبة ودرجاتها لمن يتهجم على شخص الرئيس وحاشيته ونشرت في الوقائع العراقية ابان عقد الثمانينيات من القرن العشرين .
وبذلك نشطت قاعدة ” للحيطان أذان ” واجتهدت أعينه وجواسيسه ليترصدوا حتى من يروي حلما، او يحدث نفسه بصوت مسموع !
وانتشرت تلك الآذان المأجورة في سيارات النقل العام والاسواق ومحال الخياطة والحلاقة لتزيد الوضع اختناقا ..
نعم لن ننسى زمن تكميم الافواه وقمع الحريات، وعدّ الانفاس حتى الهواتف الارضية مراقبة !
ليعرف ابناء هذا الجيل قيمة النعمة التي يتمعون بها ومنافذ التعبير عن الرأي العديدة العديدة التي أتيحت لهم ولكل العراقيين بعد زوال حكم البعث الاسود .
نتأمل منهم ان يطّلعوا على الوجه الحقيقي لل (الزمن الجميل) الذي يسوّقه أذناب البعث وأيتام صدام مراهنين على ذاكرة بعض العراقيين المثقوبة ..
واروي لكم انموذجا لامرأة خمسينية ذات ابناء وبنات كلهم خريجون وهي من سكنة احد أحياء بغداد الراقية،حكمت عليها محكمة الثورة سيئة الصيت بالسجن سبعة أعوام كونها ضحكت على نكتة رواها سائق عندهم عن ( صبيحه)ام الريس المقبور وكانت زوجة السائق من تلك الآذان .. فوشت بهما وحكما كلاهما بالسجن ..
فأي بلاء ابتلي العراقيون بحقبة البعث المظلمة! انى للاقلام ان تدون صفحات منها وهي قد امتدت اكثر من ثلاثة عقود مريرة

شاهد أيضاً

اتحاد الكرة: لم نحدد بعد ملعب مباراة العراق وفلسطين

أكد عضو في الاتحاد العراقي المركزي لكرة القدم، اليوم السبت، أن التصريحات المتعلقة بمكان إقامة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *