أ.د.جاسم يونس الحريري||
بروفيسور العلوم السياسية والعلاقات الدولية
للاتصال بالكاتب:- [email protected]
يعتزم الرئيس التركي ((رجب طيب أردوغان)) زيارة العراق في يوم الاثنين المو افق 22 أبريل /نيسان2024للمرة الأولى منذ 12 عاما .وتعود التحضيرات للزيارة منذ 14/3/2024 وهو موعد زيارة وزير الخارجية التركي ((هاكان فيدان))، العراق في زيارة رسمية لترتيب زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المقررة ، في وقت تسعى أنقرة إلى اقامة منطقة عازلة في شمالي العراق بعمق قد يمتد إلى 40 كم. وكان ((أحمد يلدز)) نائب وزير الخارجية التركي قد أكد انذاك أهمية مشروع طريق التنمية الذي يمتد من العراق إلى تركيا. وأكد أن المشروع سيلبي حاجة كبيرة، سيما وأن تركيا اقتصاد كبير وجارة لأوروبا. وأضاف أن العراق أيضا “كان يمتلك اقتصادا كبيرا”، معربا عن أمله في أن يعود كما كان. وشدد على أن كلا البلدين متحمسان للمشروع، وأضاف “نعتقد أنه إذا تم تنفيذه فسيجلب فوائد (كبيرة) لا تقارن بتكلفته”.لكن الملف الخلافي الرئيسي بين بغداد وانقرة وفيما يطلب العراق من تركيا تسهيلات للحصول على كميات إضافية من المياه في وقت يعيش فيه البلد تحت وقع الجفاف، تناور أنقرة للوصول إلى اتفاق عنوانه الماء مقابل النفط بما تحمله هذه المعادلة من إحالة سيئة في أذهان العراقيين إلى اتفاق النفط مقابل الغذاء في التسعينات من القرن المنصرم. ومشروع “طريق التنمية” يشمل طريقا بريا وسككا حديدية، ويمتد من العراق إلى تركيا وموانئها، ويبدأ من ميناء الفاو في خليج البصرة (جنوب العراق)، بطول 1200 كيلومتر داخل العراق، على أن يتم ربطه بشبكة السكك الحديدية التركية.ويراهن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على الزيارة المنتظرة لأردوغان إلى بغداد لبحث فرص التوصل إلى توافقات بشأن جملة من الملفات الحيوية بالنسبة إلى بغداد وأهمها ملفا المياه وصادرات نفط إقليم كردستان، المتعثرة منذ مارس 2022. وتنشر تركيا نحو 7 آلاف جندي وضابط يتغلغلون بعمق يصل الى 100 كم داخل الأراضي العراقية ولديهم 11 قاعدة عسكرية و19 معسكرا في العراق. وأكد غولر وزير الدفاع التركي ان بلاده تنوي إنشاء حزام أمني داخل العراق، وقال متحدثا عن حزب العمال “إذا أبقيناهم على بعد من 30 إلى 40 كيلومتراً على الأقل من حدودنا، فإن أمتنا وحدودنا ستكون آمنة”.ويعادل عدد القوات التركية المتواجدة بشكل دائم في العراق (اكثر من 7 الف مقاتل) ضعفي عدد القوات الأميركية في العراق والبالغة 2500 فردا. وتسعى حكومة أردوغان لأن تجعل من حربها ضدّ حزب العمال الكردستاني الذي يتمركز مقاتلوه على أجزاء من شمال العراق، عاملا لصيقا بالتعاون الاقتصادي مع الجانب العراقي المدعو من قبلها.وسبق لأردوغان نفسه أن ربط بين الملفين بقوله إنّ طريق التنمية مهم لدول المنطقة وخاصة العراق وتركيا، مشدّدا على “أهمية العمل وفق مفهوم الكفاح المشترك ضد تنظيمات حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ووحدات حماية الشعب الكردي بالنسبة إلى السلام والاستقرار”.والعراق خامس مستورد للمنتجات من تركيا في الربع الأول من عام 2024 (الحبوب، والمنتجات الغذائية، والمواد الكيميائية، والمعادن وغيرها). كما أنه الشريك الذي ازدادت المبيعات التركية إليه بشكل أكبر من غيره. ويشكل مشروع طريق التنمية بندا مهما على أجندة أردوغان في العراق. وكشف وزير النقل والبنية التحتية التركي ((عبدالقادر أورال أوغلو)) ، عن قرار تركي عراقي بإنشاء آلية مشتركة شبيهة بـ”المجلس الوزاري”، قد يشمل الإمارات وقطر أيضاً، لمتابعة المشروع.وقال إن مشروع طريق التنمية من بين القضايا المهمة التي ستتم مناقشتها في إطار تعزيز التعاون بين تركيا والعراق خلال زيارة أردوغان لبغداد، لافتاً إلى أنه تم اتخاذ خطوات مهمة خلال عام2023 بشأن “طريق التنمية”، وعقدت جولات من المباحثات الوزارية بين البلدين لتطوير التعاون، ونتيجة لاجتماعاتنا المنتظمة مع العراق، قررنا إنشاء آلية شبيهة بالمجلس الوزاري بين البلدين. وأضاف أورال أوغلو “ننتظر مشاركة الإمارات وقطر إلى جانب تركيا والعراق في المجلس الوزاري”.وأكد رئيس الرابطة الدولية لشركات النقل (UND)، سيرافتين أراس، أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق فرصة مهمة للإعلان عن طريق تجاري بديل وآمن وسريع.وقال إن “مشروع طريق التنمية بين تركيا والعراق، الذي يهدف إلى تقصير وقت السفر بين آسيا وأوروبا عبر تركيا مع ميناء الفاو الكبير، يعد أمرًا بالغ الأهمية لتركيا لتجارتها مع العراق والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت وعمان”.وأضاف أراس إنه “إذا تم حل المشاكل الأمنية في جنوب العراق، فمن الممكن أن يتحول مشروع الطريق التنموي إلى ممر بديل فعال، خاصة في ظل توترات الشرق الاوسط”.وتابع، أن “العراق أصبح الدولة رقم 78 التي تنضم إلى اتفاقية نقل البضائع تحت غطاء TIR (اتفاقية TIR)”، مشيراً الى أن “العلاقات السياسية بين تركيا والعراق إيجابية لمشروع طريق التنمية، لكن هناك مخاطر أمنية لتورط العراق في حالة نشوب حرب إسرائيلية إيرانية محتملة”، (بحسب قوله). وسيحمل الاقتصاد والتجارة و”مشروع طريق التنمية” الذي سيعتمد على تركيا وصولا لأوروبا مع تصدير النفط والغاز ومشاريع الطاقة العالمية “أهمية” لا تقل عن الأمن ومحاربة “حزب العمال الكردستاني”.ويوضح الباحث التركي أوزكيزيلجيك أن “العلاقات الاقتصادية تحظى بأهمية كبيرة لكل من العراق وتركيا”، و”يعتبر العراق سوق تصدير ضخما إلى تركيا”.أن الاهتمام التركي بتعزيز العلاقات الجديدة مع العراق يعكس السياسات الجديدة لتركيا في الإقليم، التي تُركز على تصفير المشاكل مع القوى الفاعلة وبناء شراكات مُتعددة الاتجاهات.