فهد الجبوري
من القضايا المهمة التي سلطت الاضواء عليها حرب الابادة في غزة ، هي انها كشفت المزيد من ” نفاق الغرب ” وازدواجية المعايير التي تتعامل بها معظم الدول الغربية فيما يتعلق بالشرق الاوسط ، وبالخصوص قضية الشعب الفلسطيني الذي يتعرض منذ عدة عقود الى الظلم والاضطهاد ، ونكران حقوقه المشروعة في اقامة دولته المستقلة على كامل اراضيه المحتلة.
ففي الوقت الذي يبذل قادة الغرب كل الجهود والمساعي للدفاع عن إسرائيل وتوفير كل اسباب الدعم والمساندة لها ، يغضون الطرف بشكل واضح عن حرب الابادة المستمرة في قطاع غزة منذ اكثر من ستة اشهر ، وقد ظهر ذلك جليا في مسارعتهم الى دعم هذا الكيان المحتل مقابل ما قامت به الجمهورية الاسلامية الايرانية من ممارسة حق الدفاع عن سيادتها وأمنها في الرد على العدوان الاسرائيلي الذي استهدف قنصليتها في دمشق وادى الى مقتل العديد من الاشخاص بينهم قادة كبار في الحرس الثوري الايراني.
وسارع هؤلاء القادة الى اصدار بيانات الاستنكار لما وصفوه حسب مزاجهم ” العدوان الايراني ” على حليفتهم ” إسرائيل “، وهددوا بفرض المزيد من العقوبات ضد ايران ، في موقف يفضح المعايير المزودجة التي يمارسونها في الساحة الدولية ، وهؤلاء انفسهم لم يصدر عنهم حتى الآن اي ادانة واستنكار لمشاهد القتل الجماعي للاطفال والنساء في قطاع غزة ، والتدمير الشامل لكل مرافق الحياة هناك ، وسياسة الحصار والتجويع والاستيطان في غزة والضفة الغربية المحتلة.
وماذا سيكون موقف هؤلاء القادة ” المنافقون ” من الاستعدادات الجارية التي يقوم بها جيش الاحتلال لتنفيذ هجومه على مدينة رفح التي هرب اليها ما لايقل عن مليون ونصف فلسطيني في الاشهر الاخيرة.
فقد ذكرت الصحف العالمية ومنها صحيفة الغارديان أن حكومة نتانياهو قد نشرت المزيد من القوات والمدافع والمدرعات استعدادا لشن هجوم بري واسع النطاق على مدينة رفح .
ونقلت الغارديان عن صحيفة معاريف الاسرائيلية قولها الاربعاء أن القوات قد وضعت في حالة تاهب وانذار ، وأن قرار تنفيذ الهجوم قد تمت المصادقة عليه من قبل هيئة اركان الجيش الاسرائيلي ، ووزير الدفاع يوآف غالانت.
وكانت قوات الاحتلال قد مهدت لذلك الليلة الماضية بشن هجمات جوية على رفح ومناطق مدنية اخرى اسفرت عن سقوط المزيد من الضحايا ، فيما تشير المعلومات الى ان حكومة الاحتلال تنوي تهجير الفلسطينيين من رفح ، واجبارهم على السكن في خيم خارج المدينة ، مما سيعرضهم الى المزيد من المعاناة والمآسي .
كل ذلك يجري وقادة الغرب الذين يزعمون انهم ” يحترمون حقوق الانسان ” لم يحركوا ساكنا لمنع حكومة الاحتلال من تنفيذ مخططها في ابادة الشعب الفلسطيني المحاصر ، لكنهم ابدوا كل الحرص على تقديم الدعم للكيان الغاصب عندما تعلق الأمر بممارسة ايران لحقها في الدفاع عن سيادتها التي انتهكتها حكومة الاحتلال مرات عديدة ، وكان آخرها هجومها العدواني على قنصليتها في دمشق.