من ليل سابعه حتى نهار تاسعه..!

زمزم العمران||

قال تعالى في كتابه الكريم :(وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ)

السابع من نيسان عام 1947 ، تاريخ لتأسيس حزب حفر مساوئه في ذاكرة الشعب العراقي ، حيث كان مؤسسه ميشيل عفلق مع رفاقه السوريين ، ثم تبلورت لديهم فكرة توسع هذا الحزب في الأقطار العربية ، لكي يصبح له قيادتان الاولى قومية والثانية قطرية ، وفي هذا السياق بدأ تأسيس حزب البعث العراقي عبر مراحل ابتدأت بنشر أفكاره بين العراقيين في أواخر الأربعينات ، عبر طريقيين الاول الطلبة العراقيون الذين كانوا يدرسون في سوريا ولبنان ، والثاني المعلمون السوريون الذين كانوا يدرسون في المدارس والجامعات العراقية ،وكان فؤاد الركابي هو مؤسس فرعه في العراق مع رفاقه الآخرين .

اختلف أمر هذا الحزب بعد منتصف خمسينات القرن العشرين إذ تمكن من التمدد وسط المجتمع العراقي خصوصاً بعد الانقلاب على الملكية عام 1958 بقيادة عبد الكريم قاسم ، بدأت مسيرة هذا الحزب بصورة دموية ،فقد دخل إلى بغداد في ذلك الانقلاب وتمكن من الاستيلاء على محطة الإذاعة وإعلان الثورة وقتل الملك وولي عهده وإعلان تغيير الحكم من الملكي إلى الجمهوري ، يبدأ هذا الحزب صراعه الدموي ضد أبناء الشعب العراقي من أجل السلطة والنفوذ، حيث قام بأنقلابه الثاني على النظام الجمهوري الذي شارك في تأسيسه بتاريخ 8شباط 1963 ،فشكل بذلك أول حكومة بعثية ترأسها عبد السلام عارف ،الا أن هناك خلاف مابين طرفي هذا الحزب الطرف المعتدل والطرف المتشدد ، مما دعا عارف إلى أسقاط الحكومة في 18تشرين الثاني من العام نفسه ، وتعيين الضابط البعثي أحمد البكر نائب رئيس الجمهورية ،ثم أدى تدخل ميشيل عفلق في شباط عام 1964 بتعيين صدام حسين عضو في قيادة حزب البعث، واستمر مسلسل الانقلابات الدموية ففي يوم 17تموز 1968 قام هذا الحزب بمساندة ضباط غير بعثيين بأسقاط حكومة عبد الرحمن عارف وتعيين احمد حسن البكر رئيساً وصدام حسين نائبا له ،وبعدما تخلص هذا الحزب من المتحالفين معه في اخر انقلاب .

بدأت موجة من التصفيات داخله ،فقد تم أغتيال اول منظر له وأبرزهم فؤاد الركابي داخل السجن عام 1971 وفي الثامن من تموز عام 1973 أعدم رئيس الحكومة وجهاز الأمن الداخلي ناظم كزار مع 35 عنصر من رفاقه لقيامهم في محاولة انقلاب فاشلة وخلال هذه السنين قبل استلام المجرم صدام للسلطة ، كان هذا الحزب قد أمعن بالقتل والتنكيل ضد المنتمين لتنظيمات حزبية أخرى ، مثل الحزب الشيوعي العراقي وحزب الدعوة حيث قام بأعتقال وتعذيب العديد من المنتمين لهذين الحزبين ، تمكن صدام حسين في حزيران عام 1979 أن يصبح رئيسا للجمهورية ، بعد إعفاء البكر من منصبه وفرض الإقامة الجبرية عليه بسبب رفضه القبول بدخول الحرب ضد الجارة أيران ، وخلال شهرين من العام نفسه نفذ سلسلة اعدامات شملت ثُلث أعضاء مجلس قيادة الثورة وأبرز أعضاء حزبه ، حيث تجاوز العدد 500شخص ، ولم يبقى منهم إلا عزت الدوري وطارق عزيز وطه يس رمضان .

هذا مانفذه ذلك الحزب بأتباعه فكيف تعامل مع من كان ضده ، لقد قام بحملة أعدامات جماعية لعائلات كاملة منها عائلة السيد المبرقع وعائلة السيد الحكيم وقتل العديد من المفكرين والعلماء وفضلاء الحوزة ووجهاء المجتمع وآخرها ، أعدم المرجع الكبير الشهيد محمد باقر الصدر مع أخته نور الهدى في التاسع من شهر نيسان 1980 ، ليدخل بعدها بخمسة أشهر العراق في حرب ضد جارته إيران استمرت لثمان سنوات أسفرت عن 340 الف ضحية من أبناء العراق و700 الف جريح و 400 ألف لاجئ و70 الف أسير ، أما الخسائر الاقتصادية فقد خسر العراق حوالي 251 مليار دولار، وتراكم عليها 130 مليار دولار من الديون كما أسفرت عن تدمير المنشآت الحيوية ، وتوقف التجارة وتراجع كبير في اقتصاد البلدين ، لم تكن تلك المغامرة المتهورة الأخيرة ، التي دخل فيها هذا الحزب واعضائه .

ما أن حل آب عام 1990 ، حتى اجتاحت قيادة ذلك الحزب الدول المجاورة العربية وهي الكويت والسعودية تحت اعذار وحجج غير منطقية ، لتدخل العراق مرة أخرى في حرب قادها ضده تحالف من ثلاثين دولة ، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بعد رفضه الانسحاب من الكويت ، لكي تسفر عن تدمير معظم البنى التحتية العراقية وكذلك قدراته العسكرية ، وقد صرح رئيس وزراء حكومة البعث آنذاك سعدون حمادي ، أن قيمة الخسائر جراء القصف الجوي والأعمال العسكرية ، بلغت 200 مليار دولار كما أن تقرير بعثة الأمم المتحدة الذي رفع لأمينها في حزيران عام 1991 ، قدر نسبة الدمار الذي تعرضت له البنية الأساسية للمجتمع والاقتصاد العراقيين بأنها في حالات كثيرة وصلت 100% ، ويشمل ذلك محطات الكهرباء والصرف الصحي ومياه الشرب والجسور ومنشآت انتاج النفط وتكريره ،وبسبب هذه المغامرات أنتفض الشعب العراقي ، في النصف من شعبان عام 1991 ، معلناً رفضه لهذه القيادة وهذا الحزب ممادفعه إلى تقديم كل التنازلات للتحالف الثلاثيني الذي اعتدى على الوطن في خيمة سفوان ، مقابل السماح له بطيران طائراته المروحية ، من أجل قمع الشعب المنتفض فملئ ارض الوطن مرة أخرى بالمقابر الجماعية ، وزج بالعديد من أبناء شعبه بالمعتقلات .

خرج العراق منهكاً ، وخضع لعقوبات اقتصادية أمومية تسببت بنقص الغذاء والدواء وقطع الغيار وغيرها من الحاجات الأساسية للمجتمع ، أما تقديرات خسائر هذا الحزب واعضائه فقد قدمت دراسة للأمم المتحدة ، أن نفقة القيمة الاستبدالية لأنظمة توليد الطاقة الكهربائية تعادل 20 مليار دولار ، وان إجمالي قيمة الموجودات المدمرة يتجاوز 232 مليار دولار ، أما أثر هذه السياسات على اقتصاد الفرد العراقي فقد وصلت معدلات التضخم إلى نسب عالية جداً ، فأن نسبة حصة الفرد إلى أجمالي الدخل المحلي تراجعت من 4083 دولار عام 1980، إلى 1756 دولار عام 1988 ، ثم إلى 627 دولار عام 1991 ،وارتفعت اسعار المواد الغذائية بزيادة تتراوح مابين 1500 إلى 2000% وتراجعت القدرة الشرائية للدخل الفردي المخصص للمواد الغذائية مابين 15 و20 % .

أما تعويضات تلك الحرب للكويت ، فقد أقر لها 100 مليار دولار وأقر لأيران تعويض قدره 97 مليار دولار ، واستمر هذا الحزب بنفس النهج في محاربة أبناء شعبه ، فقد قام بقتل علماء الدين وتصفيتهم مثل الشيخ الغروي والشيخ البروجردي عام 1998 ،ثم اغتيال الشهيد الصدر الثاني ونجليه عام 1999 وإعدام واعتقال العديد من أتباعه .

استمر هذا الحال حتى سقوط هذا النظام المعتوه وحزبه على يد أسياده الامريكان في نفس التاريخ الذي استشهد فيه الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره ) ليكون درساً وعبرة لكل طاغية وربما سائل يسأل لم تذكر لهذا الحزب في قيادته للبلد منجزات عمرانية ومشاريعه، فنقول بعد كل هذا الدمار الذي سببه هذا النظام وهذا الحزب لهذا الشعب والبلد ، هل بقي ممابنى شيئاً ونحن لازلنا نعاني من تبعات سياساته المتهورة، ولكن هناك مثل ينطبق على البعض من المتملقين والمادحين له (المايشوف من الغربيل يبقى أعمى ) .

شاهد أيضاً

وزارة الداخلية : إصدار أحكام الإعدام بحق (82) تاجر مخدرات في العراق

كشفت وزارة الداخلية تفاصيل عملية الردع الرابعة الخاصة بمكافحة المخدرات والتي أطاحت بـ116 متاجرا دوليا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *