قاسم الغراوي ||
كاتب وصحفي
( عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ، لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ).
من الخطأ جداً تعميم الحالات السلبية أو الأنحرافات الشخصية وإلصاقها بالجميع ، فإنه ظلم وجناية على البريئين وإن قلّوا ، وهو أيضاً يمكن ان يكون دافعاً لوقوع أشخاص آخرين في تلك الإنحرافات أو السلبيات لفقدانهم الأمل بالحالة المثالية أو الصورة النموذجية ، مع أنها موجودة حتماً وفي عدة أفراد وإن لم نعرفهم.
التعميم مبني على تصور أولي ، أو على استقراء ناقص ، وكلاهما غير علمي وغير موضوعي ، ولايصلح أن يكون دليلاً كما يقرره علم المنطق والفلسفة والرياضيات.
ينبغي التفريق بين من يخطأ أو يزل لضعف طارئ أمام النفس أو الشيطان ، أو نزوة عابرة لغغلة أو نسيان ، بحيث تكون زلته مؤقتة سرعان ما يجتنبها ويتوب منها ، ويحس بالحسرة والندامة على ما صدر منه من خطأ أو سوء ..فهذا لا يمكن أن يساوى أو يجعل في خانة واحدة ، مع من يرتكب الأخطاء والسيئات بتعمد وإصرار وجرأة وعناد ، ولايوجد عنده رادع ، ولايحس بالندم ، ولا يفكر بالتوبة
والإستغفار ، بل قد يتباهى بما يفعله من السيئات ،
إن لم يكن من النوع الذي يرائي أو ينافق أمام الآخرين ، بحيث يظهر أمامهم الصلاح المتصنّع ، ويخفي عنهم فساده الفعلي الذي يلتذ به ويصر عليه .
ومحل الشاهد على أية حال ، هو ان الخير موجود والصلاح موجود والعفاف موجود ، وهناك عدد كبير من الناس يمتلكون النزاهة والشرف والصفات المثالية والنموذجية ..
ولابد دائما من ان نتذكر قول الله تعالى :
( عليكم أنفسكم ، لا يضركم من ضل اذا إهتديتم ) .
والفكرة الأساسية التي نريد التأكيد عليها هنا ، هي أن لا نسمح أبداً لأخطاء الآخرين وسلبياتهم ، أن تؤثر على إلتزامنا بديننا وطاعتنا لله تعالى ..
حتى لو كان هؤلاء محسوبين على الدين أو ينتمون الى الدين ، مهما كانوا ، قلوا أو كثروا .
فالتدين بالاسلام ليس هو مجرد الإنتماء او التحدث بإسمه ، وانما التدين هو الإلتزام الفعلي بأخلاق ومبادئ وقيم هذا الدين ، في القول والفعل ، وفي الظاهر والباطن ، وبدون ذلك لايكون الشخص او العنوان متديناً ولا ملتزماً بالإسلام.
فلا يكن تهاون الآخرين أو تقصيرهم ، أو حتى إنحرافهم أو خيانتهم مهما كانوا ، لايكن ذلك سبباً لخرابنا وفساد حياتنا وآخرتنا ، وانقطاع علاقتنا برب العالمين .
ولنتذكر دائماً انها لو خليت قلبت ، وانه يوجد أكيدا من هو ثابت وملتزم ، واذا كان الجيد قليلا فلنحاول أن نكثره ونزيده بثباتنا وإلتزامنا ، ليبقى الخير ويبقى الأمل ..
وكله بعين الله ، وأن ليس للإنسان الا ماسعى ، وأن سعيه سوف يرى ، ثم يجزاه الجزاء الأوفى .
رمضان كريم