قاسم سلمان العبودي ||
لم يمر يوماً قاسياً على تل أبيب كما مرّ اليوم الذي تلا ضرب القنصلية الأيرانية في دمشق من قبل طائرات الاحتلال الصهيوني . فقد بلغت القلوب الحناجر . وبدأت التصريحات تترى من هنا وهناك من واشنطن وتل أبيب وبعض العواصم الغربية والتي كانت ثيمة تلك التصريحات هي عدم علم الجميع بتلك الضربة للنأي بالنفس من الرد الإيراني ، ألا تل أبيب التي قالت إن القصف لم يكن لمبنى دبلوماسي ، بل كان لتجمع قيادات عسكرية أيرانية ، وقد كانت نبرة التصريح تعكس مدى الرعب الذي يستشعرهُ القادة الصهاينة ، لعلمهم الأكيد بأن طهران لن تسمح بمرور هذه الضربة المؤلمة بلا رد من قبل الحرس الثوري .
المتابع للشأن الإيراني يعرف جيداً ان طهران لن تتخلى عن ثوابتها السياسية وأمنها القومي . وبما أن العدوان الصهيوني خرق الخطوط الحمراء الايرانية فأن الرد قادم لا محالة . اليوم وعلى لسان كثير من مراكز الدراسات والبحوث وعلى لسان رؤسائها أقرت بأن طهران تلقت عبر وسطاء لها طلب صهيوني بالموافقة على أستهداف أي سفارة أسرائيلية لها في العالم ، على أن لا يكون الإستهداف الأيراني القادم للعمق الاحتلالي الصهيوني . أن صحت هذه المعلومات فأن الأمر لا يخلو من خدعة صهيونية اخرى تحاول تمريرها بكل سذاجة وغباء ، لأن الجانب الإيراني لا يمكن ان تنطلي عليه مثل هذه الألاعيب الغبية .
تحاول تل أبيب ، بل تتمنى المواجهة المباشرة مع الجانب الأيراني ، كون هذه المواجهة ستكون عملية أبتزاز صهيوني للعالم الغربي تحت شعار أن الحرب تهدد الوجود الصهيوني . كتحليل عسكري لا نرى هناك ذهاب أيراني صوب المواجهة المفتوحة لان هذه المواجهة ستشعل الشرق الأوسط بأكمله ، وطهران تحاول أن لا ينزلق الشرق الأوسط ويتحول إلى كرة نار ملتهبة تحرق الأخضر واليابس . لذا نعتقد بأن الرد الإيراني القادم سيكون محدوداً وذو تأثير قوي على أركان القيادة الصهيونية . فضلاً عن ذلك ، فأن وحدة الساحات الاسلامية المقاومة للكيان الصهوني لاتزال تستهدف الكيان في البر والبحر والسماء ، وهذا بحد ذاته قد كسر شوكة العدو وأذهب بأسطورة الجيش الذي لا يقهر .
كما أن الحرب المباشرة والمفتوحة ستطيل من عمر الحكومة الصهيونية بزعامة اليمين المتطرف الذي يقوده نتنياهو ، والذي سَيسَوقهُ للرأي العام اليهودي على أنه عملية أبادة جديدة سيتعرض لها الشعب اليهودي ، من أجل البقاء أطول فترة ممكنة في الحكم للهروب من الاخفاقات التي مُني بها الجيش الصهيوني الذي لم يستطع أقتحام غزة حتى هذه اللحظة بسبب المقاومة الشرسة لحركة حماس وشبابها المقاوم المدعوم من الساحات المقاومة الأخرى في لبنان والعراق واليمن وسوريا . جميع هذه الأسقاطات الصهيونية تم دراستها من قبل الجانب الأيراني الذي يخطط بهدوء وروية لأمكانية الرد القاسي الذي سيذهل الجانب الصهيوني وسيجعلهُ نادماً على دخولهِ عش الدبابير الأيراني . أن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب .