خيارات الحكومة العراقية في التعامل مع القوات الامريكية

عدنان جواد ||

بعد الاستهدافات الاخيرة للقوات الامريكية بواسطة طائرة مسيرة واخرها القائد في كتائب حزب الله ابو باقر الساعدي رحمه الله، طالب الكثير من ابناء الشعب بطرد القوات الامريكية من العراق، وانها مصدر الشر، وانها تتدخل في كل مفاصل الدولة العراقية، وهي من تمنع العراق من ان يتطور، والحصول على السلاح ونظام الدفاع الجوي لكي يحمي سمائه، وانها هي من تشارك اسرائيل في القضاء على الفلسطينيين واضعاف الدول العربية وخاصة في العراق وسوريا ولبنان أي محور المقاومة ، ولو اخرجت من العراق لأصبح مستقلا في قراره محافظاً على سيادته، محترماً عند الدول ، تطبق قوانينه في جميع محافظات العراق من ضمنها الاقليم، ولابد من التوصل الى قرار وطني حكومي برلماني يطالب بإخراج القوات الامريكية من العراق، وان الهدف الكبير هو اخراج الولايات المتحدة ليس من العراق فقط بل من المنطقة كلها، ولا يتحقق ذلك الا بتوسيع الضربات الموجعة للقوات الامريكية في المنطقة.
وفي المقابل فان الاطراف التي ترغب ببقاء الولايات المتحدة الامريكية تقول وكما نسمعها في قناة الشرقية وتوابعها إنها ترسل رسائل ، بانها باقية على عرشها متسيدة على العالم بقوتها وجبروتها ولا يمكن منافستها، وانها قادره على ضرب اعدائها اين ما يكونوا، ولكن العراق وسوريا الحلقة الاضعف في ايصال الرسالة الامريكية الى دول العالم ، لاسيما روسيا والصين وايران ، والعراق بالخصوص لا يملك قراراً وطنياً بسبب التشظي السياسي، فالأكراد يصرحون انهم يرفضون خروج القوات الامريكية من العراق، وانهم يخافون بعد مغادرة القوات الامريكية العراق سوف يخسرون كل ما حصلوا عليه من مناصب وامتيازات وسيطرة، وكذلك السنة نفس الموقف ، وجزء من الشيعة ايضاً ولكنهم لا يصرحون بذلك، وهذا الامر سمح لهم بانتقاد الحكومة بانها غير قادرة على ضبط الاوضاع والسيطرة على فصائل المقاومة وانها لا تأتمر بأوامر الحكومة ورئيسها، ولماذا لا تتخذ موقف واضح من ضربات السليمانية واربيل من قبل تركيا وايران، والحكومة العراقية بنفسها سمت العمليات التي تستهدف البعثات الدبلوماسية ومنها الامريكية بانها ارهابية، وعندما نرد عليهم تقول انها قوات امنية، وهي ترفع علم خاص بها وليس علم الدولة، وامريكا تخاطب الحكومة العراقية اذا انت غير قادرة على فرض امرك على قوة مسلحة تستهدفنا فاتركي الامر لنا في الرد عليهم.
الحقيقة التي لا يستطيع احد ان ينكرها ان الحكومة العراقية غير قادرة على تطبيق القانون على ارضها على جميع المواطنين فهناك اشخاص وجهات فوق القانون ، فكيف تستطيع التعامل مع دول، ابسط شيء الارقام المتعددة للسيارات وخاصة صاحبة الارقام الشمالية، ودخول البضائع من الاقليم وبدون محددات، عدم ضبط الحدود ودخول المخدرات والادوية المهربة وتهريب النفط، وهل تستطيع الحكومة العراقية منع الصواريخ والطائرات الامريكية من دخول العراق؟!، فالدولة بلا قرار، ولنكون واقعيين وبعيداً عن الخطابات والشعارات ان العلاقة بين الولايات المتحدة الامريكية والعراق غير متكافئة، ونحن في العراق ومنذ التسعينات من القرن الماضي كنا حقل تجارب للأسلحة الامريكية، والاسلحة الغربية من طائرات الى صواريخ وحتى المدفعية، وان اعتماد الدولة على النفط وعدم القدرة في الفترة القريبة من الاعتماد على صادرات زراعية وصناعية محلية يجعلها رهينة للسيطرة الامريكية، بمجرد ان تتخذ قرار الحكومة الامريكية ينفذ مباشرة، مثلا اصدر الخزانة الامريكية امر بتوقيف شركة طيران فلاي بغداد فتوقفت عن العمل وخسرت العديد من طائراتها واصولها المالية، وكم من المصارف تم شمولها بالحصار والايقاف، ووضع اشخاص وقيادات من الاحزاب المشكلة للحكومة العراقية على لائحة الاستهداف الامريكية، وهناك دول عظمى مثل روسيا كلفها الوقوف بوجه الولايات المتحدة الامريكية والغرب الكثير، وايران التي تمتلك الاكتفاء الذاتي في الغذاء والدواء ، وتبيع نفطها بعيداً عن رقابة وضغوط واشنطن تعاني من الحصار الامريكي الغربي، وخاصة في المجالات الاقتصادية بفعل الفروقات بين عملتها والدولار، فما هي الخيارات امام الحكومة في التعامل مع واشنطن، بصراحة ان الخيارات محدودة في الزمن الراهن، فيجب تنويع الصادرات بتشجيع الصناعات المحلية بحماية المنتوج المحلي، وبيع النفط لجهات خارج ارادة الولايات المتحدة الامريكية وبعملات غير الدولار، وكسب ود الشعب في الاقليم والمناطق الغربية بعيداً عن ارادة الجهات السياسية هناك، أي تتفق ارادة الشعب مع ارادة الحكومة في جميع محافظات العراق، حتى تنتهي فكرة الاقاليم ، وقبل الاقدام على الخروج من الوصاية الامريكية لابد من الاعتماد على دول عظمى مثل الصين وروسيا بصورة فعلية وليس فقط توقيع اتفاقيات ، مثل ما حدث مع حكومة عادل عبد المهدي، نحتاج التفكير بعقل وترك العاطفة في التعامل مع الولايات المتحدة الامريكية، فطرد قواتها في الوقت الحالي يعني توقف مشاريع الدولة واستثماراتها مع الشركات الاجنبية، وحتى الرواتب يتم قطعها، لذلك ينبغي التفكير لهذا الامر من جميع جوانبه، وعند ايجاد البدائل في ذلك الوقت يمكن الاستغناء عنها وبدون رجعه.

تفضلكم بنشره اذا كان مناسبا ونكون لكم من الشاكرين.

شاهد أيضاً

التعليم تؤكد قبول أكثر من ثلاثة آلاف طالب دولي في الجامعات العراقية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *