ألوان النصر: دروس الصمود والأمل في رحلة النضال

د.عامر الطائي

في ظلال النضال وسعي الأمم نحو تحقيق العدالة وإقامة الحق، تتجلى ملحمة الإنسان في مواجهة الطغيان والظلم، حيث يصبح كل فعل نضالي سلسلة من الآمال المعقودة على تحقيق الفوز والنصر. لكن، هل يمكن أن نقيس نجاح هذه النضالات بمقاييس النصر المادي والانتصارات الظاهرة فقط؟ إن هذا السؤال يفتح بابًا على إدراك أعمق لمعنى الجهاد والنضال في سبيل القيم والمبادئ.

في تاريخ الأمم، وخاصةً في سياق الأمة الإسلامية، نجد سجلات حافلة بالنضالات والانتفاضات التي قام بها أفراد وجماعات ضد الظلم والطغيان. من انتفاضة العراق في صفر عام 1397 هجرية، إلى ثورة السيد الشهيد محمد باقر الصدر في رجب 1399 هجرية، وحتى ثوار الدجيل، تتعدد الأمثلة التي تشير إلى مساعي جادة في إزاحة ظلم الطغاة وإحقاق الحق.

لكن، إن لم تتوج هذه المساعي بالنجاح المادي والظاهر، هل يعني ذلك فشلها؟ الإجابة بالنفي قطعًا، لأن النصر في منظور إسلامي أوسع وأعمق من مجرد تحقيق الأهداف المادية. إنه يتعلق بالسعي والجهد والتضحية في سبيل القيم العليا، والثبات على المبادئ، وإحياء الوعي بين الناس.

إن القيمة الحقيقية للنضال لا تقاس فقط بالنتائج، بل بالمثابرة والعزيمة والصبر في وجه الصعاب. ولعل في هذا درسًا عظيمًا يعلمنا أن الفشل في تحقيق النصر الظاهر لا يعد خسارة مطلقة، بل قد يكون بذرة لنصر معنوي وروحي يمهد الطريق لأجيال قادمة.

فلنتذكر أن حركات الأنبياء والصالحين لم تقاس بما أزالت من منكر في زمانها فقط، بل بما زرعته من بذور الخير والعدل التي أثمرت عبر الأزمان. وهكذا، ينبغي أن ننظر إلى نضالات الأمم والشعوب بعين الإيمان والتفاؤل، معتبرين كل جهد في سبيل الحق خطوة على طريق النصر الأكبر.

في هذا المعترك، يتوجب علينا أن نعيد تقييم معايير النجاح والفشل، وأن ندرك بعمق أن النضال في سبيل الحق والعدالة هو في حد ذاته نصرًا، حتى وإن لم تتحقق كل الأهداف المنشودة. إن الأمل والإيمان بالقضية، والعمل الدؤوب من أجلها، يمثلان جوهر النجاح الحقيقي.

شاهد أيضاً

اللواء سلامي :كل ركن من المقاومة يعمل في ارضه ووفقا لاهدافه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *