هجوم التنفْ و وقائع أُخرى تُغري نتنياهو وبايدن للتورط في حرب .

الدكتور السفير جواد الهنداوي

اول هذه الوقائع هو اشتداد وتيرة الهجمات على القواعد الأمريكية في المنطقة ، وخاصة في سوريّة وفي العراق ، و آخرها الهجوم الذي وقع في قاعدة التنف الأمريكية ،على الحدود العراقية الأردنية السوريّة ، و أدى إلى مقتل ثلاثة جنود امريكين ، وجرح ٢٤ آخر ،حسبما تناقلته وسائل الإعلام ، و وفقاً لتصريحات رسمية أمريكية . اتهّمَ الرئيس بايدن الفصائل المحسوبة على ايران ، و وعدها بالمحاسبة و بالرّدْ ، وبدأ الإعلام الأمريكي الموالي ،وكذلك نواب في الكونغرس الأمريكي ،بمطالبة الادارة الأمريكية بضرب اهداف في داخل ايران .
لم تُعلنْ ايّة جهة مسؤوليتها عن الهجوم ، ولكن ،بطبيعة الحال تتجّه الانظار و الأفكار والتهم الأمريكية ، إلى فصائل المقاومة المناهضة للوجود العسكري الأمريكي ، الداعم للكيان الصهيوني ،و المُحتل للأراضي السورية . ومجرد التفكير بجهة اخرى ، تقفُ خلف هذا الهجوم ، لغرض صّبْ الزيت على النار المُشتعلة في المنطقة ، والذهاب إلى خيار الحرب ، يعتبره البعض هراء ،بالرغم من دروس و شواهد في التاريخ لسيناريوهات مشابه ،منها تفجيرات ايلول عام ٢٠٠١ في امريكا ،والتي استخدمت كذريعة لاحتلال افغانستان ،و كذلك الكذبة الشهيرة لأسلحة الدمار الشامل في العراق ، والتي أُستخدمت كذريعة لاحتلال العراق ،ومنها ايضاً صناعة داعش و الإرهاب ،والتي وُظِفتْ لتدمير و احتلال دول ، ومنها ايضاً كذبة الربيع العربي و نشر الديمقراطية ،والتي برّرت اسقاط انظمة و جعل دول تتعايش مع فتن طائفية و جغرافية وتتجّه للتجزأة و الانفصال .
قرار محكمة العدل الدولية ،في ٢٠٢٤/١/٢٦ ، والذي كان سياسياً وليس قضائياً ، وكان قرار ارضاء و توافق وليس قرار انصاف و عدل ، هو ايضاً من بين الوقائع التي تُغري نتنياهو و بايدن للذهاب إلى خيار الحرب في المنطقة ، كان القرار تبرئة لنتنياهو و داعميه بالرغم من جرائم الابادة و الحرب التي ارتكبوها . هل يدركُ قضاة المحكمة ان قرارهم هو بمثابة ضوء أخضر لنتنياهو وبايدن بالذهاب بعيداً في القتل و الإجرام ، ولما لا ،بشّنِ حرب جديدة في المنطقة تمّرُ عبر بوابة لبنان !
كلاهما ( نتنياهو و بايدن ) يواجهان ازمة سياسية . الاول سيسقط عند وقف الحرب ، والثاني سيسقط في الانتخابات ، واستفتاءات الرأي العام في امريكا تُبّشر بصعود ترامب ، و مطالبات ولاية تكساس بالانفصال . قد يكون خيار الحرب لكليهما هو الطريق للهروب من هذه الأزمات ، ولطالما نادى وسعى نتنياهو ( وهو الناطق بأسم الصهيونية ) إلى الحرب التي ينتظرها و يوعِد بها مع حزب الله او مع ايران .
يحسبُ نتنياهو بأنَّ الظروف مهيئة لشّن حربٍ على جنوب لبنان ، وخاصة بعد فشل الوساطات الأمريكية و الغربية في مباحثاتها ،التي جرتْ ولم تتوقف في لبنان ، فلا ضمانات من حزب الله للعودة وراء نهر الليطاني ،ولا ضمانات منه بعدم التعرّض للمغتصبين الصهاينة عند عودتهم إلى القرى الفلسطينية المغتصبة في شمال فلسطين ، لاسيّما وانَّ الإعلام الاسرائيلي و الصهيوني يتحدث وبتكرار عن استحالة عودة المغتصبين إلى قرى شمال فلسطين ، طالما قوات الرضوان لحزب الله على الحدود . وحرب في جنوب لبنان تعني حربٌ شاملة في المنطقة ،إنْ قررت إيران دخولها ، وهذا ما يريدهُ نتنياهو . وقد يقتنع الرئيس بايدن و الكونغرس بدعم إسرائيل في حربٍ في لبنان ،ضنًناً منهم بعدم انخراط إيران فيها ،كما حصلَ في غزّة .
صحيح توّرط امريكا و الغرب في حرب مع روسيا في أوكرانيا ، و اخرى اقتصادية مع الصين ،وصحيح ايضاً قرب نفاذ مخزون السلاح للحربيّن ، ومن المفترض بهذه العوامل تجعل امريكا ان لا تفّكرْ مطلقاً بحربٍ اخرى ، ولكن ، يعّلمنا التاريخ بأنَّ قرارات الحروب التي أتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية كانت فاشلة ، وجلبت لأمريكا الضعف والهوان و الهزائم .
روسيا و الصين ينتظران ساعة انجرار امريكا والناتو في حربٍ شاملة في الشرق الأوسط ، وفصائل المقاومة في المنطقة تحسبُ انه وقت توجيه الضربات واحده تلو الأخرى ،مطمئنة على ما يبدوا على عجز امريكا و ربيبتها إسرائيل في الاقدام على الحرب التي يترقبها كبار الخصوم لأمريكا .

شاهد أيضاً

الداخلية تكشف حقيقة عودة العصابات وتجار المخدرات إلى منطقة “البتاويين”

أعلنت وزارة الداخلية، اليوم السبت، حقيقة عودة تجار المخدرات والعصابات إلى منطقة البتاويين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *