بشار الأسد: المقاومة مرغت أنف “إسرائيل” في التراب

أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن الحرب اليوم هي حرب الحقيقة وما حصل بفلسطين كسر هيمنة الرواية الصهيونية عالميا وأن التمسك بالقضايا يحمي الأوطان والشعب الفلسطيني نجح بالتمسك بقضيته.

وقال الأسد خلال اجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث: “أثبتت فلسطين وخاصة ما حصل مؤخرا في غزة، أن الغرب استعماري ولم يتغير، يعني فضحت الغرب عند الغربيين الذين كانوا يصدقون المبادئ التي تطرح، من ديمقراطية، وحرية، وإنسانية وغيرها.. وغيّر الواقع بالنسبة لأبناء الدول الغربية وللآخرين الذين كانوا منبهرين بالغرب بمن فيهم المنبهرون في عالمنا العربي”.

وأضاف الأسد أن “الشيء الوحيد الذي يستحق الحديث هو الوضع الفلسطيني خاصة ما حصل في غزة مؤخرا.. غيّر حقائق تاريخية لسنوات طويلة وربما لأجيال، ولن تتغير في المدى المنظور بغض النظر عن نتائج الحرب.. دُمرت غزة.. هُجر الشعب الفلسطيني.. أُبيد الشعب الفلسطيني.. هناك حقائق ظهرت، وهذه الحقائق بالنسبة لنا هي دروس مستفادة يجب أن نفكر فيها ونتعلمها لأنها تتقاطع بشكل كبير مع ما عاشته سورية ومع ما يمكن أن تعيشه دول عربية أخرى، وربما غير عربية لأن المبادئ واحدة بالنسبة للشعوب والأوطان”.

وتابع قائلا أن “حرب فلسطين أثبتت بالمحصلة، والمقاومات، أن التكنولوجيا أهم من السلاح وأن العقيدة أصلب من قسوة الإرهاب والإجرام، وأن الهجوم أفضل وسيلة للدفاع، وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وأن الانبطاح أمام الأعداء هو ليس خيارا وإنما انتحار، يعني هذه المبادئ أعتقد دروسا كبيرة جدا نتعلمها من الحروب السابقة كما قلت، توجت في غزة، ولكن لو لم تسبقها تجارب مختلفة وإنجازات سابقة أسست لانتصارات المقاومة الأخيرة، لما كان من الممكن لنا أن نستفيد من هذه الدروس”.

أهم نقطة في هذه الحرب أن الصهيونية العالمية التي سيطرت على الرواية منذ نشأة القضية الفلسطينية من سبعة عقود وربما من القرن التاسع عشر لأول مرة تفقد السيطرة على هذه الرواية، بجانب من الجوانب.. لأن وسائل التواصل الاجتماعي التي كانت أداة الغرب من أجل السيطرة على العقول عبر الرواية وعبر الثقافة وعبر السياسة وعبر العادات والتقاليد تسيطر على العالم بكل جانب من جوانبه، قد نضجت، وأنا أقصد نضجت ..نضج من يستخدمها، نضجت الشعوب في استخدامها فانقلب السحر على الساحر وخسرت الصهيونية روايتها حتى في أهم معاقلها منها الولايات المتحدة، لا يعني أن الشارع الأمريكي أصبح داعماً لفلسطين ولكن أصبح لديه الكثير من الشكوك حول الروايات الصهيونية، وهذا يتقاطع بشكل كبير مع ما عشناه في سورية في بداية الحرب، عندما كانت الدول العربية تفرض الكثير من القيود على وسائل التواصل باعتبارها أداة جديدة ومخيفة ومنها سورية، فقامت تلك الدول بتقييد، وربما قطع الإنترنت بشكل مطلق بعكس ما قمنا به في سورية، قمنا بإزالة كل القيود انطلاقاً من أن هذه الحرب أولاً.. يجب أن تخاض.. بطريقة.. طريقة الأعداء، فلا يكفي أن نخوضها بطريقتنا.

ثانياً.. انطلاقاً من الثقة بالجمهور، فإذا لم يتمكن الجمهور العريض من الدفاع عن وطنه فلا معنى للدولة ولا أمل للدولة في الدفاع عن وطنها، فكان لدينا مبدأ في بداية الحرب بأن قوتنا هي في وعي الجمهور وليس قوتنا في القوات المسلحة وفي الخطاب السياسي وكل هذه الأمور الهامة، ولكن عندما نقول الحاضنة الشعبية فهي حاضنة الوعي، وتمكنا .. ليس بالضرورة باختراق الرأي العام العالمي ولم نكن نفكر بهذا الشيء، ولكن تمكنا كمجتمع من حماية الرأي العام الداخلي في سورية.

وتابع الرئيس الأسد: ما يتقاطع بين الحرب السورية والحرب في فلسطين والحرب في أوكرانيا والحرب في الصين -بحر الصين الجنوبي وفي فنزويلا وغيرها، كل حروب الغرب وتحديداً أمريكا تستند بالدرجة الثانية إلى السيطرة على الأرض ولكن بالدرجة الأولى إلى السيطرة على الحقيقة.. اليوم الحرب هي حرب الحقيقة، ومن يربح الحقيقة.. طبعاً الحقيقة بغض النظر إن كانت حقيقية أو مزورة، هو من يربح الحرب والمعركة. لذلك أكثر ما أرعب الخونة في سورية في بداية الحرب أن يعرف العالم وأن يعرف السوري تحديداً وليس العالم بأنهم خونة، وأن يعرف السوري بأن الإرهابي هو مرتزق وليس ثائراً، وأكثر ما يُرعب “إسرائيل” اليوم في العالم أن يعرف العالم حقيقتها الإرهابية، لذلك المعركة هي معركة الحقيقة اليوم، ويجب أن نعرف بأن الولايات المتحدة سيطرت على العالم قبل الدولار وقبل الأساطيل بالحقيقة، وبدأت هذه الحقيقة منذ الحرب العالمية الثانية، فكلنا تعلمنا وعشنا من خلال الأفلام والروايات والقراءات بأن الغرب هو عدو النازية، ونسينا بأن النازية هي العدو الأساسي لروسيا “الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت”.

أغلبنا لا يعرف بأن صعود النازية بين الحرب العالمية الأولى والثانية هو كان بدعم أمريكي، الكل يتساءل.. كيف كان هناك يعني انهيار ألماني وقيود أوروبية، كيف سمحوا للنازية بالصعود وتأسيس جيش، بالدعم الأمريكي.. بالأموال الأمريكية.. بالقروض.. بالاستثمارات أعتقد حتى شركة فورد استثمرت، وبقيت الاستثمارات بعد بدء الحرب، وبقي الدعم بعد بدء الحرب، أعتقد ربما خلال العام الأول، وعندما تغيّرت الخطة النازية تغير الدعم الغربي وأظهرت أوروبا بأنها ضد تلك الحرب.

وتابع الرئيس الأسد: في نفس الإطار، من دروس غزة، ما هو السؤال الشائع اليوم؟ من خسر المعركة حتى الآن؟ لا نقول من ربح المعركة، من خسر، هل الإسرائيلي الذي خسر الكثير من الجنود أكثر مما خسر في معظم الحروب والسمعة وأشياء كثيرة في الداخل؟ أم هو الفلسطيني الذي خسر عشرات الآلاف من الأرواح ودُمرت مدنه بشكل شبه كامل في بعض المناطق؟ يعني إذا أردنا أن نكون موضوعيين أستطيع أن أقول من يحدد هذه الخسائر أو الأرباح هو الطرف المقاتل نفسه، كلا الطرفين بالطريقة التي يراها، فكل شخص يرى الحرب من زاوية مختلفة، وهذا الشيء لو أردنا أن نقيسه على المعارك في سورية، المعركة الكبرى أو المعارك الصغرى، نستطيع أن ننظر إليها من زوايا مختلفة، ولكن هناك مقارنات، حقائق، لا يمكن القفز فوقها هي التي تجعلنا ننظر للمعركة من الخارج بطريقة مختلفة عن النقاش السطحي جداً اللامبدئي الذي يدور، مقارنة واحد من أقوى الجيوش في العالم، الجيش الإسرائيلي من أقوى جيوش العالم وليس المنطقة، هو أقوى جيش في المنطقة بكل تأكيد من الناحية التقنية على الأقل والتدميرية، مع مجموعات من المقاتلين المقاومين الذين لا يتجاوزون بضعة ألوية في هذا الجيش، هو بحد ذاته إهانة لا مثيل لها، هو فضيحة بالنسبة للجيش الإسرائيلي بالمعنى العسكري، ليس بالمعنى الأخلاقي، “مرّغوا أنفه في التراب” بكل بساطة.

“إسرائيل” هي الابن الشرعي للاستعمار

وتابع الرئيس الأسد: النقطة الثانية، الحقيقة الثانية هي هجمة الأساطيل الغربية إلى “إسرائيل” خلال الأيام الأولى مع هجمة المسؤولين، لم يأت كل هؤلاء لكي يقدموا الدعم لـ “إسرائيل” بالمعنى العسكري، الدعم موجود، المستودعات موجودة في كل المناطق، في الشرق الأوسط وفي أوروبا هي في خدمة “إسرائيل”، فلماذا قاموا بهذا العمل؟ لأن “إسرائيل” كانت تنهار، وهذا يؤكد على أن “إسرائيل” أولاً هي الابن الشرعي للاستعمار، هذه الهجمة هي هجمة الأم لحماية ابنها، بهذه الطريقة، لا تفسر بأي طريقة أخرى، لم تكن من أجل تهديد الحزب أو من أجل تهديد إيران، كل هذا الكلام غير صحيح لأن الأساطيل موجودة في الخليج وموجودة في البحر المتوسط ولا حاجة لتحريكها بضع مئات من الكيلومترات لكي يغيروا التوازن، ولكن الرسالة الحقيقية كانت للمجتمع الإسرائيلي المنهار، وهذا يؤكد أن هذا المجتمع هو مجتمع مركب، يعني هذا المجتمع لديه كل الدعم الدولي منذ القرن التاسع عشر قبل أن تنشأ “إسرائيل” بشكلها الحالي، مقابل مجتمع مُحاصر ومُحارب دولياً ومُقتل إسرائيلياً، نلاحظ درجة التماسك والصمود الموجودة لديه.

المقاومة تمكنت من كسر الهيمنة الصهيونية على الرواية بنشر الحقيقة والتعامل الأخلاقي مع الأسرى

وأضاف الرئيس الأسد: النقطة الأخرى هي التفوق الفلسطيني في نشر الحقيقة ونشر المعلومة، بالرغم من أن حتى الكهرباء والإنترنت والاتصالات ممنوعة عنه، ولكنه قام بعمل إعلامي فعلاً كان مذهلاً لنا جميعاً، مقابل خسارة الرواية الصهيونية كما قلت قبل قليل، وهي التي تتحكم في الرواية العالمية، يعني كل أفلام هوليود على مدى قرن من الزمن وأكثر توجه العالم كله باتجاه رواية واحدة، فتمكنوا من كسر الهيمنة الصهيونية على هذه الرواية، كما قلت حتى في الساحة الأهم وهي الولايات المتحدة الأمريكية.

المقارنة الأهم هي المقارنة الأخلاقية، نلاحظ كيف تعامل الصهاينة جيشاً ومستوطنين مع الأسرى الفلسطينيين كباراً وصغاراً، مدنيين وعسكريين، أطفالاً، شيوخاً، رجالاً، نساءً لا يهم، بشكل وحشي، مقابل التعامل الأخلاقي للفلسطيني مع الأسرى الصهاينة، لدرجة أن هذا التعامل أرعب المؤسسات الإسرائيلية التي حاولت بشتى الطرق أن تعتم على ردود أفعال الأسرى الصهاينة ولكنها لم تتمكن، وهذه المقارنة هي ليست مقارنة صعبة بل مستحيلة، وهي التي تثبت بأن الطرف الأول، الصهيوني هو ليس شعباً، أو شعباً وهمياً وكاذباً ومزيفاً، والطرف الآخر هو الطرف الأصيل الحقيقي وهذا الانتصار هو انتصار حضاري.

هناك مجموعات محبَطة وتريد أن تحبط الآخرين.. ويجب أن يكون لدينا دائماً رؤية بعيدة في القضايا الوطنية

وتابع الرئيس الأسد: أين تهمنا هذه النقطة؟ تهمنا فيما يسمى الطابور الخامس، الطابور الخامس تعرفون بالأساس هي قصة أعتقد أنها حدثت في إسبانيا، كان هناك أربعة طوابير عسكرية، فقالوا للقائد كيف ستدخل؟ قال هناك طابور خامس يعمل معه من الداخل، الطابور الخامس بمفاهيمنا الآن هو ليس بالضرورة عملاء وخونة، لا، هناك مجموعات محبَطة وهي محبِطة لأنها تريد أن تحبط الآخرين، لأنها عندما تحبط الآخرين تشعر بأنها في مكان طبيعي، هناك شخص تافه يريد أن يرى الآخرين تافهين بنفس المستوى، لأنه يشعر بأنه في مكانه الطبيعي، في البيئة الطبيعية، هناك شخص جبان، هناك صاحب مصلحة يريد أن يعتقد بأن كل الناس تفكر مثله، فيسوق طريقته بالرواية، هؤلاء الأشخاص عندما يقيسون الأمور، المقارنات التي قمت بها، أنا، لم أسأل كم أسيراً مقابل كم أسيراً؟ كم أسيراً مقابل كم شهيداً، أو كم دبابة دمرنا مقابل كم بناء خسرنا؟ لا تقاس الأمور في القضايا وفي الأوطان وعند الشعوب بهذه الطريقة، هي ليست بورصة لكي نحسب الربح والخسارة.

هنا المشكلة بطريقة مناقشة هذه المواضيع بشكل سطحي، قد تكون بمعظمها عن حسن نوايا ولكنها خطيرة جداً، هنا يجب أن نكون حذرين من طريقة مناقشة قضايانا، وهذه نفس النقطة التي طرحتها قبل قليل، عندما يقولون لماذا لم تقف سورية مثلاً في مواقع معينة مع الدول الغربية؟ نعود لمثال العراق، كنا نعرف تماماً بأن هناك سعياً قبل الحرب في عام 2002 للتقسيم الطائفي للعراق، وهذا التقسيم الطائفي يعني أن ينتقل إلى سورية، ولاحظنا تماماً بأن الخطاب في بداية الحرب كان خطاباً طائفياً بالمطلق، وكان يفترض لولا الوعي الاجتماعي في سورية أن يفجر البلد خلال أسابيع، وربما خلال أشهر، فإذاً يجب أن يكون لدينا دائماً رؤية بعيدة نقدمها، ومقارنات تنطلق من طريقة الحديث عن القضايا الوطنية، ليس من قضية الحسابات المادية التي بدأت تطغى على الحوار الموجود، وهذا جزء من الخطاب السياسي، هنا الفرق بين الخطاب السياسي، خطاب سياسي محترف، وخطاب الهواة، الهاوي يمكن أن يقيم موقفاً سياسياً من خلال الحسابات الرقمية، نفس الشيء الاقتصاد، هناك من يقول بأن الاقتصاد قبل الحرب كانت نسبة النمو 7 بالمئة، وكان البلد يصعد كالصاروخ، لكن من قال بأن السبعة بالمئة كانت تؤدي لتنمية شاملة؟ هذا غير صحيح، فأنا عندما أُسأل عن الوضع الاقتصادي قبل الحرب، أقول لا، لم يكن الوضع الاقتصادي جيداً كما يفترض البعض، أرقام جيدة ولكن الواقع لم يكن جيداً، وربما هذا ساهم في التأسيس لحالة الحرب، والتي استغلها الغرب، التي كان يراها.. ربما معظمنا لم يكن يرى هذه الحقيقة، فإذاً يجب أن نكون منتبهين لهذه الخطابات السطحية ونواجهها بخطاب مقنع منطقي يستند إلى طريقة قياس سياسية ووطنية بنفس الوقت.

كل ما سبق يعطي الجواب حول الربح والخسارة، ويؤكد أن الكيان الصهيوني هو أضعف بكثير مما يتوهم معظم الناس في العالم العربي أو الإسلامي أو الشرق الأوسط، أو ربما في العالم ككل، هو ضعيف لأنه يحمل عوامل الموت الذاتية، ولكنه يحيا بالأوكسجين العربي، لذلك الكثير من الأشياء التي لا يفهمها الكثير من العرب، مع كل أسف، اليوم نرى خطة -وهذا أيضاً حديث الطابور الخامس في قضية الحسابات- الخطة الإسرائيلية بالنسبة لتهجير الفلسطينيين من القطاع باتجاه الأردن، الوطن البديل، ما هو عمر الوطن البديل؟ معلن.. أعتقد منذ أكثر من خمسة عقود، وغير معلن منذ نشأة “إسرائيل”، نهجر الفلسطينيين إلى مكان آخر، الأقرب هو الأردن، ونفس الشيء بالنسبة لتهجير سكان غزة باتجاه سيناء أو باتجاه مصر، هل غيرت كل التكتيكات العربية من حقيقة هذا المشروع؟ أليست مطروحة بنفس الطريقة اليوم؟ تهجير، أليست حرب غزة والضفة هي من أجل التهجير؟ نحن نسأل الطابور الخامس الذي كان يسألنا في مناطق مختلفة، لماذا لا نساير هنا ولا نساير هناك؟ ماذا قدمت المسايرات العربية للشعب العربي؟ بمن فيهم الرؤساء أو الملوك لا يهم المنصب، رؤساء الدول الذين سايروا أمريكا لعقود، هل شفع لهم ذلك عند أمريكا؟ هل هناك نموذج يقول بأن المسايرة على حساب المبادئ الوطنية ستحمي الوطن، لو كان منطق هذا الطابور يصح، فأنا سأصبح جزءاً من الطابور الخامس، وكلنا سنصبح جزءاً من الطابور الخامس لكي نحقق المصلحة الوطنية، ولكن كل الحقائق أثبتت العكس، اليوم اتضح أن المخطط يسير من دون توقف، لن توقف “إسرائيل” مخططها بالنسبة لـ “إسرائيل” الكبرى، ولن يشفع لكل من فتح مع “إسرائيل” أنه سيكون خارج هذا المخطط بدايةً من الدول القريبة، ووصولاً إلى الدول الأبعد، والتهديدات التي تقوم بها الدول العربية والرفض والاستنكار والخطوط الحمر، وأن هذا ما يحصل إعلان حرب وإعلان… لن يغير شيئاً، المخطط يسير وسيشمل الجميع.

ثمن المقاومة هو أقل من ثمن الاستسلام

وقال الرئيس الأسد: لذلك، لأن الواقع الآن كذلك، فأحداث فلسطين منذ عام 2009 عندما قُصفت غزة، ولاحقاً الهجمات المتكررة عليها والهجمات التي بدأت باتجاه الضفة الغربية، ومقاومة أبناء الضفة الغربية من الشباب، لا يتبعون لحماس ولا لفتح، هم فلسطينيون فقط، والأهم من كل ذلك مقاومة العمليات، أو العمليات التي نشأت، عمليات المقاومة التي بدأت تنطلق في أراضي عام 1948، كلها تؤكد على صحة السياسة السورية التقليدية بالنسبة لدعم المقاومة، وعندما نقول دعم المقاومة والتمسك بالمقاومة، فنحن نتمسك بمبدأ المقاومة، لا يهم كيف، كيف ندعم كيف نتحرك، تفاصيل أخرى لا تعنينا، نحن لم نتحدث في يوم من الأيام عن المقاومة إلا كمبدأ، فإذاً هي أثبتت صحة مبدأ أن ثمن المقاومة هو أقل من ثمن الاستسلام، لأن المقاومة ثمنها سريع ويمكن التأقلم معه، بينما ثمن الاستسلام هو بطيء، ويشبه الأمراض المزمنة التي تأكل الإنسان تدريجياً من دون أن يشعر، غير عكوس، ويؤدي إلى الموت التدريجي والنهائي، وإذا كان الثمن سيُدفع بكل الأحوال، لماذا لا يدفع بكرامة؟ هذا هو السؤال، يعني ستدفعون الثمن، سوف تدفعون، إن لم يكن عاجلاً فسوف يكون آجلاً، فيفضل أن تدفعوه في الوقت الذي تختارونه ومع كرامة.

المقاومة اليوم تدافع عن كل الدول العربية

وأضاف الرئيس الأسد: أثبتت صحة المبدأ السوري في أن الدفاع عن المقاومة يعني الدفاع عن الوطن، لأن غزة اليوم تدافع عن فلسطين، وفلسطين تدافع عن سورية، وفلسطين تدافع عن كل الدول العربية، كذلك هو الوضع بالنسبة للمقاومة في لبنان، المقاومة اللبنانية تدافع عن الجنوب، وتدافع عن كل لبنان وتدافع عن سورية، وتدافع عن العرب أيضاً، أُثبت صحة الموقف السوري بدعم المقاومة لأنها أثبتت، أثبتت المقاومة أنها الترياق الأقوى والأكثر فاعلية في مواجهة الطائفية، لأنها العنوان الجامع.. العنوان الوطني الجامع، والعنوان القومي الجامع، وكلنا نرى اليوم بأن المصطلحات الطائفية التي كانت توسم بها المقاومات المختلفة، اليوم انقرضت، حتى التسميات، لا يتحدث اليوم أحد عن حماس أو حزب الله، الحديث اليوم عن المقاومة، مقاومة في فلسطين، مقاومة في لبنان، هذا العنوان جامع وهذا العنوان هو الذي يطغى الآن على حساب التوافه والصغائر وما يسمون بالرويبضات، يقمعون، تعرفون الحديث الشريف، سمعتم عنه، لا أذكره بدقة حرفياً، ولكن كان الرسول الكريم يتحدث عن أنه ستأتي سنوات يصدّق فيها الكاذب ويكذّب الصادق ويخوّن المؤتمن، وصولاً إلى… وينطق الرويبضة، فقيل ما هي الرويبضة؟ قال: تافه يتحدث في أمور العامة، تخيلوا أن هذا الموضوع موجود منذ أربعة عشر قرناً، فالرويبضات هم جزء من المجتمع الإنساني، وما أكثر الرويبضات اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن لا يسمى رويبضة، يسمى خبيراً اليوم.. معظمهم خبراء.

شاهد أيضاً

التعليم تؤكد قبول أكثر من ثلاثة آلاف طالب دولي في الجامعات العراقية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *