هل يعصف “طوفان الهدنة” بنتنياهو وحكومته؟

يبدو اننا بحاجة الى وقت طويل، من اجل الوقوف على التداعيات الكارثية لمعركة “طوفان الاقصى” على الكيان الاسرائيلي وقوات الاحتلال وكذلك على المنظومة السياسية التي تتحكم بالكيان، فمن المؤكد ان هذه التداعيات كبيرة وكبيرة جدا، فالخلافات التي برزت خلال الايام القليلة الماضية والتي تعصف بالمؤسستين العسكرية والسياسية، يمكن اعتبارها قطرة من بحر خلافات ، لم يشهدها الكيان منذ عام 1948 ، واخذت بوادرها تتضح شيئا فشيئا.

على الصعيد العسكري، الذي يعتبر عصب الكيان، فشهدت قوات الاحتلال ظاهرة فريدة غير مسبوقة في عمر الكيان على مدى سبعين عاما، فقد كشفت صحيفة “يديعوت أحرنوت”، عن تهرب اكثر من الفي “جندي” عن الخدمة العسكرية، في ذروة العدوان على غزة، وهو تهرب، وصفه خبراء بأنه “أكبر تخلّف” يشهده “الجيش الإسرائيلي” منذ تأسيسه عام 1948. وقرر “الجيش الإسرائيلي” انه سيطبق عقوبات شديدة على الجنود الذين يتغيبون دون إجازة خلال الحرب في غزة.

وفي ذات السياق، اي سياق النكسات العسكرية والخلافات التي تفجرت بسبب العدوان على غزة، كشف موقع “واي نت” الإسرائيلي في تقرير له عن حالةٍ من الاحتجاج وأزمة ثقة حدثت داخل كتيبة لـ”جيش” الاحتلال، وذلك بعد رفض نحو نصف جنود سرية فيها العودة إلى وحدة القتال، على خلفية إقالة ضابطين أخذا قراراً بالانسحاب من القتال بعد عدم تلقي السرية مساعدة نارية في معركة بقطاع غزة.

وتسبّب الحادث بأزمة حادة بين قادة السرية ومقاتليهم، وبين قائد الكتيبة، مما تسبب في عدم عودة نصفهم تقريبا إلى الوحدة بسبب قرار اللواء بالوقوف إلى جانب قائد الكتيبة بدلاً من قائد السرية.

اما الخلافات على الصعيد السياسي، فهي اكبر من ان تُرصد، فهي خلافات لا يمكن ان تهدأ الا بسقوط حكومة نتنياهو ورحيله عن المشهد السياسي، وهذا بالضبط ما يفسر اصراره على مواصلة الحرب في غزة، رغم فشله الذريع في المعركة، التي لم تحرر اسيرا ولم تقض على حماس، ولم تدفع الغزيين الى النزوح عن القطاع، بينما في المقابل، مازال نتنياهو مطلوبا للقضاء على فضائحة، وكذلك لعدم معرفته لما كانت تخطط له حماس قبل 7 اكتوبر، الامر الذي عرض كيانه و”جيشه” الى هزيمة نكراء امام بضعة مئات من مقاتلي المقاومة ، وهي قضايا من المقرر ان يتم التحقيق فيها، فور انتهاء الحرب، وهي حرب يسعى نتنياهو ان تبقى مستعرة دون افق، فقط من اجل تجنب مواجهة مصيره الاسود.

ومن اهم المخاطر التي تهدد حكومة نتنياهو، هي تلك التي جاءت من رفيق دربه في التطرف والعنصرية والارهاب، وهو وزير “الأمن القومي الإسرائيلي”، إيتمار بن غفير الذي هدد بالاستقالة من الحكومة إذا لم تستأنف “إسرائيل” حربها على قطاع غزة بعد انتهاء الهدنة الإنسانية .

وقال بن غفير في مقابلة مع القناة الـ14، “إذا توقفت الحرب، فلن يكون هناك ما نفعله في الحكومة”. والمعروف ان بن غفير، الذي يرأس حزب “قوة يهودية” اليميني المتطرف، ووزيران آخران من حزبه قد صوتوا ضد اتفاق الهدنة الإنسانية المؤقتة بين حماس والكيان الإسرائيلي.

اما الوزير بيني غانتس، فقد فجر امس قنبلة، عندما طالب نتنياهو بإلغاء جميع المخصصات المالية السياسية من الميزانية المقترحة لزمن الحرب، الامر الذي سيوسع خلافا مع الأحزاب القومية الدينية في الحكومة، ومنهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، فدعوة غانتس تستهدف اتفاق التحالف الذي أبرمه نتنياهو مع سموتريتش وقادة الأحزاب الدينية الأخرى بعد انتخابات العام الماضي، والذي ينص على تخصيص مليارات الدولارات للأحزاب الدينية المتطرفة واليمينية المتطرفة المؤيدة للمستوطنين، الامر الذي سيجعل مستقبل حكومة نتنياهو على كف عفريت.

اخيرا، لخص موقع “والاه” الصهيوني حال “اسرائيل وجيشها”، وهو يتحدث على مشهد تسليم حركة حماس للدفعة الثالثة من الأسرى الصهاينة إلى الصليب الأحمر شمال غزة، معتبرا أن هذا المشهد “فقأ عين إسرائيل و طرح تساؤلات عن حقيقة ما زعمه الجيش عن سيطرته على شمال القطاع”. فكما عصف “طوفان الاقصى” بـ”هيبة الجيش الذي لا يقهر”، فان “طوفان الهدنة” سيعصف بنتنياهو وحكومته.

شاهد أيضاً

وزير الخارجية يبحث سبل تقديم كافة التسهيلات اللازمة لعمل لجنة الضمانات السيادية

بحث نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين الأحد رئيس لجنة الضمانات السيادية مستشار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *