الكاتب || عبد الجليل الزبيدي
قرار المحكمة الاتحادية بالغاء عضوية محمد ريكان الحلبوسي رئيس مجلس النواب ، علامة مضيئة في تأريخ القضاء العراقي ما بعد عام 2003 كون القرار هو الاول من نوعه في تاريخ العراق الحديث والتاريخ السياسي في الشرق الأوسط حينما يطاح بزعيم سياسي يشكل ركنا أساسيا في تشكيل منظومة الحكم ،و في دولة قائمة على التوافق والتوازن الاثني والطائفي .
القرار جاء بناءا على ادلة ووثائق تثبت ضلوع رئيس مجلس النواب بالتآمر على نائب اخر ما تسبب في الغاء الأخير .
وياتي الحكم القضائي في سياق تحولات نوعيه كبيرة كان وراءها رئيس مجلس القضاء الأعلى السيد فائق زيدان الذي لم يترك فرصة لتفعيل رؤيته في دور القضاء كسلطة لمراقبة وتفحص القرارات والقوانين والاجراءات التي تصدر عن السلطتين التشريعية والتنفيذية .
ويضيف هذا القرار غير المسبوق بصمة اخرى على صحيفة شرعية النظام السياسي حينما ينتصر الحكم القانوني لقضية اتهام تطال ثالث رجل في هرمية النظام .
ومع هذا القرار ، لم يعد بمقدور اي مسوول او شخصية سياسية مسؤولة او اعتبارية ، انها ستكون خارج المساءلة .وهو مكسب كبير للشعب العراقي الذي شعر لفترة طويلة بان النخبة السياسية الحاكمة هي خارج نطاق المساءلة وكأنها استمرار لحالة الانفلات والقتل خارج القانون التي كانت سائدة في عهد النظام السابق .
واعتقد ان توجيه ضربه اقصائية لشخصية سياسية ذات تشعبات اخطبوطية والممثل الاول لمكون رئيسي في العملية السياسية ،سوف يشعر رفاق وزملاء السيد الحلبوسي في تشكيلة الحكم الحالية بان الايام تغيرت وان القضاء قد خرج على المحددات والخطوط الحمراء التي وضعتها النخبة السياسية امام القضاء منذ عام 2003.
والسيد فائق زيدان له رؤيته التفسيرية التي اوضحها في مؤلفه الاخير وفند فيه مايعتقده الزعماء السياسيون بان رأس السلطة القضائية مكلف ب( مراعاة التكييف السياسي للحكم القضائي ) وهي قاعدة غير دستورية ظلت سارية طيلة عقدين وخلالها جرت تبرئة زعيم سياسي اتهم بثلاث جرائم قتل وايضا السماح بتهريب زعيم اخر متورط في تشكيل عصابة ارهابية مسؤولة عن ارتكاب سلسلة عمليات اغتيال .
ان النهج المستقل في سلك القضاء من شأنه اعادة الثقة بالعملية الدستورية وان القضاء سيصبح المرجعية الحارسة للدستور وتفسيراته من قبل بقية السلطات .
غير ان هذا النهج دونه عقبات في ظل ( مأسسة) الفساد في مؤسسات الدولة ونظام الحكم ، ولا تزال الكثير من القضايا الكبرى حبيسة ملفات القضاء لانها ترتبط بجهات وشخصيات سياسية نافذة ، كان يخشى انها ستقلب الطاولة على الجميع فيما لو استدعيت للقضاء وذلك قبل ان يصدر الحكم على الحلبوسي .