لملموا الطفولة من بين الركام

احمد مهدي ||

مراتٌ عديدة كُتِبَ هذا النص ثُم حُذِفَ لعدمِ القُدرةِ على تحديدِ العباراتِ التي مِنَ المُمكِن اَنْ تُقالَ بِحقِ الاحداثِ التي نُتابِعُها من غزّة ماذا اكتبُ عن ابٍ يقولُ لابنِه الجريح ( لا تبكي يا بابا كُلنا شهداء )

او اخٍ يَطلبُ مِن الكادرِ الطبي شعرةً مِن راسِ اخيهِ الشهيدِ الطفلِ طبعا وماذا يكتب عن ذاك الذي قالَ نحنُ اطفالُ فلسطينَ لا نكبر لانّهُم يقتلوننا ونحنُ صِغار تلكَ العباراتُ التي غيّرَت معادلةَ العَلاقةِ بينَ الزمنِ والعُمر

وكلُ صعبٍ مِنَ المشاهدِ والمواقفِ يَضمحِلُ عِندَ اصعبَ منه .. كلُ طفلٍ في غزّة يَصِفُ المشاهدَ التي يراها وكأنّما يتحدثُ عن لُعبةٍ ما فوصفُه للاحداثِ مَمزوجُ بينَ عدمِ القدرةِ على تحليلِ اَبعادِ الابادةِ الجماعية التي يرتكِبُها الكيانِ وبينَ الصدمةِ التي ستبقى اثارُها شاخصةً بِنَفسِ مَن سيبقى على قيدِ الحياةِ مِنهُم

المنظماتُ الانسانية تَتحدثُ بتقاريرِها عن ايامٍ كارثيةٍ تنتظرُ النازحينَ في الاماكنِ غيرِ الامِنة ليسَ بِحكمِ تهديدِ الصواريخِ الاسرائيلية ولكِن بحكم ِنَقصِ الغذاءِ والمياهِ والمُستلزماتِ الطبيةِ الذي سيكونُ ابرزَ عواملِ تفشّي الامراضِ في القِطاعِ المكتظ بالرُكامِ والجُثَث .. مُقابِلَ معاناةِ الاطفالِ في غزةَ يُفترَضُ ان تذهبَ السياسةُ الى الجحيمِ ويُفترَضُ ان يَندى جبينُ المُطبّعينَ واَصحابِ بياناتِ الاستنكارِ والتغريداتِ الخجولة

فلا بُدّ لِبُكاءِ الاطفالِ اَنْ يُحرِّكَ الضميرَ ولا بُدّ لصرخاتِ الأمهات انْ تُنادي مَن هُم خارجَ القِطاعِ لكن الواردَ اَنْ لا حياةَ لِمَن يُنادى

ما يُهوِّنُ علينا كمُتابِعينَ اَنّها ليسَت مُحاولةُ الإبادة الجماعيةِ الاولى التي يقوم بها الصهاينة  وانّ الشعبَ الفلسطيني كما اطلقَ عليه احدُ الإعلاميين شَعبٌ لا يموتُ واَنّ ما يجري مِن اجرامٍ هو محاولةٌ لِلبَحثِ عن نَصرٍ في فترةٍ اكتظت فيها الهزائِمُ على الكيان .. فالنصرُ والصبرُ لأهلنا في غزّة

شاهد أيضاً

كيف تقي نفسك من شلل النوم “الجاثوم”؟ خبير يكشف الحلول

يعد النوم من العناصر الأساسية للحفاظ على صحة الإنسان البدنية والعقلية، إلا أن العديد من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *