كوثرالعزاوي |
كثيرًا مانسمع بوقوع الفتن آخر الزمان وكثرة الانحرافات والتحريف
مايجعل الإنسان المؤمن في قلقٍ على دينه ونفسه، بل أشدّ مايشقُّ على الإنسان ذو الصلاح والايمان، هو أمر خاتمتهِ وماتؤول إليه رحلة الحياة قبل نفاد سنيّ العمر المقدّرة له بعد قطع أشواط ومحطات مضت بين المد والجزر، والإقدامِ والإحجام والفلاح والإخفاق، والتزعزع والثبات، والانتكاسة والاستقامة، إلى آخره من مطبات! وكل ذلك الكدح الذي ينال غالبًا من ذوي الأهداف السامية، إنما هو نهاية حركة الإنسان للوصول إلی الله، حيث الهدف الأسمى لملاقاة وجهه “عزوجل” بوجهٍ ناصع مستبِشر،
{يَاأَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}الانشقاق ٦
فليس من العقل والمروءة أن تنتهي الرحلة ولايتعلم الإنسان من كل خطوة، ومن كل عثرة وموقف بل حتى من الأوقات التي تمرُ بِه وهو يشعر أنها بلا معنى، لابد ان تُغيّر فيه شيئا ويأخذ منها أشياء، إذ لا يكفي أن يتلفّظ الإنسان بلسانه أنّه مؤمن بالله، وأنّه لاإله إلا الله، فالقول باللسان غير كافٍ مالم تترجمه الأعمال في زمن الفتن والاهواء، سيما وأنّنا في مرحلة قد تعدّدت فيه أشكال الفتنة وتنوعت! ومن هنا: ينبغي للمؤمن أن ينتفع من إيمانه في الدنيا والآخرة، فإن لم ينتفع من إيمانه ولايكسب منه خيرا فهو إيمان وهميّ لاحقيقة له، حيث لم يصدّقهُ موقف ولم يؤكّده عمل، هذا إذا أحسنّا الظن ولم يُحسَب بمنطق القرآن والعقل أنه من المنافقين! وليحذَر المؤمن يوم تقع الفتنة وتتمكّن من عقول الناس، وتغلب على نفوسهم وأفكارهم، وتسلب منهم الرؤية والبصيرة، عندئذ يلتبس عليهم الحقّ بالباطل، ويلتبس عليهم أهل الحقّ بأهل الباطل، فلا يميّزون هؤلاء عن أولئك، ولاهذا عن ذاك، ورغم خطورتها -اي الفتنة- إلّا أنّ من خصائصها تفرز القلّة من الذين عصمهم الله تعالى منها، ورزقهم بصيرة نافذة بعد مسيرة كدح وجهاد مختارين الحق لامجبَرين عليه، فتراهم يقفون إلى جانب الحقّ وإن قلّ أهله وروّاده، ويقارعون الباطل وإن كثر أهله وقوّاده، ويصارعون الهوى والأنا وان اشتدّ ضِرامه، والفتن على مرّ التاريخ لها أوجه كثيرة، فكل عصر للفتنة فيها مظاهر وألوان، مما يتحتم على كل إنسان ضرورة معرفة وتشخيص الفتنة، فضلًا عن الاحاطة بمعرفة الواجب فعله عند وقوع الفتن وكيفية اجتنابها، ولعل أبرز مظاهر الفتنة: هي إدمان مواقع التواصل الإجتماعي، فمن أجل حضور إيجابيّ نافع في العالم الافتراضيّ، إليك جملة من النصائح المقدّمة قبلَ الخوض والإنطلاق في إنشاء صفحتك على الفيس بوك أو التيك توك أو أي تطبيق آخر لنوافذ التواصل الإلكتروني وتحت ايّ مسمى، اتّبع الآتي:
-*دجِّج نفسَكَ بسّلاح المعرفة على المستوى العقائدي والفقهيّ والقرآني
-*تجمّل بلباس الخُلُق الرفيع وتوشح بالوعي والبصيرة،
-*تعطّر بعطر التقوى والالتزام بأحكام الدين وتعاليم الشريعة
-*ضع في حقيبتك نسبة من العلم والورع ومراقبة الله”عزوجل”
-*إشحن قلمك بمداد القوة وإخلاص النية، واختر من الكلم أطيبَهُ ومن القول أحسنهُ ثمّ انطلقْ على بركة الله تعالى، ولا تتقدّم في هذه الجبهات دون تفقّهٍ في الدين
والّا هَلَكتَ وأهلَكْتَ، ولا تنس أنّ عقيدتَنا عميقة الجوهر والمضمون متينةُ الأبعاد، فكُن لائقًا بها، زينًا لأصولها وفروعها لاشينًا عليها، هذا هو الضابط الذي يحصنك من الانزلاق، وتأكد أننا وانت لا حاجةَ لنا بهذه المواقع في غيرِ ماذُكِر أعلاه!!.
فلعل احدنا لايستطيع التحكّم في الظروف، لكننا نستطيع التحكّم في أفكارنا، توجهاتنا، معتقداتنا، بل وحتى عاداتنا وتقاليدنا، فكل ذلك مقدّس فجنّبهُ الانتهاك! فكّر قبل الإقدام، فالتفكير الإيجابي يؤدي إلى الفعل الإيجابي و النتائج الايجابية، لاتفرطوا بما تملكون من كنوز الشرف والنبل والعفة، مقابل ساعات جوفاء مهدورة الثمار، وقد تجد نفسك على ركام جُمَل الإشادة وأكوام المديح والثناء الذي في طياته غالبا صبغة نفاق اجتماعي استدراجيّ، وبالتالي يبقى ماذكرنا إنما هو عملية غربلة وتقوية للصالحين، فالمؤمن ينجح في الاختبار، والمنافق ينهار ويفشل، فينكشف أمام الله سبحانه وتعالى وأمام نفسه وأمام الناس،
{ليَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ} الانفال٤٢