مركز دراسات غرب آسيا ||
طوال عامين، ظلّ الكيان المؤقت مسلطاً للضوء على التطور النوعي لدى المقاتلين في مدينة جنين ومخيمها، ولكن شهدت الأيام الأخيرة قبل العملية التي شنّها الكيان على جنين، تغيراً كبيراً في أساليب المقاومة في التعامل مع اقتحامات العدو للمخيم وفي التأسيس لأسلوب جديد من المواجهة، فخلال أسبوع واحد، أُطلق صاروخ بدائي من الضفة الغربية تجاه المستوطنات، وخلال اقتحام قوة إسرائيلية للمخيم، انفجرت عبوات ناسفة نوعية بمدرعات ومركبات إسرائيلية ألحقت بها أضراراً وإصابات في صفوف جيش العدو.
هذا التغير النوعي في الأداء لدى مقاومي الضفة، زاد من حجم الضغوطات على الحكومة الإسرائيلية، والتي اجتمعت بشكل متكرر بهدف الوصول لحل هذه المعضلة، فتناقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية والمحللين السياسيين الكثير من الكلام عن عملية سيقوم بها جيش الاحتلال لردع الفصائل في جنين وإضعافها.
وخلال الأيام العشر التي سبقت العملية، لعب الإعلام الإسرائيلي دوراً هاماً في التضليل لحجب ما توصلت إليه الحكومة من قرار تجاه جنين، وجعل المقاومة غير قادرة على تحديد الموقف، فلجأ الإعلام الإسرائيلي إلى الاعتماد على التصريحات المتناقضة التي تظهر اختلافاً في تحديد توجهات الحكومة الإسرائيلي فكان الإعلام ينشر الرأي المؤيد لعملية عسكرية في الضفة جنين والرأي الآخر الرافض لهذا العمل، وكلا الرأيين عوّمهما الإعلام الإسرائيلي بشكل متساوي لا يظهر تقدماً لرأي على الآخر.
بالإضافة إلى ذلك عمد الإعلام الإسرائيلي قبل يومين من شنّ العملية على جنين، على لفت الأنظار نحو الخيم التي نصبها حزب الله في الأراضي المحتلة عند الحدود الشمالية، وذلك بالتوازي مع تصريحات وتحليلات ضخّمت من حجم الموضوع لإظهاره على أنه ما يشغل الحكومة الإسرائيلية في الوقت الحالي بعيداً عن التطورات في الضفة، لذا فمع تضليل مسبق حول نوايا العدو تجاه الضفة، وتسليط الضوء على الجبهة الشمالية بشكل يظهر تصعيداً وتوتراً تجاهها، أقدم الكيان وبشكل يحسبه غير متوقع على اقتحام جنين تحقيقاً لأهدافه المزعمة ظناً بأن خطواته التضليلية ستساعده في تحقيق عامل المفاجئة الهام بالنسبة له في المعارك.
لم ينته التضليل عند البدء بالعملية بل تواصل حتى اليوم، ففي سبيل عدم تدحرج الأمور نحو معركة مع أطراف أخرى كغزة ولبنان وللإبقاء على العملية قائمة من دون عوائق، عمد الإعلام الإسرائيلي على التضليل من خلال بث تصريحات وتحليلات لا تعتمد على توقيت واحد للمدى الزمني اللازم للعملية ولجعل الأمر أكثر تعقيداً لم يحدد الكيان الهدف الرئيسي من العملية بل حددّ أهدافاً عامة لا يمكن ربطها بتوقيت أو بمدى تحقيقها، وذلك ما يٌكسبه أيضاً مرونة في التعاطي مع الحدث، إذ يتيح هذا التضليل له، مرونةً في التعاطي وقدرةً على المناورة والانسحاب متى أراد وتحديد مدى تحقيقه للأهداف كيفما شاء. وحتى اليوم، لم تعلن الحكومة الإسرائيلية عن تسمية واضحة للعملية، وكلٌ بات يعطيها اسماً مثل؛ عملية واسعة، عملية أمنية، عملية تكتيكية، إلخ…
إذا في سبيل تحقيق التضليل في عملية جنين يعمد الكيان المؤقت على:
التصريحات المتناقضة (قبل وخلال العملية).
عدم الاعتماد على تسمية واضحة للعملية تظهر حجمها.
المرونة الإعلامية العالية في ضخ المعلومات والتسريبات المضللة.
تبديل التصريحات خلال العملية.
المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة
بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني