في ظل أزمة اقتصادية قضت على الأخضر واليابس في لبنان، وبعد انقطاع طال قطاعات عديدة، ووسط صرخة المواطنين الذين لا حيلة لهم إلا الانتظار الطويل في طوابير لا نهاية لها، جاء دور قوارير الغاز المنزلي التي بدأت تندر في البلد وسط تحذير الموزعين من إمكانية انقطاعها كغيرها من المواد الأولية التي يحتاجها المواطن في قوته اليومي.
منذ صباح الثلاثاء 10 آب/ أغسطس 2021، بدأ اللبنانيون يصطفون في طوابير طويلة لتعبئة قوارير الغاز المنزلي.
وحذر رئيس نقابة العاملين والموزعين في قطاع الغاز فريد زينون الثلاثاء من انقطاع قوارير الغاز المنزلي خلال أسبوع إذا لم يدفع مصرف لبنان الاعتمادات اللازمة للمستوردين.
وقال زينون “المخزون الحالي يكفينا أسبوعا، وإذا لم تحل المشكلة ستباع قوارير الغاز في السوق السوداء”.
ويبلغ سعر قارورة الغاز المنزلي حالياً حوالى 60 ألف ليرة (40 دولاراً بحسب السعر الرسمي وثلاثة دولارات بحسب السوق السوداء). ومن المرجح أن يتخطى سعر القارورة مئة ألف ليرة في السوق السوداء.
ويساوي الحد الأدنى للأجور 675 ألف ليرة، أي ما يعادل 450 دولاراً قبل الأزمة و30 دولاراً اليوم بحسب سعر الصرف في السوق السوداء. ويحصل غالبية اللبنانيين على أجورهم بالعملة المحلية.
وجراء الانهيار الاقتصادي الذي صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي، قدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قبل أيام أن 78 في المئة من السكان باتوا يعيشون في الفقر، فيما يعيش 36 في المئة في فقر مدقع.
ومع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان وتأخره في فتح اعتمادات للاستيراد، تشهد البلاد منذ أسابيع طويلة شحّاً في مواد رئيسية عدة بينها الوقود والأدوية.
وقال زينون إن “سبب الشح الحالي بالغاز المنزلي هو عدم فتح اعتمادات من قبل مصرف لبنان”، مشيراً إلى أن باخرة محملة خمسة أطنان تنتظر منذ 17 يوماً في المياه الإقليمية، لكنها لم تحصل على موافقة حتى الآن.
وفي صيدا (جنوب)، انتظر العشرات منذ الصباح لساعات عدة أمام احدى شركات توزيع الغاز المنزلي لتعبئة قواريرهم.
وقال محّمد علي حسن لفرانس برس “هل هناك ذل أكثر من هذا؟ ننتظر قارورة الغاز لنُطعم أولادنا. نخشى أن نقف لاحقاً في طوابير لشراء المياه أيضاً”. وأضاف “لعن الله هذه السلطة” الحاكمة، التي يحملها لبنانيون مسؤولة الانهيار الاقتصادي ويتهمونها بالفساد والهدر.
وفي عكار شمالاً، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أن شركات توزيع الغاز المنزلي تشهد “زحمة غير مسبوقة”.
ونقلت الوكالة عن وليد الحايك، صاحب شركة توزيع في إحدى البلدات قوله إن “الشركات المستوردة توقفت عن توفير حاجاتنا من الغاز”، مشيراً أيضاً إلى تأخر المصرف المركزي في فتح الاعتمادات اللازمة.
وفي لبنان، كل يوم تقريباً، يصدر تحذير من قطاع ما: المستشفيات تحذر من نفاد المحروقات اللازمة لتشغيل المولدات وسط انقطاع التيار الكهربائي ومخاطره على حياة المرضى، الصيدليات تنفذ إضرابات بسبب انقطاع الأدوية، المتاجر قد تضطر لإفراغ براداتها لعدم توافر الكهرباء والوقود.
وقد اعتاد اللبنانيون على مشهد الطوابير، إذ ينتظرون لساعات أمام محطات الوقود التي اعتمدت سياسة تقنين حاد في توزيع البنزين والمازوت. وتطور الاكتظاظ في مناطق عدة إلى إشكالات وحتى إطلاق نار. وقد قتل ثلاثة أشخاص يوم الإثنين في إشكالين منفصلين بسبب خلاف على شراء الوقود أمام المحطات.
انتهى م4