ذكرى شهادة باب المراد الإمام الجواد عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمه: الإمام التاسع محمد بن الإمام علي الرضا عليهما السلام.

ألقابه: الجواد ـ التقي ـ القانع ـ الزكي ـ باب المراد.

كنيته: أبو جعفر.

ولادته: ولد عليه السلام في شهر رمضان المبارك عام 195 هـ بالمدينة.

عمره: 25 سنة عاصر بقية ملك المأمون والمعتصم.

صفته: كان عليه السلام أبيضا معتدل القامة عليه ملامح الأنبياء.

مدة إمامته: سبع عشرة سنة.

هجرته: هاجر عليه السلام من المدينة إلى بغداد بأمر من المعتصم العباسي، وأقام فيها تحت الرقابة المشددة إلى أن توفي.

 

بين الإمام الرضا وابنه الجواد عليهما السلام:

نظرا لقصر المدة التي رافق خلالها الإمام الجواد والده الرضا (فلم تتجاوز السنين السبعة) فقد التصق إمامنا الجواد بأبيه الرضا عليه السلام ينهل منه علما وحكما وأدبا، وهكذا لازم الرضا ابنه الجواد ولم يبرح في يشيد الإشادة بفضله وإبراز احترامه له فكان الرضا عليه السلام لا يناديه إلا بكنيته (أبو جعفر) وكان يجلسه بجنبه ويطلب منه أن يجيب عن بعض الأسئلة الموجهة إليه أمام الناس ليدلل على سعة علمه، وهكذا استمر الأمر عندما غادر الإمام الرضا إلى خراسان وبقي الإمام الجواد في المدينة، فلم تنقطع المراسلة بينهما أبدا، وكان الإمام الرضا يكتب إليه بكنيته (أبي جعفر) وكانت رسائل أبي جعفر الجواد ترد إلى أبيه وهي في منتهى البلاغة والفصاحة، فلم يقف العمر حائلا أمام شموخه وبروز عظمته وانتشار قدراته ومواهبه.

 

امتحان الأمة:

عندما رحل الإمام الرضا عن هذه الدنيا أطبقت الحيرة على غالبية الشيعة وأخذهم الذهول، فمن هو الإمام الذي سيرجعون إليه؟

على الرغم أنهم سمعوا تكريم الرضا لابنه الجواد ولكن الجواد ما يزال في سن السابعة أو الثامنة من عمره، فهو صبي على كل حال في نظر الناس ولم تمر الحالة الشيعية بمثل هذا المنعطف الخطير بل لم تمر الأمة الإسلامية بمثل هذا الأمتحان، فكيف ستنصاع رجالات الأمة وأفذاذها وعلماؤها لصبي صغير، لاسيما أن مثل هذه الحالة لم تكن مألوفة في الأوساط العربية على الخصوص.

إن الذي مرت به هذه الأمة كالذي حدث في بني إسرائيل عندما بعث الله تعالى إليهم عيسى بن مريم يكلمهم في المهد وكما بعث إليهم يحيى فأعطاه الحكم والكتاب وهو صبي (وآتيناه الحكم صبيا) فافترقت بنو إسرائيل في عيسى فرقا، منهم من آمن به ومنهم من كذبه وكان السبب في مطاردته، وبعضهم غالي فيه، وهكذا الحال في يحيى، والأمر نفسه حصل في إمامنا الجواد عليه السلام.

فالمسلمون لأول مرة يمرون بهذا الوضع، فإن أغلبهم لم يتصور أن يكون حجة الله صبيا، فاجتمع كبار الشيعة منم الريان بن الصلت ويونس بن عبد الرحمن وصفوان بن يحيى وآخرون وخاضوا في الكلام حول المأزق الذي يمرون به حتى بكى بعضهم لشدة الحيرة.

فقال يونس: دعوا البكاء حتى يكبر هذا الصبي.

فقال الريان بن الصلت: إن كان أمر من الله جل وعلا فابن يومين مثل ابن مائة سنة وإن لم يكن من عند الله فلو عمر الواحد من الناس خمسة آلاف سنة ما كان يأتي بمثل ما يأتي به السادة أو بعضه، وهذا مما ينبغي أن ينظر فيه.

 

علم الإمام الجواد عليه السلام:

إن الشيء الملفت للنظر هو كثرة الأسئلة التي وجهت إلى الإمام  الجواد في فترة حياته القصيرة.

وكان الإمام يجيب عن المئات من الأسئلة في اليوم الواحد، وكانت هذه الأسئلة تنطلق من حب معرفة الإمام وامتحانه، وحاول المخالفون أن يسخروا من إمامنا الجواد لأنه صبي، فجالسه كبراء علمائهم وناظروه على مختلف الأصعدة فرأوا بحرا لا ينفد وعطاء علميا لا ينضب.

فقد روي أن الإمام الجواد صعد المنبر في مسجد النبي صلى الله عليه وآله بعد رحيل والده فقال: (أنا محمد بن علي الرضا، أنا الجواد، أنا العالم بأنساب الناس في الأصلاب، أنا أعلم بسرائركم وظواهركم وما أنتم صائرون إليه، علم منحنا به من قبل خلق الخلق أجمعين وبعد فناء السماوات والأرضين، ولولا تظاهر أهل الباطل ودولة أهل الضلال ووثوب أهل الشك لقلت قولا تعجب منه الأولون والآخرون).

 

حضوره إلى والده الرضا وعودته في نفسه اليلة:

ومن معاجز الإمام الجواد عليه السلام هو حضوره من المدينة إلى خراسان بطرفة عين ليحضر مراسم وفاة والده العظيم.

يقول أبو الصلت الهروي وكان خادما للإمام الرضا:

عندما تناول الإمام الرضا السم دخلت معه إلى البيت وأمرني أن اغلق الباب فغلقته وعدت إلى وسط الدار، فرأيت غلاما عليه وفرة ظننته ابن الرضا ولم أك قد رأيته من قبل ذلك، فجلس مع الرضا مدة تناجيا فيها ثم ضمه إلى صدره، بعدها تمدد الإمام الرضا على السرير وغطاه ابنه محمد بالرداء وقال: (يا أبا الصلت: عظم الله أجرك في الرضا فقد مضى) فبكيت قال: (لا تبك هات الماء لنقوم في تغسيله) ثم أمرني بالخروج فقام بتغسيله وحده وكفنه وحنطه إلى أن قام الإمام بجميع مراسيم الوفاة ثم عاد في نفسى تلك الليلة إلى المدينة.

 

الشهادة المفجعة

«في آخر  ذي القعدة سنة 220هـ استشهد إمامنا الجواد بسم أمر به المعتصم العباسي حيث اتصل جعفر بن المأمون بأخته أم الفضل زوجة الإمام الجواد عليه السلام (و كانت أم الفضل تنقم من زوجة الإمام الأخرى أم الإمام الهادي عليه السلام) فاخذ يبث إليها سمومه وكلماته وشرح لها الخطة في القضاء على أبي جعفر عليه السلام فوافقت فأعطاها سما فتاكاً جعلته في طعام الإمام فلما أكل منه أحس بالآلام والأوجاع، ثم ندمت أم الفضل على فعلها وأخذت تبكي فقال لها الإمام: والله ليضربنك بفقر لا ينجي، وبلاء لا ينستر، فبُليت بعلة في بدنها فأنفقت كل مالها على مرضها هذا فلم ينفع حتى نفذ مالها كله، وأما جعفر فسقط في بئر عميق حتى أخرج ميتا.

وأما الإمام عليه السلام  فقد لحق بآبائه الطاهرين عليهم السلام في مقعد صدق عند مليك مقتدر».

شاهد أيضاً

الخارجية تكشف تفاصيل اجتماع اللجنة المشتركة العراقية العُمانية في بغداد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *