قراءة في زيارة البابا لسماحة المرجع السيستاني

الكاتب: مالك العظماوي

سألني – متفضلاً – أحد أصدقائي الأعزاء مستفهماً بعد أن قرأ منشوراً لي عن لقاء البابا بالأمام السيستاني قائلاً:

[شيخنا العزيز: رافقت زيارة البابا ضجة اعلامية كبيرة في أنه أتى ليتفق مع السيد من أجل التطبيع، فهل هذا صحيح وفق ما يتوفر لديك من معلومات؟]

أقول:

ان اللقاء التأريخي بين قداسة البابا وسماحة السيد ليس بالأمر البسيط ولا يمكن لأي إنسان معرفة كنه هذا اللقاء، مالم يكن على درجة عالية من نكران الذات ومترفعاً عن الأنا ليقرأ مابين سطور هذه الزيارة التاريخية المهمة.

رجلان عظيمان، ينشدان السلام، وهما في أواخر عمريهما الشريفين، لابد لهما من قول الحق ووضع النقاط على الحروف، وعدم ترك الأشياء مبهمة، لاسيما وإنها قد صدرت من حكيمين لقطبين مختلفين.

فقد ركزا على:

أولاً: دحض إكذوبة المؤامرة، حول مجيء البابا من أجل التمهيد للتطبيع مع الكيان الصهيوني، فالسيستاني فوق كل الشبهات، والبابا أكبر من أن يكون مرسالا لليهود، فلا تطبيع مع كيان غاصب محتل معتدٍ، يحتل الأرض بقوة السلاح ويشرد أهلها، [لاسيما الأراضي الفلسطينية المحتلة].

ثانيا: ليس لأي جهة مهما علا سلطانها، ان تعاقب البشرية لمجرد اختلافها معهم بالحروب والدمار والتجويع، [لاسيما الشعب العراقي واليمني والإيراني].

ثالثا: عدم الإعتراف بما يسمى (بالاتفاق الابراهامي)، لكونه تم بين أعضاء لا يمثلون سوى أنفسهم، وبآسم النبي إبراهيم عليه السلام، وهم من المطبعين أساساً والمهرولين لإسرائيل من حكام الإمارات والسعودية و (شيخ الأزهر) الذي جعلوه كواجهة شرعية لمخططاتهم العدوانية تجاه شعوب المنطقة.

رابعاً: إعادة الأضواء إلى بلاد النبوة والرسالات وأولى الحضارات في الكون، العراق العظيم، ليقر الحبر الأعظم بذلك بعد تجواله بأرض العراق واستنشاقه نسيم الحضارة في بلد الحرف الأول، بعدما أراد (اتفاق ابراهام) المزعوم القضاء عليه وعلى دوره الريادي والتاريخي وتصويب اسلحتهم تجاه أهله وأرضه وشعبه.

خامساً: إعتراف صريح من بابا الفاتيكان بأن هذا البلد (العراق) وأهله جديرون بالحياة لأنهم حافظوا على التسامح الديني والتعايش السلمي بين كافة الأقليات وتنوعاتها، الذي كان قد أسس له سماحة المرجع السيستاني على الرغم من الهجمة الإرهابية الشرسة وتزييف الحقائق، وهذا ما أشار إليه البابا صراحة في آخر تصريحاته،حيث وصف السيستاني بالحكيم، ورجل الله، والرجل العظيم وغيرها.

سادساً: إن لحظات الوداع بين الرجلين كانت تشير وبوضوح إلى الصلة الروحية والحميمية بينهما كرجلي علم ومعرفة، وكان لسان حال كل منهما يعبر عن هذه اللحظات التي قد لا تتكرر لأنهما يعيشان في نهايات العمر، وما تماسك أيديهما إلا إشارة ودليلا على قوة التفاهمات المشتركة بينهما من أجل إحلال السلام والحب والمودة بين بني البشر على إختلاف أجناسهم ومسمياتهم، وهذا بشهادة جميع المراقبين ومن حضروا هذا اللقاء التأريخي العظيم.

المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبها..

شاهد أيضاً

حديث الإثنين.. سيظل العرب في غيهم يعمهون..!

احمد ناصر الشريف ||

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *