علي الفارس ||
يمر العراق بمرحلة عصيبة من تاريخه المضطرب منذ عقد ونصف الاعقد من الزمن، حيث تتضاءل فيه كل يوم مساحات التفاؤل بتحقيق الاستقرار السياسي بما ينسحب تماما على الاستقرار الأمني ثم الاقتصادي، وبدء حركة البناء والنمو التي يحتاجها البلد جراء تعرضه لحروب عدة، وحصار مقيت شديد الوطأة لأكثر من 13 سنة قبل أن يبدأ احتلاله وتدمير بناه التحتية منذ العام 2003 وحتى يومنا هذا.
نعم، تتضاءل فرص إعادة اللحمة والثقة بين الأطراف المنضوية في العملية السياسية نتيجة اختلاف الرؤى والأهداف والمصالح والارتباطات لكل منهم، وهو ما يلمسه العراقيون اليوم بوضوح جعلهم في واد بعيد جدا عن قادة الرأي والسياسة. بحيث أصبح الشعب الراقي لا يثق بما يصرحه السياسيين العراقيين ولا يكترثون للوعد التي تصدر من الحكومة خاصتا بعد انطلاق الكثير من الوعد من السيد الكاظمي ولم ينفذ أي منها للشعب العراقي على العكس بل انقلبت تلك الوعود على حياة المواطن واثقلت كاهل الفقير صاحب الدخل القليل والمعدوم. بحيث لم يبقى للمواطن سوى التوجه الى المرجعيات الدينية باعتبارها الحل الوحيد لخروج العراق من الازمة السياسية كما اخرجتهم المرجعية من أكبر مؤامرة أمريكية خليجية إرادة تنفيذها في العراق عن طريق إطلاق قطيع داعش المتوحش الى الأراضي العراقية من جهة المحافظات التي اعتبروها ارض خصبة لتنظيم داعش الإرهابي.. وبوجود المرجعية الحكيمة استطاعت التصدي والتخلص من هذه الهجمة القذرة بانطلاق الفتوى المباركة والتي اصابت قلب أمريكا وعين الخليج برمح شيعي قاتل. لذلك يعتبر الشعب العراقي الشيعي ان المرجعية هي السبيل الوحيد لهم’ من انقاذهم من الصندوق المغلق الذي لا يقبل ان ينفتح لغرض تشكيل الحكومة.
بحيث باتت المرجعيات الدينية والمذهبية أكثر الأطراف توجيها للانتقادات للنخب السياسية سواء في الوزارة العراقية أم في مجلس النواب العراقي بسبب ما آلت إليه أوضاع البلد، مما أربك الصورة العراقية ومنحها المزيد من الضبابية.
ولعل من مفارقات ما آلت إليه الأمور في المشهد السياسي العراقي، محاولة المرجعيات الدينية الإحلال محل الساسة العراقيين في توجيه الناس نحو مفاصل الخلل في الأداء السياسي أو الحكومي لغرض ربط مشاعرهم بها. وتشخيص الخلل الذي يجب على الكل إصلاحه
ولعل حالة المراجع الدينية في السياسة العراقية بعد الاحتلال قد تطورت لتصبح القبلة التي يحج لها كل من أراد أن يكون في واجهة العمل السياسي، لكن لم يقدموا أي شيء ولم يكن عملهم أشبه بما سردوه امام المرجعيات. لذلك أصبحت الصورة واضحة جدا امام رجال الدين بان سياسيون العراق أخفقوا بتقديم كل ما يحتاجه المواطن العراقي ونخص بذلك المواطن الشيعي’ ثم ما لبثت هذه المرجعيات أن تحولت إلى سلطة يمكن أن تطيح من خلال وصف أو كلمة ما، بأي سياسي مهما كانت درجته وقوة أتباعه.
رغم محاولة المؤسسة الدينية (الشيعية منها تحديدا) بسط نفوذها على المؤسسة السياسية، فإن استمرار التوتر بين السياسيين، وارتفاع سقف المطالب الشعبية بتحسين الأوضاع والخدمات يوما بعد يوم، وتعمد الاستخدام المفرط للقوة من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية الحكومية، وضع العقدة العراقية في إشكاليات بالغة الخطورة، تمثل في حقيقة الأمر قمة الصراع على السلطة.
إن النتائج التي وصلت إليها العملية السياسية في العراق، والتي برمجها وهندس هيكلها الأميركي بول بريمر (الحاكم المدني للعراق عقب احتلاله عام 2003)، أثبتت للعراقيين جميعا أن العراق لا يمكن أن يحكم عبر بوابة طائفية أو عرقية، فالجميع وجد نفسه في لحظة القوة ضعيفا تجاه إدارة بلد كبير ومتعدد المشاكل والأعراق والطوائف مثل العراق.
وبات الخاسر الوحيد هو الشعب العراقي، وما نراه من انعدام ثقة الناس في الحكومة ومطالبتهم بتقديم كل ما يحتاجه المواطن’ بات صعبا
فهل سيكون هنالك حل او تغيير حتى لا تنزلق الأمور لمجهول قد يكون أنكى وأمر؟ وهل ستترك الدول المتحكمة سلبيا بالبيت السياسي والأمني العراقي (الولايات المتحدة والخليج) الأمور تجري وفق هوى المطالبين بتغيير الواقع الفاسد؟ وإخراج الافعى الكبيرة من العراق (أمريكا) وازاحة الساتر الذي يختبئ خلفة بني صهيون
المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة
بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني