محمد علي السلطاني ||
بينما يشهد العالم مخاض التحول من هيمنة القطب الواحد الى عالم متعدد الاقطاب ، تبدو الادوات الداخلة في دوامة هذا الصراع اكثر وضوحأ وتجليأ من اي وقت مضى، كما وتتضح البؤر الجغرافية الستراتيجية التي اعدها الغرب لتكون فيما بعد منطلقأ لتحقيق تلك المشاريع ومخلبأ للعدوان يستهدف الدول الممانعة .
فأوكرانيا التي كانت جزء من الاتحاد السوفيتي المنحل ، امست بفعل الهيمنة والتدخلات الأمريكية و الغربية اداة طيعة لتنفيذ أجندة الغرب، التي تستهدف أضعاف روسيا وزعزعة الأمن والاستقرار في تلك المنطقة .
فبعد ان دعمت امريكا والغرب الثورة البرتقالية في كييف، التي اسفرت عن انقلاب الحكم في اوكرانيا، والمجئ بحكومة موالية للغرب يترئسها الممثل الكوميدي زيلينسكي، فتح الاخير ابواب اوكرانيا على مصراعية للمشروع الأمريكي الغربي المعادي لموسكو ، لتكون اوكرانيا مسرحأ للنشاط الاستخباري الغربي ، ومنطلقا لقواعد عسكرية ومختبرات بيولوجية واعمال تخريب تهدد امن روسيا ووحدة اراضيها وتصيبها في مقتل .
بالتالي دفعت تلك الاستفزازات والتهديدات التي ورط الغرب فيها أوكرانيا بواسطة حكومة زيلينسكي، دفعت روسيا للتدخل العسكري المباشر، لأجل ضرب تلك التهديدات ووضع حدأ نهائيأ لها ، اذ ان الأمن القومي للدول العضمى خطأ احمرأ لا يمكن تجاوزه او التلاعب فيه .
بذات الوقت، اكتفت أميركا وأوروبا ببيانات الشجب والاستنكار، تاركة كييف تذوق مرارة غبائها وعمالتها .
عودة على بدأ، وفي ظل هذا المخاض العالمي، وفي ظل جغرافيات متعددة اعدها الغرب لتؤدي ادوار ذات اهداف متشابهه، كونها تتمحور مع مشروع يخضع لقيادة غربية واحدة ، يبدو أن سيناريو الأحداث في كردستان العراق مشابهأ الى حد بعيد لما يجري في اوكرانيا ، فما برحت كردستان من مد جذور الصداقة البترولية مع الكيان الصهيوني الغاصب ..! وادت فروض الطاعة والتبعية للأمريكان، وتماهت مع المشروع الغربي المعادي للعراق ولدول المنطقة، بخطوة غبية، منزوعة الكرامة، بعيدة عن الوطنية والقيم، فاقدة للبصيرة وللحكمة التي تقتضي تقليب صفحات الماضي لأحوال دول وكيانات خدمت مشاريع الغرب، وانتهى بها المطاف الى مزابل التاريخ .
كل تلك الدروس لم يقف عندها الساسة الكرد ، ولم يأخذو منها العبرة والموقف الذي يحمي شعبهم ، ويحفظ أراضيهم من أن تصبح ساحة دولية لتصفية حسابات لا طاقة لهم بتحملها.
اذ وللأسف انزلقت كردستان منزلقأ خطير، وتناغمت الى حد كبير مع المشروع الصهيوامريكي الذي يهدد توازن المنطقة وامنها واستقرارها ، لأجل حزمة من الوعود الخداعة التي لن ينالو منها غير السراب.
حيث امست كردستان حديقة خلفية للموساد الصهيوني، ومقرأ لقواعد عسكرية امريكية، تدار من خلالها عمليات التجسس والتخريب ضد دول الجوار الإقليمي سواء إيران او تركيا ، بالتالي تعريض المنطقة برمتها للخطر وتوريطها بحروب لا تخدم سوى أمريكا والكيان الغاصب.
ان محاولة جعل دور كردستان شبيه لدور أوكرانيا التخريبي سوف يدمر الإقليم قبل غيره، فالمدافع التركية والتوغل التركي المتكرر في أراضي كردستان مع عشرات القواعد العسكرية التركية، ماهي الا ردة فعل تركية تجاه الإقليم نتيجة لأحتضانه الانفصاليين الاتراك وتهديداتهم الاستفزازية المستمرة لتركيا .
كما أن وجود القواعد الإسرائيلية والأمريكية وتجنيدها للمخربين والعملاء الذين يستهدفون ضرب العمق الإيراني، ويسمعون ليلأ و نهارأ لزعزعة الأمن القومي للجمهورية الاسلامية الإيرانية هو الأخر امر خطير ومرفوض ، ولن يجعل الأخيرة مكتوفة الأيدي ازاء تلك التهديدات ، بل ستكون جميع الاحتمالات متاحة أمام تلك الدول للدفاع عن امنها وسلامة اراضيها من الهجمات الإرهابية التي تتخذ من كردستان منطلقأ لها.
فيا ترى هل يعي الساسة الكرد ذلك الدور الخطير الذي ورطهم به الغرب والصهاينة ضد بغداد والدول المجاورة ؟ ام اننا نقف أمام زيلينسكي كردي سيحول كردستان الى أوكرانيا ثانية .
المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة
بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني