بوتين يتصدى للموجة السادسة لتوسع الناتو انطلاقاً من الدون الباس

محمد صادق الحسيني ||

قدم بوتين يوم امس احاطة شاملة عن تاريخ بلاده من ايام القيصرية فالاتحاد السوفياتي .
اطاح بالماركسية اللينينية، وبلينين الذي كان سبب خلق دولة اوكرانيا كما قال ثم اطاح بستالين ايضاً وفند الحقبة السوفياتية وبعد ذلك انقض على الرعاة الغربيين الذي يريدون الاستمرار بالتوسع شرقاً حتى يقضوا على دولة قوية مثل الاتحاد الروسي واستخدام اوكرانيا منصة جديدة لذلك .
الى ان وصل الى الحديث عن مراوغتهم وخداعهم في التوسع التدريجي نحو الشرق مجددا.
وحتى يسقط ما بيد الغرب من معول هدم لامن بلاده القومي اعلن اعترافه بالجمهوريتين الشعبيتين المستقلتين في الدون الباس وبذلك يكون قد بدأ رحلة استعادة كل اوكرانيا الروسية من لينين…!
والعودة بالناتو الى حدود العام ١٩٩٧م.
من اجل القاء نظرة سريعة على ما فعله الغرب منذ نهاية تسعينات القرن الماضي الى الان من خطوات عدائية ضد روسيا اليكم تعريف بالموجات الخمسة للتوسع شرقاً على حساب الامن القومي الروسي كما يلي:
‎على الرغم من المعارضه الشديده ، التي ابداها الرئيس الاميركي بيل كلينتون ، منذ توليه الرئاسه في البيت الابيض سنة ١٩٩٣ ، لتوسيع حلف شمال الاطلسي شرقاً ، لاعتقاده ان روسيا ، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ، قد ضعفت كثيراً ولم تعد تشكل اي تهديد للولايات المتحده ، الا انه اضطر سنة ١٩٩٧ الى الموافقة على فكرة التوسيع هذه .
‎ولكن تغيير الموقف هذا ، من مسألة توسيع الحلف شرقاً ، لم يكن منطلقاً من استراتيجية اميركية جديدة او توجهات سياسيه مغايرة ، لما كانت عليه تلك التوجهات في حينه ، وانما نتيجةً لاستعدادات الولايات المتحدة
‎لانتخابات الكونغرس الاميركي . اي ان هذا الانقلاب ، في موقف الرئيس بيل كلينتون ، جاء نتيجة لحسابات حزبية وانتخابية ضيقة ولا علاقة له لا بمصالح استراتيجية اميركية ولا خدمةً للاستقرار الاستراتيجي الدولي ولا غير ذلك .
‎الا ان بعض المتغيرات والمؤشرات ، الواردة من روسيا ، والتي كانت تشير الى احتمالات بدء مرحلة تعافي لروسيا ، وعودتها لممارسة دورها كقوة عظمى في العالم قد ادى الى انطلاق تغيير في موقف الرئيس كلينتون ، من مسألة توسيع حلف الاطلسي المشار اليه اعلاه باتجاه الشرق ، وصولاً الى موافقة الرئيس الاميركي ، في قمة حلف شمال الاطلسي ، التي عقدت في مدريد يومي الثامن والتاسع  من شهر ٧/١٩٩٧ .  حيث وجهت الدعوات ، في تلك القمة ، لكل من بولندا وتشيكيا والمجر ( هنغاريا) لبدء محادثات مع قيادة الحلف ، بهدف الانضمام الى عضويته لاحقاً.
موجة توسيع الحلف الاولى
‎– وعليه فقد انتهت مفاوضات الدول الثلاثه المذكورة اعلاه ، مع حلف شمال الاطلسي حول شروط العضوية ، في بدايات سنة ١٩٩٩ واعلن عن انضمام الدول الثلاث رسمياً في شهر ٣/١٩٩٩ .
وهذه المرحله ‪١٩٩٧ – ١٩٩٩‬ هي ما يطلق عليها مرحلة التوسع الاولى .
ومن هنا تأتي تسمية ” حدود حلف شمال الاطلسي سنة ١٩٩٧ ” . اي الحدود قبل توسيعه وانضمام بولندا والمجر وتشيكيا الى عضويته .
*موجة توسيع الحلف  الثانيه *
وقد بدأت هذه المرحله في شهر ١١/٢٠٠٢ ، خلال قمة حلف شمال الاطلسي التي عقدت في براغ ، بمشاركة اعضاء الحلف القدماء وهنغاريا وبولندا وتشيكيا ، التي كانت قد  انضمت اليه حديثاً .
اذ تم توجيه الدعوات الى كل من : بلغاريا ، رومانيا ، سلوڤاكيا ، سلوڤينيا واستونيا ولاتفيا وليتوانيا ، لبدء محادثات للانضمام الى عضوية الحلف .
وهي المفاوضات التي افضت الى اعلان انضمام مجموعة الدول ،  المذكورة اعلاه ، بتاريخ ٢٩/٣/٢٠٠٤ .
موجة توسيع الحلف الثالثة
وهي الموجة التي اعلن عن بدئها في قمة حلف شمال الاطلسي ، التي عقدت في بوخارست ، في شهر ٤/٢٠٠٨ ، ودعيت فيها كلاً من البانيا وكرواتيا ، لبدء مفاوضات الانضمام لعضوية الحلف .
واعلن عن المصادقة  على انضمام هاتين الدولتين الى عضوية الحلف في شهر ٤/٢٠٠٩ .
موجة توسيع الحلف الرابعة
اعلن هذه الموجة وزراء خارجية دول الحلف ، خلال اجتماعهم في بروكسيل ، بتاريخ ٣/١٢/٢٠٠٩ ، حيث اعلنوا عن ترشيح مونتي نيغرو ( الجبل الاسود …. وهي احدى جمهوريات يوغوسلافيا سابقاً ) . وبتاريخ ٢/١٢/٢٠١٥ دعا وزراء خارجية دول الحلف ، في اجتماعهم الذي عقد في بروكسل ، جمهورية الجبل الاسود رسمياً للانضمام الى الحلف .
ونتيجة لتلك الدعوة ، والمفاوضات التي اعقبتها ، اعلن عن انضمام هذه الجمهورية لعضوية الحلف بتاريخ ٥/٦/٢٠١٧ . وبذلك اصبحت هذه الدولة هي العضو رقم ٢٩  في الحلف .
موجة توسيع الحلف الخامسة
قامت الدول الاعضاء في حلف شمال الاطلسي  ، بتاريخ ٦/٢/٢٠١٩  ، بالتوقيع على بروتوكول انضمام جمهورية مقدونيا الشماليه ( جمهوريه يوغوسلافيه سابقة ايضاً) ، وهي العضوية التي تم الاعلان عنها رسمياً بتاريخ ٢٧/٣/٢٠٢٠ . وقد اصبحت هذه الدولة هي الدولة رقم ٣٠ في الحلف .
علماً ان الازمة الخطيرة ، التي افتعلتها الولايات المتحدة ، مع روسيا بخصوص أكرانيا هي تعبير عن اصرار واشنطن على استعادة هيمنتها الكاملة على مقدرات العالم والعودة بالتالي الى سياسة القطب الدولي الواحد . وهي السياسة التي ترفضها وتتصدى لها بكل صلابة كلاً من الصين الشعبية وروسيا وايران .
وما حالة الهستيريا ،  التي تعتري تصرفات الولايات المتحدة واذنابها ، من قادة دول حلف شمال الاطلسي ،الا تعبيراً واضحاً عن عجز واشنطن عن تغيير موازين القوى الجديدة في العالم . وهي الموازين التي تؤسس الى عالم جديد بقيادة جديدة تعمل على حماية الاستقرار الاستراتيجي الدولي لضمان وجود ظروف ملائمة لاطلاق عملية تنمية دولية هائلة ترتكز الى التعاون الاقتصادي المتبادل والمنافع المشتركه وابعاد شبح الحروب والثورات التدميرية الملونة عن دول العالم قاطبة .
وفي هذا المقام لا بد من التأكيد على ان نتائج المواجهة الحاليّة ، الدائرة بين قوى التغيير في العالم من جهة وبين القوى الاستعمارية الغربية بقيادة واشنطن من جهة اخرى ، سوف تسفر عن هزيمة نكراء للولايات المتحدة واذنابها قادة الناتو وستنتهي برضوخها لمطالب محور التغيير ، التي تنادي بالعودة الى حدود منظومة الاطلسي العدوانيه سنة ١٩٩٧ . اي ان تقتصر عضوية هذا الحلف على الدول التي كانت اعضاء فيه خلال حقبة الحرب الباردة ، بين القطبين السوفييتي والاميركي . الامر الذي لن يتحقق الا بسحب الولايات المتحدة لقواتها وقواعدها العسكرية ومنظومات حرب النجوم والدفاع الصاروخي ، التي نشرتها في دول شرق وجنوب شرق اوروبا ، الى جانب دول البلطيق الثلاثة .وهو ما سيحدث قريباً وبشكل اكثر اذلالاً من المشهد الذي عشنا فصوله في افغانستان صيف العام ٢٠٢١ .
بعدنا طيبين قولوا الله

 

المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة

بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني

[email protected]

شاهد أيضاً

التعداد العام للسكّان..!

الشيخ حسن عطوان ||

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *