مدارسنا . . مستقبلنا

محمد مكي آل عيسى ||

كان أستاذاً نزيهاً وماهراً . . كان خلوقاً ومؤدّباً . . كان أسلوبه تربوياً . . وكنت فرحاً مطمئناً لكونه ضمن الكادر التدريسي الذي يعمل معي لكن . . . .!!
كان الطلّاب ينفرون منه ولا يريدونه ويفتعلون المشاكل في درسه !!
حاولت كثيراً أن أعرف السبب . . كنت قريباً من طلبتي وعوّدتهم على الصراحة والصدق . . سألت عدداً منهم : ما هي مشكلة هذا الأستاذ ؟؟ لماذا لا ترغبون به ؟؟
وكانوا هم أنفسهم حيارى لا يدرون لماذا !!
يثنون عليه ويصفونه بانه أستاذ ممتاز مخلص . . لا يطعنون به أبداً . . لكنهم لا يرتاحون معه !!
بقيت متمسّكاً بهذا الأستاذ ومتحمّلاً المشاغبات الّتي يثيرها الطلبة مصبّراً إيّاه على تحمّلهم . . فهو بمثابة أب لهم والأب لابد أن يتحمّل أولاده.
إلى أن جاء اليوم الّذي وقعت فيه على العلّة . .
فرضتُ على الأساتذة أن يقوموا بطبع أسئلة الامتحان كي تكون واضحة للطلبة ولا يلتبس عليهم شيء منها ولأنّي أعلم أن معظم الأساتذة لم يعتادوا العمل على الحاسبة ، وأن طباعة الأسئلة ستكون صعبة عليهم وعدتهم أن أساعدهم بالطباعة ومنهم أستاذنا الكريم محور كلامنا.
ولمّا جاء دوره جلس يملي عليّ الأسئلة وأنا أطبعها له . .
أحسست بتشنج عجيب وعدم رغبة في سماعه وكنت أتمنى أن يسكت ويتوقّف عن قراءة الأسئلة . . وتمنيت لو أن الوقت ينطوي بسرعة كي أنتهي من طباعة الأسئلة .
لقد كانت طبيعة صوت الأستاذ حادة ومخرّشة للسمع ومزعجة للغاية تسبب النفور للطلاب . . هنا أدركت سبب إثارتهم للشغب فصوت الرجل لا يطاق
أعطيت للطلّاب الحق . . وبنفس الوقت صوت الرجل ليس بيده ولا يمكنني أن ألومه أبداً .
لحسن الحظ أنه قرر ترك العمل في الوقت الّذي كنت أفكّر بالتخلّي عنه والسبب قد لا يكون مقنعاً للكثير . .
لنتوقّف هنا . .صوته . .مجرّد صوت . . جزئيّة بسيطة خفيّة كانت تؤثّر على العمليّة التربويّة سلباً فما بال كبريات الأمور؟!
كيف إذا سلّمناهم بيد من لا أمانة له ؟! بيد من لا خلق له ؟! بيد من يعاني نقصاً نفسيّاً أو خلقيّاً ؟! بيد من يحمل انحرافاً فكريّاً ؟!
كم علينا أن نكون دقيقين في اختيار من يتولّى تعليم أبنائنا ؟!
هل تتابع وزارة التربية ووزارة التعليم هذه التفاصيل ؟؟
هل يمكن لكل من هب ودبّ أن يكون تدريسياً بمجرد أن حصل على المؤهّل العلمي ؟!
إحدى المدارس كانت تدار من قبل مديرة تعاني من أزمات نفسيّة شديدة وكانت قد تعرّضت في حياتها إلى اضطهاد عنيف ولّد عندها ردود فعل قاسية . . أدارت مدرسة قوامها عشرات المدرسين ومئات الطلبة تعرّض معظم من تواجد فيها إلى أزمة بسبب المديرة التي تم تعيينها بواسطة قويّة ؟!
للأسف أن تضحي وزاراتنا التعليميّة بأجيال كاملة فتدمرها لترضي فرداً واحداً في المجتمع .
إن لم نغيّر من واقع الحال في مدارسنا لن نغيّر أي شيء . . النهوض بواقع مدارسنا نهوض بمستقبلنا .
مدارسنا . . مستقبلنا

 

المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة

بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني

[email protected]

شاهد أيضاً

التعداد العام للسكّان..!

الشيخ حسن عطوان ||

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *