‏ من يقف خلف صناعة الرأي العام ؟!

للكاتب || عمر الناصر 

‏يذهب اغلب الناس بتفكيرهم الى الكثير من التساؤلات الدينية او الدنيوية ، وتخرج تساؤلاتهم تلك بأجوبة تتخللها أسئلة إضافية تزيد من انشطار الأفكار كانشطار الذرة الى جزيئات اصغر وبذلك نبقى ندور في حلقة مغلقة ما بين التفكير ومدى إمكانية وقوة الفهم والتفسير..
في مجتمعاتنا الشرقية والإسلامية تحديداً وعند حدوث الازمات السياسية يتنامى الولاء للدين والمذهب والعشيرة ويكون هو الرابط والشعور المتأصل في جذور الكثير منا بشكل مباشر او غير مباشر اكثر من الشعور بالانتماء الى الوطن والمواطنة الذي يعد الجامع الشامل والقاسم المشترك و لا يختلف على تقديسه احد ، والدليل على ذلك ترجيح كفة المذهب والولاء للعقيدة في المشاكل السياسية لدينا استناداً الى الآية الكريمة ( بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون ) من دون السعي او بذل الجهد في البحث والتقصي لأجل معرفة تفاصيل اسرار هذه الجزئية.

المفارقة الغريبة اليوم تجد من الذين يحملون أفكارا طائفية وعنصرية او شوفينية لا يصلي أصلا وليس لديهم التزام ديني يقوي حجتهم بالدفاع المستميت وقت الولوج في مهاترات طائفية لا نفع منها بل نقول انهم لا ينحدرون من خلفية عائلية لديها فهم كامل وشامل بمفاهيم العقيدة السمحاء التي يؤمنون بها فتجدهم مثل محارب الساموراي سرعان ما ينتفضوا بشراسة للدفاع عن العقيدة او المذهب الذي لايعرفوا منه شيء الا اسمه ومن أساسه الرصين الا رسمه .

وبذلك لن يحتاج الامر جهداً كبيراً ليتم تثقيف مثل هذا النوع من الجمهور وتوجيه وشد انظاره الذي ليس له المزاج للدخول اطلاقاً في خلجات اسرار المعرفة والانفتاح بقدر زيادة إصراره على التمسك ببعض القشور التي أصبحت لدينا تخمة مفرطة منها والمبالغة في التنظير لها ، ولن تستغرق وقتاً لكي تجعل منه مؤيداً لك ومقاتلاً شرساً مستميتاً اذا ما جعلت هنالك طرفاً اخر يقود حملة معاكسة لتوجهات مختلفة عن توجهاته، بل كل ما تحتاج اليه هو قلم قوبيا واعلام اصفر وعقل جديد غير مستعمل جاهز لان يقول (( تم )) !!!

نختلف بعض الأحيان بطرح اراءنا وقد تصل درجة غليان السجال لمستوى لن نستطيع من خلاله إيصال افكارك للطرف الاخر بحرفية بسبب صعوبة توجيه دفة القيادة الذاتية لعقولنا وعدم وجود ثقافة الانصات للطرف الاخر حتى النهاية ، ولان عملية تحديد اتجاهات رؤانا إزاء أي قضية محورية تحتاج وقت طويل لإكمال بنيتها الأساسية بلاشك ، واذا ما اردنا الوقوف على عتبة عالم الاختلافات سنجد ان هنالك فتن لعبت عوامل التعرية السياسية في اذكائها بدليل ما نرى اليوم ان اغلب التيارات والأحزاب السياسية مدنية كانت ام علمانية او إسلامية لا تعمل على تقوية المشتركات بقدر البحث عن الاختلافات التي هي السبب الأساسي في ديمومة تأثير البروبوغاندا الإعلامية في شق عصى الجمهور الذي هو جاهز ايدلوجياً ومهيئ فكرياً ومؤمن ايماناً مطلقاً وقطعياً بتلك الخيوط التي تقف خلف صناعة الرأي العام .

وفي نهاية المطاف نرى البعض من الأحزاب السياسية التي تحاول الرجوع الى مكانتها الحقيقية قد فقدت الصدارة في القيادة والريادة بسبب ضعف التحديث في المراجعة والتقييم واتساع الهوة بين المواطن والمسؤول اخرت من جني ثمار مكتسباتها على ارض الواقع .

المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة

بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني

[email protected]

شاهد أيضاً

كيان العدو يُقـر بهزيمته في غزة ولبنان؟!

 د. عبد الله علي هاشم الذارحي ||

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *