تأجيلُ الانتخابات أو مقاطعتها خدمتان مجّانيتان يقدمهما بعضُهم لخدمةِ الطبقة السياسيّة المُستكبِرة

ثلاثةُ خطابات انتخابيّة تتصارع قبل الانتخابات
إثنان منهما يقدّمان خدمةً مجانيّة للطبقةِ السياسيّة المُستكبِرة
في حين يغيب الخطابُ الثالث وسط ضجيج دعوات تأجيل الانتخابات الأخيرة

نعم هي ثلاثة خطابات انتخابيّة نستعرضُها بإجمال:

الخطابُ الاوّل :
وهو الذي يعلو صوتُه بفكرة مقاطعة الانتخابات بحجّة عدم توفّر ظرفها الآمن والذي تمّ تعليله بما يحصل من اختيالات بدأت ولم تتوقف دون رادعٍ او إجراءاتٍ حكوميّة يأمنُ لها الناشطون وسط توقّع بازديادِ هذه الاختيالات كلّما اقتربتِ الانتخابات
ومع التسليم الأكيد بأنَّ الاختيالاتِ بدأت ولم تنته وهي باستفحالٍ مُستمِر دون رادعٍ حكوميّ وغياب الواجب الحكوميّ في الكشفِ عن التي حصلت أو بردعِ المتوقّع منها
نقول:

إنّ دعوى مقاطعة الانتخابات ستحقّقُ النتيجةَ التي قصدها المجرمون
وهي إفراغ الساحة لهم دون أن يضايقَهم منافسٌ أو يزحزحَهم فائز
هذا وتراتبيّة علاج هذه الحالة لم تصل للمقاطعة بعد حيث هناك عدد من الإجراءات الشعبيّة ممكن أن تُتّخذَ لإحراجِ الحكومة والضغط عليها لأداء واجبها الأمني في كشف المُجرمين وحماية الناشطين
ولعلّه الانتخاباتِ المُرتقَبة بحدّ ذاتها هي أهمّ عقوبة للمُجرمين الذين لن يفلتوا من قبضةِ القانون وإن طالت انفاسُهم اليوم.

الخطابُ الثّاني :
وهو الخطاب غيرُ المُعلَن والذي يتمّ ترتيبُ مقدماته على نارٍ هادئة
هذا الخطاب الذي يعتمد على تشويه الانتخابات والتشكيك بها بالشكل الذي يجعل من تأجيلها الحلَّ الأمثل
وأصحاب هذا الخطاب يُظهرون عباراتِ التشكيك بالانتخابات دون إبراز الحلول
ويُضمرِون نيّةَ تأجيلها
ونتيجةُ هذا الخطاب هي الأخرى بصالح الماسكين بالقرار السياسي والحكومي الذين ينتعشون من الفشلِ السياسي لصالح مآربِهم الشخصيّة والفئويّة التي باتت عوراء لا ترى إلاّ نفسها فقط
ومع تحقّق تأجيل الانتخابات سيغنمُ أصحابُ هذا الخطاب مكسبين:
*مكسب إطالة بقائهم في القرار السياسي والسلطة
*ومكسب تأجيل محاكمتهم الشعبيّة لوقتٍ يستعدّون به في توفير ما يمنع محاسبتَهم او إخراجَهم من مواقعِهم حيث سيكسلُ الشارعُ انتخابيًّا وتفرغُ الانتخابات لإتباعهم فقط ليبرزوا مرةً أخرى كمنتجٍ انتخابيّ يدوّر نفسَه بشعاراتٍ جديدة وأقنعةٍ مُستحدَثة.

الخطابُ الثّالث :
وهو خطاب إجراء الانتخابات في موعدها المُقرر في ١٠ تشرين الاول ٢٠٢١
وأصحاب هذا الخطاب يحتاجون أن ينفروا بقوّة لتدعيم مقتضيات إجراء الانتخابات في موعدها المحدّد بجملة أسباب تدعم هذا الرأي
ومن تلك المقتضيات :

١- ملاحظة ما تقدّم من أنَّ مقاطعةَ الانتخابات أو تأجيلَها هي خدمة مجانيّة للطبقةِ السياسيّة المُستكبِرة التي جثمت على القرار السياسي واستحوذت على السلطة وانتفخت على حساب سرقةِ قوت المواطنين وتردّي الخدمات وغياب الأمن والتراجع المتوحّش في كلّ مفاصل الحياة.

٢- بنظرةٍ سريعة لحال الأحزاب ومرشّحيها الذين تمّ تسجيلُهم نجدُ أنَّ فرصةَ تغيير الخارطة السياسيّة ممكنةٌ جدًا بل أنّها مؤاتية
فمع المشاركة الانتخابيّة الواسعة ستبدأ أولى خطوات التغيير وذلك من خلال انحسار الأحزاب وتقليص عددها لننتقل نحو مساحة تشكيل طبقة سياسيّة جديدة تعتمد على ركيزتي الموالاة أو المعارضة لنكون أمام برلمان حيوي فاعل.

٣- وبمراجعة سريعة للأسماء المُرشّحة نجدُ أنَّ خياراتِ الناخب لمرشّحين أكفاء يُرجى منهم النجاح هي خيارات موجودة وبشكل واضح حيث تضمُّ الدوائرُ الانتخابيّة كلّها عددًا مُعتَدًّا به من الشخصيات الكفوءة صاحبة الاختصاص والمهنيّة وكذا صدق الوعد والالتزام مع الناخب والتمثيل الحقيقي و الناجح لرؤى المواطن مع إمكانية الالتزام مع الناخبين وعدم الإنسلاخ عنهم في بروجِ الرفاهيّة التي تمنع من استشعار هموم المواطنين واحتياجاتهم.

٤- التعديل المهم والذي نعتبرُه العمودَ الفقري في انتخابات ٢٠٢١ والذي سيعتمد احتساب الفائز على أساس أعلى الأصوات بغض النظر عن القائمة والذي سيجعلنا أمام انتخابات فرديّة وليست انتخابات قوائم
سيجعل هذا القانون من إرادة الناخب هي المُتقدِّمة على إرادةِ الكتل
وبذلك سنكون أمام افراز انتخابيّ يمثِّل إرادةَ الناخب وليس إرادة الكتل السياسيّة
ولن تضيعَ أصواتُ الناخبين بين القوائم التي كانت تخسر الشوطَ الانتخابي بسبب العتبة الانتخابيّة
وبذلك سيكونُ الناخبون مطمأنين على أصواتهم
ومع تكاتف الناخبين سيكون مرشّحُهم في مأمنِ الفوز بغضِّ النظر عن قائمته
ونفسُ هذه النقطة ستجعلنا أمام مرشّح فائز مُرتبِط بجمهوره الذي فوّزه وليس كتلته
وسيكونُ تنضيجُ العمل الحزبي لاحقًا على فوز المرشّح وليس سابقًا له
وبهذا سنشهدُ نخبةً برلمانيّةً تحملُ مشروعَ المواطنين وتأتي به للكتلِ السياسيّة وليس العكس كما كان يحصل في كلّ انتخابات.

بهذه الكلمات التي حاولنا أن نضغطَها لموضوع واسع يحتاج لتفاصيل أكثر
نكتفي بالإيضاح المُجمل
آملين مِن النُخب الوطنيّة والمؤسسات الاعلاميّة والمدوّنين والكتّاب والناشرين والمهّتمين بالشأن السياسي الوطني أن يبادروا لإنتاج آثارٍ تنعشُ الحوارَ وتبرزُ الحقائقَ التي تنفع المجتمع العراقي في مرحلةٍ نريد لها النجاح لتأسيسٍ قادمٍ أفضل
وذلك من خلال انتخابات حرّة نزيهة بإجواء نتابدلُ بها الثقةَ بالمُنتَج الديمقراطي ونحن نستحضر أمامنا مسؤلياتِنا الوطنيّة وواجبَ الكلمة الصادقة والمخلصة للعراق وأهله.

الكاتب مهنّد العتّابي
بغداد/الجمعة ٢١ آيار ٢٠٢١

شاهد أيضاً

قرار أمريكا وأوربا والكيان الصهيوني مستمر بإتجاه التصعيد ..!

إيـاد الإمارة ||

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *