لاقى قرار وزارة النفط، رفع سعر مادة النفط الأسود، ردود فعل غاضبة من قبل أصحاب المعامل والمصانع لا سيما معامل الطابوق والأسفلت التي تعتمد على المنتوج في عملها، فيما حذر خبراء اقتصاديون من جملة آثار سلبية للقرار قد تؤدي إلى تسريح آلاف العمال وغلق عدد من المعامل والمصانع.
الخبير الاقتصادي، نبيل جعفر، قال للوكالة الرسمية، إن “النفط الأسود كما هو معروف من مخلفات صناعة المصافي العراقية وصناعة التكرير العراقية، ويشكل بحدود نصف إنتاج المصافي العراقية”، لافتاً إلى أن “العراق يصدر سنوياً من زيت الوقود الثقيل أو ما يسمى بالنفط الأسود أكثر من ملياري دولار، ويباع سعر الطن الواحد في السوق العالمية اليوم، بحدود 400 دولار”.
وأضاف جعفر، أن “القطاع الخاص العراقي ووفق مقتضيات الورقة البيضاء، من المفترض أن يحصل على دعم حكومي أكبر من أجل أن يساهم في عملية التطور الاقتصادي، لكن تفاجأنا جميعاً بخطوة معاكسة قامت بها وزارة النفط عندما رفعت سعر المتر المكعب من النفط الأسود المزود لمعامل الطابوق والكاشي من 100 الى 150 ألف دينار، ورفعت سعر النفط الأسود المباع إلى مصانع الأسفلت المؤكسد من 150 الى 250 ألف دينار للمتر المكعب”.
وأكد، أن “هذا الإجراء أدى إلى ردود فعل عنيفة من قبل أصحاب المعامل الذين تظاهروا مؤخراً امام وزارة النفط لأن الكلفة أصبحت مرتفعة جداً وحتى أن العديد من المعامل قد سرحت عمالها وأغلقت ابوابها”.
ولفت إلى أن “خطوة وزارة النفط هي خطوة قصيرة الأجل يراد بها زيادة أرباح هذه الوزارة، مع أن شركات المصافي تبيع النفط الأسود إلى شركة التوزيع بمبلغ 60 دينارا للتر الواحد، وهو مبلغ زهيد جداً، لكن رفع السعر سيؤدي إلى زيادة أرباح وزارة النفط وأرباح شركات التوزيع والشركة العامة لتوزيع المنتجات النفطية”.
وأشار إلى أن “هذا الأمر ألحق الضرر بمصانع القطاع الخاص ما سيؤدي إلى ضرر اقتصادي واجتماعي كبير لأنه يقلل من القدرة التنافسية لهذه المصانع، وبالتالي ستصبح المنتجات لهذه الصناعات غير قادرة على منافسة السلع المستوردة ما يؤدي لاحقاً إلى زيادة الاستيراد وبالتالي زيادة خروج العملات الاجنبية إلى الخارج”.
بدوره، قال مدير عام شركة لافارج الفرنسية المستثمرة في معمل سمنت كربلاء محمد الجحيشي، إن “الطاقة التصميمية لمعمل اسمنت كربلاء ومنذ بدء شركة لافارج الفرنسية المستثمرة للمعمل العمل فيه في سبتمبر عام 2010، بلغت مليونا و800 ألف طن سنوياً”، لافتاً إلى أنه “بعد التأهيل استطاعت الشركة ان توصل الإنتاج إلى مليونين و100 ألف طن سنوياً”.
وأكد الجحيشي، أن “مادة النفط الأسود تعتبر مادة أساسية في صناعة الأسمنت العراقي وهي التي تؤثر على سعر السوق اليوم”، مضيفاً: “ونحن كشركة مستثمرة تعتبر كأكبر شركة بعد الشركات النفطية، ستؤدي هذه الزيادة في السعر إلى خسارة كبيرة للشركة واحتمال إيقافها”.
وتابع، أن “هذا الأمر إن حدث سيعد رسالة مفادها أن العراق ليس بيئة خصبة للاستثمار وسيكون بيئة طاردة للاستثمار لأن اكثر الشركات الأجنبية وبما فيها الفرنسية التي تود أن تضع قدمها للاستثمار في العراق ستنظر إلى شركة لافارج كمثال، وبالتالي إذا فشلت الشركة سيعتبر فشلاً للاستثمار في عموم العراق”.
وطالب مدير عام الشركة الفرنسية، رئيس مجلس الوزراء ووزير النفط، بإعادة النظر في قرار رفع سعر النفط الأسود”، لافتاً إلى أن “القرار غير مدروس وإعادة النظر به ستكون من أجل فائدة العراق برمته وليس للشركة فقط “.
فيما يرى المحلل الاقتصادي، طارق الانصاري في حديثه للوكالة الرسمية، إن “التخبطات في ادارة السياسة النفطية وفقدان التوزان في حوكمة هذه الادارة أساءت كثيراً إلى اصحاب المهن والمعامل في القطاع الخاص، لكون مادة النفط الأسود تستخدم في كثير من معامل القطاع الخاص ومنها معامل الاسفلت ومعامل الطابوق واخرى تستخدم هذا المنتوج”.
ودعا الأنصاري، وزارة النفط إلى “اعادة النظر بزيادة الاسعار والابتعاد عن خلق مأساة جديدة لإنهاك القطاع الخاص والتوقف عن هذه السياسات التي تعد بعيدة عن بيئة السياسة النفطية”. انتهى م4
المصدر: الوكالة الرسمية