الكاتب || مصطفى علي شلال الدراجي
القدس ونظرية التكرار بين الامام الخميني وغوبلز
يعتبر التكرار من الاساليب الدعائية المتميزة التي اثبتت فعاليتها في شتى المجالات سواء في التسويق أم في تركيز بعض الأشياء المراد تركيزها ، ويجب أن يكون التكرار في صور مختلفة لكنها تتوافق وتنسجم في نهاياتها لتحقيق الهدف المطلوب، وما ان يأتي ذكر هذه النظرية حتى يأتي ذكر غوبلز ( سياسي نازي ألماني ووزير الدعاية في ألمانيا النازية الهتلرية من عام 1933 إلى عام 1945 ) فتُنسب له على انه صاحب الاختراع متغافلين عن ان التكرار جاء قبل ان يولد غوبلز بدهور اي منذ ان انزل الله تعالى كتبه السماوية حتى أننا نجد ان غوبلز نفسه يشير في احدى اشاراته الى قدم هذه النظرية فيقول في هذا الصدد أن الكنيسة الكاثوليكية قد استطاعت البقاء لأنها تكرر نفس الشيء منذ الفين من الأعوام . وعند مراجعتنا للقران الكريم نجده قد كرر بعض المصطلحات التي أراد ان يركزها في اذهاننا ، فمثلاً نجده قد أورد كلمة (الجنة) ومشتقاتها ( 150) مرة ، وكذلك أورد كلمة (النار) ومشتقاتها ( 145 ) مرة بعدة طرق وبأساليب مختلفة مع انها من اليقينيات لكنه عزَّ وجل أراد من خلال تكرارها ان يغرسها غرساً في اذهاننا. اما كلمة (الرحمة) جاءت فوق ما نتصور فقد تكررت ( 268 ) مرة بمختلف الاشتقاقات.
لكننا يمكن ان نقول ان غوبلز استطاع استثمار التكرار في اساليبه الدعائية ابان الحرب العالمية الثانية ويمكن ان نطلق عليه مصطلح (التكرار النظري) لتمييزه عن (التكرار العملي) الذي ذهب اليه الامام الخميني في واقعة هي من اشهر الوقائع في التأريخ الحديث بعد انتصار الثورة الإسلامية في ايران ، حيث اطلق شعار (يوم القدس العالمي) بعد انتصار الثورة بأشهر قليلة وطبقه على ارض الواقع وألزم جميع الشعوب المناصرة للحق والمعادية للباطل العمل به وتكراره سنوياً سواء داخل ايران او خارجها وهو الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك وكان يبغي من وراء ذلك إبقاء جذوة الثورة الفلسطينية مشتعلة ولترسيخ مفهوم ان الشعب الفلسطيني المظلوم لابد ان يتحرر من نير الاستعمار وترجع فلسطين الى ساحة الدول الإسلامية والى أهلها ، ونتيجة لهذا التكرار العملي نجد ان معظم الشعوب الإسلامية بل حتى غير الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها اخذت تعي اولاً ان هناك شعباً مظلوماً اسمه الشعب الفلسطيني بل الكثير منها بدأ في السنوات الأخيرة ينظّم مسيرات حتى وان كانت بسيطة لكنها نبهت الرأي العام العالمي الى القضية الفلسطينية وهذا ما لمسناه لدينا في العراق بعد عام 2003 حيث بدأت بواكير يوم القدس بمجاميع صغيرة لكنها اشعرت الاخرين بأن عليهم السعي لجعل هذا اليوم يوماً للانتصار على الظالمين وفعلاً شهدنا في السنوات الأخيرة مسيرات حاشدة في هذا اليوم بل استعراضات عسكرية في إشارة مباشرة الى ان التحرير سيكون على أيدينا وهذا من بركات ( التكرار العملي ) للسيد الامام الخميني (رض ).
المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة
بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني