إكرام المحاقري ||
في السابع من شهر آب/أغسطس من عام 1979 المصادف للثالث عشر من شهر رمضان المبارك عام 1399ﮪ ، في حين بداء الكيان الغاصب للقدس جولة جديدة من الاعتداءات الوحشية على لبنان وارتكب الكثير من الجرائم البشعة فيه ، بادر الإمام الخميني – رضوان الله عليه – إلى إعلان أخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك يوما عالميا للقدس ، داعياً كافة مسلمي العالم للتضامن الجاد والعملي في هذا اليوم العظيم مع القضية المركزية للأمة (فلسطين) .
حين ذاك لم تكن اللوبية الصهيونية قد تمكنت من قرار معظم الحكومات الإسلامية والعربية ، ولم يكن سم سرطانها قد تغلغل في أوساط المجتمعات المسلمة ثقافة انفتاح وتطبيع ومعايشة وما إلى ذلك من السموم الفكرية التي نفثها افاعي اللوبية الصهيونية في عموم الدول العربية .
تحرك الإمام الخميني – رضوان الله عليه – وأقر أخر جمعة من شهر رمضان يوما عالميا للقدس في ظل وقت طالت فيه اليد الصهيونية الأراضي اللبنانية ولم تكتفي باحتلال فلسطين ، وهذا هو المشروع السرطاني الذي يبدأ رحلته من المعدة وينتهي في القلب !
ثارت الشعوب ، وأيدت الحكومات ، وصرخ المسلمون بأن القدس لنا ولتمت إسرائيل ، حيث وهذا اليوم العظيم حفز الأمة الإسلامية لنصرة المقدسات الإسلامية وتحريرها من أغلال الصهاينة ، وخرجت المسيرات المليونية ولم يكن انذاك وجود لمصطلحات “الروافض والمجوس” كما هو الحاصل اليوم بالمنطق التكفيري ، بل كانوا جميعهم أنصار للقدس ولفلسطين ، ومنهم من كان عميل للصهاينة لكنه اخفى عمالته حتى إشعار آخر وأجل مسمى ، وكان يمثل دور الحاكم الثائر والمتوعد للقصاص ممن سولت له نفسه باغتصاب القدس خائفا من العار الذي سيلم به إذا ما اتضحت للشعوب حقيقة توجهه !!
تطورت الأحداث ، وتمدد الاحتلال الثقافي حتى سيطر السيطرة الكاملة على غالبية الحكومات والشعوب العربية ، وحتى ابتعدت الإمة الإسلامية عن ربها وكتابها وقضاياها المركزية والمفصلية ، وتمكن اللوبي الصهيوني حتى من الوصول إلى قرارت العرب والتحكم في المناطقة العربية بالأضافة النظر عن التحكم والاحتلال المحكم للقدس وسيناء..
لكن الإمام الخميني – رضوان الله عليه – كان يمتلك رؤية قرآنية ثاقبة ، ليست لتلك الأيام التي مضى عليها الدهر فقط ، بل لأيامنا هذه التي باتت الأمة الإسلامية محتاجة فيها لألف مناسبة عالمية خاصة بالقدس حتى تلتفت إلى مسرى الرسول – صلوات الله عليه وآله – وقبلة المؤمنين وثالث الحرمين الشريفين التي دنسته الصهيونية وحولته إلى هيكل خاص بهم وبخرافاتهم الشيطانية ، فالشعوب الحرة اليوم وفي ظل الحرب الثقافية الشعواء مازال لديهم جملة من الأمل في هذا اليوم العالمي للتمسك بالقدس وتحريره من وطأة الإحتلال الصهيوني والتنكر للتطبيع الذي هو في الأساس الولاء لليهود ، لذلك فالعرب اليوم محتاجون لاحياء يوم القدس العالمي حتى تُبعث الضمائر الميتة المرتهنة لأمريكا .
أثناء الحرب على لبنان نطق الخميني حقا ، وفي ظل حرب على الإسلام والقرآن والمستصعفين في العالم يجب أن تنطق جميع الشعوب الحرة حقا ولتنصر القدس والقضية والاسلام المحمدي الاصيل ، ولترفض الامة الإسلامية بجميع طوائفها موضة التطبيع مع الصهاينة بجميع الوانه ومجالاته ، فالتطبيع هو البيع للدين والمقدسات ، وبيع للعروبة وتفريط في نخوتها ، وليكن هذا اليوم محطة تحفيزية تنهض فيه الأمة الإسلامية من غفلتها ، فالقدس الذي لطالما عول على المقاومة ، هو اليوم يستبشر بمواقف الشعوب العربية ، وليس تلك الحكومات التي وقعوا في {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} .