تركيــا..حبس الماء جريمة..عاقبته الدمار

جـواد السَّـــعَيــّْد العبـــادي ||

﴿ وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ ۖ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ ﴾ – القمر- ٢٨
حبس الماء عن الخلق جريمة يعاقب عليها الله ويحاسب عليها القانون الدولي وهذا مانصت عليه الاتفاقيات الدولية بخصوص تنظيم المياه بين الدول المتشاطئة…
تعمدت الحكومات التركية المتعاقبة ومنذ عقد السبعينيات من القرن المنصرم بانتهاج سياسة عنجهية اتجاه جيرانها العرب في سوريا والعراق وتعاملت معهم بمنتهى الخسة واللئم والتعالي…

فرفعت شعار الماء مقابل النفط بعد أن قررت إقامة السدود على مجاري نهري دجلة والفرات ومنعت تدفق المياه إلى سوريا والعراق فتحولت أراضي العراق الخصبة إلى يباب و الأهوار الى مستنقع آسن وخربت الطبيعة بشكل كامل وتغير المناخ إلى أسوء حال في كل فصول السنة أما المياه فصار الفرات العذب ملحاً أجاجاً وشط العرب لا يصلح للاستعمال حتى في البناء دون الاستعمال البشري…وتضررت الزراعة والثروة الحيوانية إلى حد كبير في الوسط والجنوب.

وتشير التقارير إلى أن كميات المياه المخزنة في سدود تركيا إلى ما يزيد على 600 مليار مكعب وهذه الكمية الهائلة تستخدمها تركيا في الزراعة وتوليد الطاقة الكهرومائية التي بدورها تستخدم في تشغيل المصانع العملاقة… مع العلم ان هذه السدود تقع ضمن منطقة حيوية في جنوب شرق تركيا يعتمد الاقتصاد التركي عليها اعتمادا كبيرا.. علما ان هذه المنطقة تقع ضمن نطاق الزلازل المعروف عالميا لكن الحكومة التركية لم تعبأ بذلك ولم تنظر إلى خطورة الوضع الجيولوجي في المنطقة وافرطت في إقامة الإنشاءات والمصانع العسكرية والموانئ…

وأشار بعض المتخصصين في علم الجيولوجيا والزلازل ان احد اسباب الزلزال كانت هذه السدود الخرسانية وكميات المياه المخزنة الهائلة التي ساعدت على تخلل التربة مما يسهل عملية الانهيار عند وقوع الزلزال.

لا ننسى ان منطقة الزلزال في جنوب شرق تركيا هي منطقة حيوية اقتصاديا وتضم مكونات سكانية معارضة للنظام السياسي التركي وهذا خطر يهدد الدولة التركية بالتقسيم ومن المحتمل وقوع حرب أهلية في الأيام القادمة وبدعم خارجي وهذا ما يقلق حكومة أوردغان على الرغم من نفوذه السياسي والشعبي وسيطرته على القوات المسلحة.

اذن لم يكن الزلزال كارثة طبيعية مروعة فحسب بل وضعت حكومة اوردغان في وضع حرج للغاية وأصبحت حكومته تعاني من وضع سياسي ينذر بالانفجار وهذا يحتم عليه فرض السيطرة الكاملة على المنطقة ولهذا رفض تدخل القوات الأمريكية في عمليات الإنقاذ تخوفا من مساعدة الكرد لإقامة دولتهم أو إقليمهم في جنوب شرق تركيا.. وكذلك هناك أزمة اقتصادية حادة بسبب دمار المصانع والطرق ومحطات توليد الكهرباء إضافة إلى كميات مياه هائلة مخزنة تهدد هذه المنطقة الحيوية بالغرق منا يزيد الأحوال سوءً، فهو واقع بين خيارين أحلاهما مر:

الأول: أما أن تبقى السدود مغلقة وهذا يعرض المنطقة إلى الفيضانات والغرق وتخريب الأرض والمنشآت والطرقات وسكك الحديد وتزداد المنطقة دمارا..
الثاني: أن تفتح السدود لتتدفق المياه إلى الأراضي السورية والعراقية وهذا يؤدي إلى نقص في كميات المياه التي تعتمد عليها محطات توليد الطاقة التي تزود المنشآت والمصانع وهذا سيودي إلى توقف محطات توليد الكهرباء ومن ثم تتعاظم الأزمة الأقتصادية.

وهنا سيتعرض كل من سوريا والعراق إلى خطر داهم في حالة فتح السدود بشكل مفاجئ دون التنسيق بين تركيا وسوريا والعراق، فتصريف المياه وبهذه الكميات الهائلة سيعرض الدولتين إلى الفيضانات وغرق المدن وتخريبها وتدمير أراضيها وهذه أضرار بالغة تتحمل مسؤوليتها الحكومة التركية وهذا ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية الخاصة بتقسيم المياه بين الدول المتشاطئة لأن تركيا ملزمة بالتنسيق مع سوريا والعراق قبل فتح المياه ليتخذا استعداداتهما تجنبا لحدوث أي طارئ مثل انهيار السدود او الفيضان وما ينتج عنه من اضرار بالزراعة بتخريب شبكات الري وتغيير مجاري الأنهار والإضرار بالزراعة والمنشآت الصناعية والصحة وغيرها…

– أما ما يتوجب على الحكومة العراقية اتخاذه من تدابير وخطوات:

* استخدام هذه الورقة للضغط على الحكومة التركية لسحب قواتها من الأراضي العراقية في الشمال.
* اشعار الحكومة التركية بخطورة الموقف وتحذيرها اذا ما فتحت السدود بشكل مفاجئ دون التنسيق مع العراق. وتتحمل كافة المسؤوليات بما فيها دفع تعويضات الخسائر وفقا للاتفاقيات التي تنظم توزيع المياه بين تركيا والعراق.
* اشعار المنظمات الدولية المختصة بتنظيم الموارد المائية بين الدول بتصرفات الحكومة التركية.
* تعبئة الرأي العام العراقي والاقليمي والدولي ليكون ضاغطا بمطالبة تركيا على تحمل المسؤولية.
* تشكيل خلية أزمة لمتابعة كل مايجري ووضع الحلول السريعة خصوصا قرب العاصمة بغداد و المدن الكبيرة.
* استعداد القوات المسلحة والدفاع المدني لمواجهة الفيضانات.
* الاستعانة بالعشاير في المناطق الريفية.
*اعداد خطة لتأمين الغذاء و تهيئة المخازن لاستقبال اكبر كمية من المواد الغذائية.
نأمل أن لا يرتكب أوردغان حماقة بفتح السدود بشكل مفاجئ فيعم الضرر كل دول المنطقة وسيكون قد ارتكب جريمتين في حبس المياه واطلاقها لاغراق بلدين جارين واخرابهما وايذاء شعبيهما.

المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة

بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني

[email protected]

شاهد أيضاً

التعداد العام للسكّان..!

الشيخ حسن عطوان ||

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *