أكد رئيس المحكمة الاتحادية العليا القاضي جاسم محمد عبود إلزام رئيس الجمهورية بالمصادقة على قانون تنظيم عمل المستشارين، وفيما حذر من استمرار الفساد في العراق، شدد على استقلالية مفوضية الانتخابات وإجراء التعديلات.
وقال القاضي عبود في مقابلة تابعتها ( الغدير ) أن “المادة 93 من الدستور حددت اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا والتي من ضمنها النظر في القضايا التي تتعلق بدستورية القوانين وتفسير نصوص الدستور، وايضا الطعن بصحة القرارات والانظمة والتعليمات والاجراءات التي تصدر من السلطة الاتحادية”.
ديباجة الدستور
وأضاف، أن “ديباجة الدستور العراقي تضمنت أن العراق بعد أن مرَّ بمراحل صعبة وحرجة تمثلت بالتكفير والإرهاب إلا إن ذلك لم يثني العراق من أن يمضي قدماً لبناء دولة القانون، ولم توقف الطائفية والإرهاب والعنصرية من أن يسير الشعب العراقي بتعزيز الوحدة الوطنية وانتهاج سبيل التداول السلمي للسلطة وتبني اسلوب التوزيع العادل للثروة، ومنح تكافؤ الفرص لجميع العراقيين”، مؤكدا أن “الالتزام بهذا الدستور يحفظ العراق اتحاده الحر شعبا وارضا وسيادة، وهذا ما ورد في ديباجة الدستور والتي تعتبر جزءا من الدستور”.
واوضح، ان “المادة (1) من الدستور نصت على ان جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، ونظام الحكم فيها جمهوري نيابي برلماني ديمقراطي وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق اي ان الغاية من هذا الدستور هو بناء نظام ديمقراطي برلماني والغاية الرئيسة منه الحفاظ على وحدة العراق من شماله الى جنوبه”، لافتا الى ان “المادة 109 من الدستور نصت على أن تحافظ السلطات الاتحادية على وحدة العراق وسلامته وسيادته ونظامه الديمقراطي الاتحادي اي ان بموجب الدستور، فأن مهمة جميع السلطات الاتحادية الحفاظ على وحدة العراق ولا يجوز لاي سلطة اتحادية ان تنتهج اي سبيل يؤدي الى عدم تحقق هذه الوحدة”.
وتابع، ان “المادة 129 من الدستور نصت على ان تنشر القوانين في الجريدة الرسمية وهذا مهم جدا، ويعمل بها من تاريخ نشرها ما لم ينص في القانون على خلاف ذلك، وبالتالي نشر القانون وجوبا لكي يعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية”، منوها بأن “الدستور حدد اختصاصات رئاسة رئيس الجمهورية بالتالي عندما يُحدد اختصاصات لرئيس الجمهورية ولرئيس مجلس النواب او لرئيس الوزراء فان هذه الاختصاصات لا يجوز أن تهمل ولا يجوز ايضا أن تستخدم لغير الغرض التي شرعت من أجله بموجب الدستور وإنما يجب أن تطبق وفق ما يحقق للعراق مصلحته شعباً وارضاً وسيادة”.
مهام رئيس الجمهورية
ولفت إلى أن “المادة 73 ثالثا من الدستور نصت على ان يتولى رئيس الجمهورية الصلاحيات التالية: يصادق ويصدر القوانين التي سنها مجلس النواب، وتعد مصادق عليها بعد مضي خمسة عشر يوما من تاريخ تسلمها، وهذا من ضمن اختصاصات رئيس الجمهورية هو المصادقة واصدار قوانين التي سنها مجلس النواب”، مؤكدا ان “قانون تنظيم عمل المستشارين تم التصويت عليه في جلسة مجلس النواب رقم 35 في 15/5/2017 ونصت المادة 7 بان ينفذ هذا القانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية”.
واكد ان ” نشر القانون في الجريدة الرسمية وجوبي لغرض تطبيقه، بينما عدم نشره وعدم المصادقة عليه من قبل رئيس الجمهورية تعتبر مخالفة لاحكام دستور جمهورية العراق وفق ما تم في المادة 73/ثالثا”، موضحا ان “المحكمة قررت الزام رئيس الجمهورية بوجوب المصادقة واصداره ونشره في الجريدة الرسمية.”
قانون المحكمة الاتحادية
وحول تعديل قانون المحكمة الاتحادية بين القاضي عبود، ان “المحكمة الاتحادية لم تقدم اي مقترح بخصوص موضوع تعديل الدستور سواء منها ما يتعلق بالمواد الخاصة بالمحكمة الاتحادية أو بغيرها”، لافتاً إلى أن “المحكمة الاتحادية حاليا تعمل في ضوء ما وجد في ما نص عليه الدستور في المادة 92 و93 باعتبارها هيئة قضائية مستقلة ماليا واداريا”.
مفوضية الانتخابات
وبشأن رأي حل مفوضية الانتخابات وايجاد بديلا عنها، قال رئيس المحكمة الاتحادية العليا، إن “المفوضية العليا للانتخابات تخضع لرقابة مجلس النواب”، مبينا أن “المادة 102 من دستور جمهورية العراق نصت على أن تعد المفوضية العليا لحقوق الانسان، والمفوضية العليا مستقلة للانتخابات وهيئة النزاهة هيئات مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب وينظم عملها في قانون”.
وتابع أن “خضوع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لرقابة مجلس النواب لا يعني التدخل في عملها، وهذا ما جاء في قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم 156 وموحداتها 160 الاتحادية 22 في 26/9/2022 جاء في القرار ان خضوع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لرقابة مجلس النواب لا يعني التدخل في عملها، اذ ان منتسبي الهيئة وكل حسب اختصاصه مستقلون في اداء مهماتهم المنصوص عليها في القانون، ولا السلطان عليهم في عملهم غير القانون، اذ ان حق التصويت والانتخاب والترشيح وبموجب الدستور هو اساس بناء الديموقراطية ودولة القانون في العراق”.
ومضى بالقول ان “من اهم السبل لتحقيق ذلك هو ايجاد هيئة مستقلة لغرض ادارة العملية الانتخابية وعدم التدخل بشأنها سواء من قبل سلطات الدولة او من قبل الجهات والكتل السياسية”، مؤكداً أن “مرجعية المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الى الجهات السياسية يفقد استقلاليتها ودورها الرئيسي في ايجاد السبل الصحيحة لاجراء انتخابات حرة وعادلة تضمن مشاركة الجميع وتضمن اعطاء الحقوق كافة لابناء الشعب العراقي من ضمنه حق التصويت والانتخابي والترشيح”.
ولفت الى ان “ايجاد مفوضية مستقلة الانتخابات ضروري جدا باعتبار دستور جمهورية العراق من سنة 2005 وهذا ما جاء في قرار المحكمة الاتحادية العليا، نص المادة 5 منه على ان السيادة للقانون والشعب مصدر السلطات وشرعيتها يمارسها بالاقتراع السري وعبر مؤسساته الدستورية”، مؤكدا ان “عدم تحقق ذلك يمثل غياب كل مقومات النظام النيابي البرلماني الديمقراطي وبالتالي يصبح اساس ذلك النظام مجرد مبادئ مسطرة في مواد الدستور واصبح من المسّلم أن وجود انتخابات تنافسية وحرة هي الفارق الأكبر بين الأنظمة الديموقراطية وغير الديموقراطية، حيث ان قوام الديموقراطية يكون في مشاركة الشعب في الحياة العامة وفي ادارة البلد وفي احترام الحقوق والحريات العامة”.
وتابع “وكذلك جاء في قرار المحكمة الاتحادية انه وجوب اعتبار سلطة الاقتراع سلطة رابعة ومستقلة يؤدي ذلك الى ايجاد انتخابات حرة ونزيهة والتي تعتبر هي الدافع الرئيسي للمشاركة في هذه الانتخابات”.
الية انتخاب رئيس الجمهورية
وحول المواد الخاصة بالية انتخاب رئيس الجمهورية اوضح، ان “هناك نص دستوري موجود ولا يجوز تجاوز ذلك النص في الوقت الحاضر”، لافتا الى ان “موضوع تعديل هذه المواد من عدمها متروكا للجهات المختصة وهذا لا يخص المحكمة الاتحادية العليا”.
ملف الفساد
وحول الفساد المالي والإداري في البلد أشار القاضي عبود إلى أن “الفساد في العراق نوعان: كبير وآخر صغير”، مبيناً أن “الفساد الصغير هو الذي يرتكب من قبل صغار الموظفين، وهذا يؤدي الى فقدان ثقة المواطن العراقي بالوظيفة العامة، لذلك الآن أغلب المواطنين العراقيين فقدوا ثقتهم بالوظيفة العامة وأن كان في بعض الأحيان يوجد عدد كبير من الموظفين يتمتعون بالنزاهة العالية ولكن هذه الثقافة حاليا سائدة في المجتمع العراقي ترتكز إلى أسس أدت إلى انتشار هذه الثقافة”.
وتابع: “على سبيل المثال المواطن العراقي عندما يذهب الى اي دائرة من دوائر الدولة يتعرض الى موضوع ابتزاز لكي يتم إنجاز معاملته، هذا الفساد ادى الى فقدان ثقة المواطن بالوظيفة العامة في حين كان النظام الإداري في العراق من أبرز الأنظمة الإدارية في الشرق الاوسط”، لافتاً إلى أن “الفساد الكبير هو الذي يرتكب من قبل كبار الموظفين أو من قبل بعض الجهات السياسية، هذا الفساد هو الذي يعيق بناء الدولة”.
وبين أن “عدم ايجاد استراتيجية وطنية حقيقية، ونية لمحاربة الفساد سبب عدم وضع حد لهذا الفساد، وبالتالي عندما توجد هناك نية حقيقية سياسية لانهاء الفساد سوف ينتهي ، وعندما لا نجد هذه النية الحقيقية سوف لن ينتهي هذا الفساد”.
سرقة القرن
وبشان سرقة القرن أوضح القاضي عبود أن “المحكمة الاتحادية العراقية العليا اختصاصاتها محددة بموجب المادة 93 من الدستور وليس من ضمن اختصاصاتها هذا الموضوع”.
حكومات تصريف الأعمال وإلغاء قراراتها
وفيما يتعلق بإلغاء القرارات المترتبة على حكومات تصريف الأعمال قال، إن “المحكمة العليا أصدرت قرارها بالعدد 120 اتحادية 22 في 15/5/2022 في موضوع تفسير الامور اليومية وانطلقت في ذلك في قرارها من المادة 42 على اولا من النظام الداخلي لمجلس الوزراء رقم 2 لسنة 2019 التي نصت على ان يستمر مجلس الوزراء في تصريف الامور اليومية للدولة الى حين تشكيل الحكومة الجديدة في الحالات التالية: أ/انتهاء الدورة الانتخابية لمجلس النواب، ب/، سحب الثقة من مجلس الوزراء او رئيسها، ج/ حل مجلس النواب”.
وتابع، “كما نصت الفقرة الثانية من ذات المادة 42 يقصد بتصريف الأعمال، تصريف الأمور اليومية أي اتخاذ قرارات وإجراءات غير القابلة للتأجيل التي من شأنها استمرار عمل مؤسسات الدولة والمرافق العامة بانتظام ولا يدخل من ضمنها كاقتراح مشروعات القوانين او عقد القروض او التعيين في المناصب العليا في الدولة والاعفاء منها او اعادة هيكلية الوزارات والدوائر”، مبيناً أن “المحكمة الاتحادية العليا وصلت إلى التفسير الآتي: (إن حكومة تصريف الأمور اليومية تعني الحكومة المتحولة من حكومة طبيعية بكامل الصلاحيات إلى حكومة محدودة الصلاحيات ويتحقق ذلك بحالتين، الأولى بسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء الى حين تأليف مجلس وزراء جديد استنادا لاحكام مادة 61/ ثانيا على )أ – ب- ج – د -) والثانية عند حل مجلس النواب وفقا لما جاء في المادة اربعة 64/ اولا من الدستور)”.
ومضى بالقول، انه “في كلتا الحالتين يعد مجلس الوزراء مستقيلا ويواصل تصريف الأمور اليومية من ضمنها اتخاذ قرارات والإجراءات التي من شأنها استمرار عمل سير المرافق العامة بانتظام وديمومة استمرار تقديم الخدمات للشعب ولا يدخل ضمنها القرارات التي تنطوي على اسباب ودوافع سياسية ذات تأثير كبير على مستقبل العراق السياسي والاقتصادي والاجتماعي ولا يدخل كذلك ضمنها اقتراح مشاريع القوانين وعقد القروض او التعيين في المناصب العليا للدولة والاعفاء منها او اعادة هيكلة الوزارات والدوائر”.
وبين ان ” قرارت جلسة مجلس الوزراء الأولى للحكومة الجديدة بشأن الغاء التعيينات الخاصة بالدرجات العليا في حكومة تصريف الاعمال كان قراراً صائباً”.
قانون الأحوال الشخصية بكردستان
وبشأن المادة 18 من قانون الأحوال الشخصية مع إقليم كردستان حول الزواج الثاني، ذكر رئيس المحكمة الاتحادية، أن “هذا الموضوع تضمن الطعن بعدم دستورية احكام المادة الثامنة عشر من قانون رقم 15 لسنة 2008 قانون تعديل التطبيق قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 معدل في إقليم كردستان العراق المعدلة للفقرة خمسة من المادة الأربعين من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل، حيث نصت المادة محل الطعن على يوقف العمل بالفقرة خمسة من المادة الأربعين من القانون ويحل محلها ما يأتي: (خمسة /إذا تزوج الزوج بزوجة ثانية يحق للزوجة الأولى طلب التفريق)”.
وتابع أن “المحكمة توصلت على أن ذلك مخالف لاحكام المادة 2 على واحد من دستور جمهورية العراق التي نصت على لا يجوز سن قانوني يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام لذا يكون نص المادة الثامنة عشر من قانون رقم 16 لسنة 2008 قانون تعديل تطبيق قانون الاحوال الشخصية رقم 188 سنة 1957 المعدل في اقليم كردستان الصادر عن المجلس الوطني لكردستان (برلمان كردستان) غير دستوري ومخالف للدستور لذلك نصت على عدم دستوريته)”. انتهى .. ت/ 6