منذ قيام الثورة الإسلامية ضد نظام الشاه، عملت الجمهورية الإسلامية الإيرانية على تطوير قدراتها في مختلف المجالات، بالاعتماد على خبرات شبابها ومفكريها ومبدعيها، في إطار السعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي وإلغاء الاعتماد على الغرب كما كان سائداً أيام الشاه
ونجحت إيران في تحقيق إنجازات سياسية وعسكرية واقتصادية وعلمية كبيرة خلال وقت قصير، وهذا ما مكّنها من تعزيز دورها المحوري على الصعيدين الإقليمي والدولي.
حققت الجمهورية الإسلامية خلال العقود الأربعة الماضية إنجازات ومكاسب عديدة على مختلف المجالات، ولعل أبرز الإنجازات التي تحققت على الصعيد السياسي هي قطع التبعية للغرب، واستقلالية القرار السياسي، وفي بداية انتصار الثورة قطعت إيران علاقاتها بالكيان الصهيوني التي أقامها نظام الشاه البائد، وحولت السفارة “الإسرائيلية” إلى السفارة الفلسطينية، في وقت لم تكن أياً من الدول الإسلامية تعترف بسفارة لدولة فلسطين، كما دعمت الجمهورية الإسلامية فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني، ودعمت فصائل المقاومة العراقية ضد قوات الاحتلال الأميركي، ووقفت إلى جانب سوريا والعراق في التصدي لتنظيم داعش وباقي الجماعات الإرهابية.
كما حققت الجمهورية الإسلامية الإيرانية إنجازات نوعية على الصعيد الدفاعي، حيث حققت إيران الاكتفاء الذاتي في تصنيع المعدات العسكرية والدفاعية في مختلف الأنواع واستطاعت امتلاك القدرات الصاروخية بفضل جهود علمائها الشباب، إضافة إلى تصنيع مختلف الأسلحة البرية والبحرية والجوية مثل الدبابات والمدافع والطائرات المقاتلة والمسيرات والبوارج والزوارق الحربية، وعلى الصعيد الأمني اعتبرت إيران خلال السنوات الماضية من أكثر الدول المستقرة أمنياً في المنطقة المضطربة والحافلة بالتوترات السياسية والعسكرية.
أما فيما يخصّ الإنجازات الاقتصادية والعمرانية فقد شهدت الجمهورية الإسلامية نهضة صناعية وعمرانية، حيث تم إنشاء عشرات المدن الصناعية في جميع محافظات البلاد، إضافة إلى إنشاء عشرات السدود، وزاد الإنتاج الزراعي وحققت إيران الاكتفاء الذاتي في العديد من المحاصيل الزراعية مثل القمح، وعلى صعيد الخدمات تمكنت الجمهورية الإسلامية من تحقيق الاكتفاء الذاتي في الطاقة الكهربائية وتم تصدير الفائض من الطاقة إلى دول الجوار مثل العراق وأرمينيا، في حين تم إيصال الكهرباء إلى جميع القرى في المناطق الريفية، كما تم إيصال أنابيب المياه الصحية إلى معظم القرى، وتم إنشاء شبكات الغاز المنزلي في أغلب المحافظات.
وحفّز انتصار الثورة الإسلامية الباحثين الإيرانيين على تحقيق الإبداعات والاختراعات في مختلف المجالات العلمية والطبية، حيث تمكنت إيران من امتلاك الطاقة النووية السلمية بجهود علمائها الشباب بالرغم من محاولات ومؤامرات الدول الاستكبارية لعرقلة برنامجها النووي للأغراض السلمية، كما استطاعت الجمهورية الإسلامية تأسيس برنامج فضائي أطلقت خلاله عدة مركبات فضائية وأقمار صناعية للاتصالات والبحث العلمي، وتم إنشاء عشرات الجامعات في مختلف المدن، كما زاد عدد الطلاب الجامعيين عن أربعة ملايين طالب، وباتت وتيرة التقدم العلمي أكثر من المعدل العالمي، وحققت إيران أيضاً تطوراً في تقنية النانو وزراعة الخلايا الجذعية إضافة إلى إجراء عمليات زرع الأعضاء مثل القلب والكلية والكبد.
وشهدت الساحة الثقافية في إيران كذلك تطوراً كبيراً، فقد نشطت الحركة السينمائية والمسرحية بعيداً عن مظاهر الابتذال الموجودة في السينما الغربية، وحصدت الأفلام الإيرانية العديد من الجوائز والتكريم في المهرجانات العالمية مثل كان وبرلين، حيث تناولت تلك الأفلام قضايا إنسانية واجتماعية بطريقة احترافية.
إن جميع ما سبق مكّن الجمهورية الإسلامية الإيرانية من امتلاك قرارها الوطني المستقل، وعدم رضوخها للأوامر الأمريكية والغربية، رغم الضغوط السياسية والعقوبات الاقتصادية الضخمة للتأثير على السياسة الإيرانية الخارجية، لكن طهران حافظت على استقلالها وسيادتها الوطنية وقرارها الرافض للتبعية الغربية، فما كان من الغرب إلا العمل على محاولة ضرب الاستقرار في إيران من الداخل، عبر محاولة إشعال الفوضى وافتعال أعمال الشغب ودعم العناصر التخريبية، بهدف كسر وحدة الصف الداخلي الإيراني، وإشغال إيران بالصراعات الداخلية حتى تتمكن الدول الغربية من تحقيق مُرادها بتدمير مفهوم الدولة في إيران، فهل يقبل أبناء الشعب الإيراني بأن يعودوا إلى زمن التبعية الأمريكية وأن يدمروا جميع الإنجازات التي حققتها الثورة الإسلامية
المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة
بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني