في اجواء الانتخابات من البديهي ان يمارس كل تحالف او حزب او مرشح حقه في تعريف نفسه لاقناع الناخبين بالتصويت له.
وفي ظل وحدة البيئة الانتخابية ووحدة الجمهور المستهدف يزداد احتمال وجود الاحتكاكات بين القوى المختلفة لأنها تتنافس على البيئة نفسها، ومن أجل تنظيم عمل الجميع في البيئة نفسها بأسلوب التنافس الشريف وليس التنافس السلبي، تقوم الاطراف المختلفة عادة بتوقيع ميثاق شرف يضع خطوطا حمراء للدعاية الانتخابية لمنع التجاوز على المنافسين، وكان يفترض ان يوقع المعنيون في الانتخابات المقبلة مثل هذه الوثيقة، الذي يجري الآن.
ان بعض اصحاب الدعاية الانتخابية لا يعتمدون على استعراض حسناتهم وانجازاتهم لاقناع الناخب بل يعتمدون على اسقاط المنافسين، وهذا هو الخيار الأسوأ في الدعاية الانتخابية، لان عمليات الاسقاط والتشويه اذا بدأت فهي لا تنتهي عند حد، خاصة اذا كانت تعتمد أسلوب تصيد اخطاء المقابل وهي كثيرة عادة لأن الانسان خطاء والناس غير معصومين، ومثلما للمنقود اخطاء فللناقد اخطاء قد تكون اسوأ، هذا الأسلوب في الدعاية فيه عواقب مخجلة تدعو للندم :
1- يؤدي الى اسقاط رموز قيادية وجهادية مهمة في المجتمع اصبحت جزء من هوية الامة وتراثها، وقدوة للاجيال، وهذا امر له عواقب خطيرة على مفهوم القدوة والاقتداء، لذلك كانت اهم اهداف الحرب الناعمة على المقاومة هو (اسقاط القدوة) وقس على ذلك.
2- اذا حاولت اسقاط منافس لك وشريك في البيئة الانتخابية تكون قد اسقطت نفسك، لأن منافسك اليوم سيكون حليفك غدا بعد الانتخابات، تحميه ويحميك وتثق به ويثق بك، فكيف ستفعل ذلك وانت قد اسقطته؟
3- عندما يكون منافسك اليوم من بيئتك الانتخابية ومن مكونك ومعك في خندق واحد، وهذا التنافس بينكما مؤقت اما التحالف بينكما فهو دائم، فما هي المصلحة من وراء القدح به واسقاطه؟ والشاعر يقول : وظلمُ ذوي القربى اشدُ مضاضةً على النفسِ من وقعِ الحسامِ المُهنّدِ.
4- كل مسلم يعرف ان البهتان وذكر الانسان لأخيه بما يسؤه بالباطل هو سلوك يسلب التوفيق ويعرض الفاعل الى غضب الله مالم يتب ويسترضي من ظلمه، وهذه فروض الطاعة والصلاح لاتفارق المؤمن اينما حل او ارتحل.
لذا ندعو اعضاء الاحزاب او المرشحين او الناطقين استحضار هذه الثوابت وعدم الانجرار وراء الانفعالات والحسابات المؤقتة وحب التشفي، لأن اسلوب الاسقاط يشي للمراقب بأن المتحدث مفلس ليس لديه منجز لذلك فهو يعيش على اسقاط الآخرين، وهذا عنصر طارد في الدعاية الانتخابية وليس عنصرا جاذبا، كما ان محاولة الاطاحة برمز جهادي اجتماعي ترسخ اسمه في ثقافة الجيل يؤدي الى استعداء هذا الجيل وأثارة غضبه، وتشكيل أساس للكراهية داخل المكون وهو امر خطير يجب الحذر منه.