الحكومــــــة تطلق توجيهات عاجلة لإصلاح المصـــــــــارف.. ومعنيون يشككون بجدوى التنفيذ

بالتوازي مع تصاعد الضغوطات التي تواجهها الحكومة في إدارة الملف الاقتصادي، أصدر رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس الإثنين، توجيهاً عاجلاً لإدارات المصارف العراقية، مؤكدًا أن الدولة قطعت شوطاً في تنفيذ خطط إصلاحية شاملة تهدف إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وتأسيس نظام مالي فاعل يعتمد التقنيات الحديثة.

وأعلن السوداني أن مصرف الرافدين سينطلق برؤية جديدة بالشراكة مع مصارف مختصة، كما شدد على ضرورة دعم القطاع الخاص وتبسيط الإجراءات أمام المواطنين والمستثمرين، والعمل على توطين الرواتب والتوسع في الدفع الإلكتروني.

وأشار السوداني إلى أن الحكومة تسعى لخفض التدخل التفصيلي في القطاعات الاقتصادية، متبنية دور المنظم لا المتحكم، مؤكداً أن دعم الاستيراد المحلي والربط مع الشركات الأجنبية جزء من رؤية أشمل لتعشيق القطاعين العام والخاص. وبحسب ما ورد في بيان مكتب رئيس الوزراء، فإن هذه الإجراءات تترافق مع التزام المصارف بخطة إصلاح أعدتها شركة “أوليفر وايمن”، بوصفها خارطة طريق لمعالجة مشكلات القطاع المالي.

في المقابل، شكك معنيون بجدوى هذه التوجيهات ما لم تُقرَن بخطوات تنفيذية واضحة، تشمل استقلال المصارف عن التدخلات السياسية، وضمان الشفافية في التعاقدات مع الشركات الأجنبية، إضافة إلى تهيئة بيئة تشريعية حامية للمستثمرين، بعيدًا عن البيروقراطية والضغوط الحزبية.

وأشار متخصصون إلى أن استمرار الدولة في فرض وصايتها على القطاع المصرفي يتناقض مع تصريحاتها عن الشراكة، مطالبين بإجراءات واقعية تعزز ثقة المواطن بالنظام المالي وتضمن استقرار الاقتصاد بعيدًا عن الوعود المتكررة.

وفي هذا الشأن، شدد عضو اللجنة المالية النيابية، جمال كوجر، على أهمية ترجمة التوجيهات الحكومية المتعلقة بالإصلاحات المصرفية إلى خطوات عملية، مؤكداً أن النظام المالي والمصرفي في العراق “قديمان جداً ولم يتم تحديثهما منذ عشرات السنين”.

وأشار إلى أن “هذا الجمود يُبقي العراق بعيداً عن مواكبة التطورات المالية العالمية، فضلاً عن تفاقم الخلل البنيوي في هذين النظامين”.

وانتقد كوجر بشدة “التدخلات السياسية في القطاع المصرفي، مؤكداً وجود مصارف أُنشئت بضغط أو توجيه سياسي، وتتبع لأحزاب وجهات نافذة”.
واعتبر أن “إصلاح هذا الواقع يبدأ بإعادة صياغة النظام المصرفي بما ينسجم مع المعايير الدولية، ومراجعة شروط منح التراخيص المصرفية، إضافة إلى تطوير آليات عمل المصارف ومساهمتها في دعم القطاع الخاص”، مشيراً إلى أن “دور المصارف في العالم هو دور مساند ومكمل للحكومة”.

من جهته، أكد الخبير الاقتصادي محمد شريف أن هذه التوجيهات تأتي ضمن إطار ما يعرف بـ”برنامج الشمول المالي”، الذي يُعد أساسياً لأي دولة تطمح لتحقيق التنمية المستدامة.
وقال شريف إن القطاع المصرفي يمثل أولوية في الاستراتيجيات الاقتصادية، لا سيما في سحب الكتلة النقدية المكتنزة وتفعيلها ضمن الدورة المالية.

وأوضح أن “تحقيق هذا الهدف يتطلب استراتيجيات طويلة الأمد، إذ لا تزال حتى الدول المتقدمة تسعى لتكريس ثقافة الشمول المالي”. لكنه أشار إلى أن “المصارف العراقية، رغم إدخال بعض التقنيات الحديثة والدعم المقدم من البنك المركزي والحكومة، لا تزال غير مؤهلة للتعامل الفعّال مع الجمهور”، معتبراً أن “غالبية العاملين فيها يفتقرون لثقافة التعامل التنموي ويتصرفون بمنطق وظيفي تقليدي، وهو ما يشكل عائقاً أمام تحول المصارف إلى مؤسسات فعّالة في السوق”.

وبيّن شريف أن “الإصلاحات المصرفية لا تقتصر على المبادرات الحكومية، بل هناك جهات دولية تضغط من أجل تطوير القطاع المصرفي العراقي كجزء من خططها لدمج العراق في المنظومة الاقتصادية الإقليمية والدولية”.

وقال إن “البنك المركزي العراقي بات الأداة التنفيذية لتلك الجهات من خلال دعم إدخال النظم والتقنيات الحديثة، بما يهيّئ البيئة المصرفية لاستيعاب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية”.

شاهد أيضاً

المندلاوي يوجه بإدراج فقرة تثبيت عقود التربية بمقترح تعديل قانون الوزارة

وجه النائب الأول لرئيس مجلس النواب، محسن المندلاوي، اليوم الاثنين، لجنة التربية النيابية بإدراج فقرة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *